نشرت جماعة الإخوان المسلمين في مصر رسالة مفتوحة تحت عنوان “نفاق الغرب” تحدث عن كواليس المفاوضات والأحداث التي عاشها الرئيس المصري محمد مرسي وقيادات حزب الحرية العدالة في الأيام الأخيرة قبل الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال عبد الفتاح السيسي في الثالث من شهر يوليو الماضي.
وقالت الجماعة في البيان الذي نشر يوم أمس: “بدأ رؤساء وسفراء عدد كبير من دول الغرب يضغطون على الرئيس الشرعي المنتخب كي يتخلى عن صلاحياته الدستورية لرئيس وزراء (حددوه بالاسم) ويبقى هو رئيسا شرفيا، وذلك ليجهضوا مشروعه التحرري والاستقلالي بطريقة ناعمة فلما رفض، بدأ تحريض الجيش على التدخل لعزل الرئيس وإنهاء النظام”.
ورغم عدم ذكر الجماعة لاسم الشخص الذي حاولت السفارات الأجنبية فرضه على مرسي وعدم ذكرها للأسباب التي دفعتها إلى عدم ذكر اسمه، فإن أحد قيادي جماعة الإخوان المسلمين -طلب عدم ذكر اسمه- قال لمراسل الأناضول أن “الشخص الذي طرح اسمه لرئاسة الوزراء بحسب بيان الجماعة كان محمد البرادعي”، مضيفا أن “الإشارة إلى البرادعي في البيان دون ذكر اسمه جاءت احتراما للموقف الإنساني الأخير الذي اتخذه البرادعي بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة وحرصا علي عدم إقحام اسمه في جدل جديد يستغله المعارضون له بعد قراره الشجاع بتركه للمشهد وهو قريب لقمة السلطة على غير من دعم سلطات الانقلاب حتى الآن”.
مع العلم بأن البرادعي غادر القاهرة يوم 18 أغسطس/آب إلى النمسا، قاصدا منزله وسط العاصمة فيينا بعد أن استقال من منصب نائب الرئيس المصري للعلاقات الدولية يوم 14 أغسطس/آب الماضي، احتجاجا على المجازر التي وقعت عند فض قوات الجيش والشرطة لاعتصامات معارضي الانقلاب، في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، والتي راح ضحيتها مئات القتلى وآلاف الجرحى حسب الإحصائيات الرسمية لوزارة الصحة المصرية، جراء استخدام تلك القوات لما وصفته منظمات حقوقية دولية بـ”القوة المميتة”.
وأوضح المصدر ذاته أن اسم البرادعي طرح ثلاث مرات طوال العام الذي حكم فيه مرسي البلاد، وقال أن “المرة الأولى كانت مع تشكيل الرئيس مرسي للحكومة عقب توليه الرئاسة (يونيو/ حزيران 2012)، ورفض البرادعي حينها أن يكون رئيسا للوزراء في جمهورية رئيسها محسوب على تيار “الإسلام السياسي”.
وأما المرة الثانية فكانت إبان الإعلان الدستوري الذي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، عندما طالبت جبهة الإنقاذ الوطني بتشكيل حكومة تكون من خارج تيار الإسلام السياسي، ويكون فيها صلاحيات أكبر لرئيس الوزراء، وكانت المرة الثالثة التي طرح فيها اسم البرادعي لرئاسة الوزراء في أوائل شهر يونيو/حزيران الماضي، مع بداية حركة تمرد.
وقالت الجماعة في رسالتها أيضا: “أوباما قال: أن مصر لم تعد حليفا لأمريكا، ومن ثمّ عادت حكومات الغرب تحاول تغيير النظام، وأنفقت أمريكا مئات الملايين من الجنيهات من أجل إجهاض النظام والثورة حسب ما قالته الوزيرة فايزة أبو النجا وزيرة الاستثمار الدولي في تحقيقات قضية التمويل الأجنبي، إضافة إلى مليارات أنفقتها بعض الدول العربية الخائفة من الديمقراطية تحت سمع وبصر الغرب ومباركته”.
ووصفت الرسالة موقف الغرب الرسمي بأنه “منافق ويتناقض مع مواقفه ومواقف الرأي العام الشعبي والإعلام والمؤسسات العلمية والبحثية في الغرب تقطع بأن ما حدث إنما هو انقلاب عسكري ديكتاتوري دموي”، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي قام فيه وزير الدفاع بتعيين الرئيس المؤقت وتعطيل الدستور والقيام بمذابح رهيبة قتل فيها خمسة آلاف مواطن مصري وأصاب فيها أكثر من عشرة آلاف واعتقل عشرة آلاف وفرض حالة الطوارئ وحظر التجول.. إلى آخر أعمال القمع والإرهاب، وأصبحت وزارة الدفاع هي التي تأمر كل الوزارات والمؤسسات الدينية (الأزهر والكنيسة) وأجهزة الإعلام بما ينبغي عليها فعله، لا تزال هذه الدول تزعم أنها لا تعلم أن ما قام في مصر انقلاب عسكري، وهذا قمة النفاق”.
كما أكدت الرسالة أيضا أن سفراء الكثير من الدول الغربية ومسئولين كبار في وزارات الخارجية وفدوا إلى مصر وحاولوا مرارا إقناع قادة التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب بالكف عن التظاهر وفض الاعتصامات وقبول الأمر الواقع، وهو الأمر الذي رفضه التحالف وكذلك الجماعة.
وفي نهاية الرسالة، نفت جماعة الإخوان أن تكون رسالتها رهانا على تدخل الغرب في شؤون مصر، قائلة :”لا يحسبن أحد أننا نريد من الغرب أن يقف معنا أو يدعمنا، فنحن نرفض أي تدخل أجنبي في شؤون بلدنا، كما أننا نسعى للاستقلال والتحرر من أي هيمنة أجنبية”.