أقال الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، اللواء علي بن داود مدير الأمن الداخلي (مكافحة التجسس)، يوم السبت من منصبه ليعين .العقيد عبد العزيز، أحد ضباط جهاز المخابرات بإدارة مديرة الأمن الداخلي خلفا له.
وتأتي هذه التغييرات استمرارا لحملة تغييرات قام بها بوتفليقة على مستوى الحكومة والولاة، حيث تأتي إقالة بن داود عقب تغيير حكومي، الخميس الماضي، متبوعا أمس الجمعة بإقالة قائد الحرس الجمهوري، اللواء أحمد مولاي ملياني، وتعيين الفريق بن علي بن علي قائدا للحرس الجمهوري خلفا له، وكذلك إنهاء مهام العميد جمال مجدوب قائد الأمن الرئاسي، وتعيين ناصر حبشي خلفا له.
وقد أسالت “الحملة الثالثة في سلسلة التطهير”، كما سمتها وسائل إعلام جزائرية، كثيرا من الحبر خاصة وأن التغيير هذه المرة شمل أكثر من جهاز للدولة وأكثر من شخصية، ناهيك عن أنه شمل أطرافا كانت تعتبر مقربة جدا من الرئيس.
حول إقالة قادة الأجهزة الأمنية
وبحسب بعض التسريبات الصحفية، تأتي التغييرات على مستوى المؤسسات الأمنية المذكوية على خلفية ما اعتبره بوتفليقة إهمالا، وبالتحديد حول ما راج عن محاولة الاقتحام التي شهدها مقر الإقامة الرئاسية في زرالدة أخيراً. وتتمثل الحادثة بحسب مصادر مقربة من القصر في حادث إطلاق نار من طرف عنصرين مكلفين بالرئاسي وقع الأسبوع الماضي” عرضيا “تسبب في ذعر في المقر الرئاسي، غرب الجزائر حيث يمضي الرئيس فترة راحة، وقد سبق لبوتفليقة أن أدخل تغييرات واسعة على أجهزة الاستخبارات في أيلول/سبتمبر 2013.
وتتداول العديد من وسائل الإعلام المحلية في الجزائر أن بوتفليقة سيجري العديد من التغيرات الهامة بمؤسسة الجيش في الساعات القادمة،خاصة وأن مع تعيين خليفة الفريق بن علي على رأس الناحية العسكرية الخامسة، بعدما أصبح الأخير يشغل منصب قائد الحرس الجمهوري.
تغيير جزئي على المستوى الحكومي يعصف بمقربين من الرئيس
وعلى صعيد آخر، شهد خميس الأسبوع المنقضي في الجزائر تعديلًا حكوميًا جزئيًا من خلال إنهاء مهام ثلاثة وزراء في قطاعات التجارة والفلاحة والرياضة، في حين أعاد عبد القادر قاضي واليًا على محافظة تيبازة (غرب العاصمة)، بعدما أدمج وزارة الفلاحة بالصيد البحري. ويأتي هذا التعديل الطفيف بعد شهرين ونصف، عن آخر تغيير حكومي موسع منتصف مايو الماضي، غادر على إثره ثمانية وزراء طاقم الحكومة، أبرزهم وزراء الداخلية والطاقة والمالية والثقافة، ليخلق جدلا من جديد حول خلفياته.
ورغم أن ببعض المتابعين للشأن الجزائري اعتبروا أن التعديل الوزاري يأتي في مرحلة حساسة تمر بها البلاد أملتها الظروف الراهنة، طرح إعفاء وزير التجارة، عمار بن يونس، من منصبه الحدث بالنسبة لمعظم الجزائريين خاصة وأنه من أشد الحلفاء والمقربين من الرئيس وهو من ثارت من حوله احتجاجات واسعة وسط الإسلاميين حينما أقرّ ببيع المشروبات الكحولية، أكثر من نقطة استفهام.
وبحسب مصادر متطابقة، يعود إعفاء وزير الشباب والرياضة عبد القادر خمري لدواعي صحية، في حين يعود تغيير وزير التجارة عمارة بن يونس، يأتي بعد الفساد والفضائح الني عرفها قطاعه والمطالبة بإزاحته واتخاذه لقرارات انفرادية وارتجالية دون العودة للحكومة، بحسب ما صرح به لخضر بن خلاف، المعارض الجزائري.
حركة واسعة للولاة تمهيدا للحوكمة المحلية
وقد السبق التغيير الأمني والتغيير الحكومي حركة واسعة في سلك الولّاة (الوالي هو أعلى سلطة محلية في المحافظة)، الأربعاء، تم بموجبها تثبيت11 واليا على رأس ولاياتهم، فيما تم تعيين 14 ولايا جديدا، والتخلي عن خدمات 8 آخرين، في حين اختار16اسما جديدا لإدارة شؤون الولايات المنتدبة، والتي قفز تعدادها من 13 ولاية منتدبة إلى 23، موزعة بين العاصمة ومدن الجنوب.
وعلى عكس التساؤلات التي رافقت التعديل الحكومي الطفيف وخاصة فيما يتعلق بإزاحة بن يونس، قُرأت الحركة الواسعة في سلك الولاة ضمن سياق تفعيل أداء الجهازالتنفيذي المحلّي، بما يسمح باستكمال مشاريع التنمية المعطلة، والتحكم أكثر في تسييرالمال العام، في ظلّ توجه الحكومة لخيار التقشف، بفعل تراجع احتياطات الخزينة العمومية.
مرة أخرى يبادر بوتفليقة بصنع الحدث السياسي في البلاد في فترة الركود الصيفي وكأنه يرد على من يتحدث عن عجزه عن إتمام عهدته. وبالإضافة لهذا المغزى، يبدو أن الرئيس الجزائري نجح في تغيير وجهة النقاش العام حتى لا يتطرق لمسألة التغييرات الدستورية التي طال أمد انتظارها منذ الإعلان عن عزمه المضي في إصلاحات سياسية في ربيع 2011، كما أنه يمضي بخطى ثابتة نحو الإعداد الجيد لانعكاسات الصعوبات المالية التي تمربها البلاد منذ السنة الماضية على خلفية انخفاض سعر النفط من خلال تعزيز الحكم المحلي.