بدأت حكاية هذا الكومبيوتر الخارق المصنوع في المنزل والذي تبلغ قوته 3000 ضعف قوة معالج الكمبيوتر العادي، من بلاي ستيشن 3 قديم (PS3s)، موجود في بيت العالم الفيزيائي جواراف خانا من جامعة ماساتشوستس، والذي قرر أن يستخدمه لبناء كمبيوتر خارق ورخيص بشكل لا يصدق، ليستغله في دراسة الثقوب السوداء الذي كرس لها سنين عمره وأبحاثه.
بحث خانا يركز على إيجاد موجات الجاذبية، وهي عبارة عن انحناءات في الزمكان ناتجة عن حدث فيزيائي فلكي عنيف، مثل تصادم ثقبين أسودين، وقد تم التنبؤ بها أول مرة اعتمادًا على نظرية آينشتين للنسبية العامة، لكن أحدًا لم يستطع أن يشاهدها ويبرهن عليها.
ولكي يكتشف المزيد عن سر هذه الموجات الغامضة، كان خانا يحتاج إلى حاسوب خارق، ذي نظام قادر على التعامل مع عشرة أرقام على أقل تقدير، كي يقوم بنمذجة ما يحدث عندما تصطدم الثقوب السوداء ببعضها، لكن المشكلة التي واجهته كانت أن الحواسيب الخارقة مكلفة جدًا، عندها قرر خانا عام 2009 أن يبني حاسوبه الخارق الخاص كما قال لمراسلة النيويورك تايمز.
وقال خانا إن العلم أصبح مكلفًا، وببساطة، لا يوجد مال كافٍ لهذه التكاليف العالية سواء على المستوى الجامعي أو الدولي، والحواسيب الخارقة تسمح للعلماء بتعويض الموارد التي يفتقرون إليها.
الحواسيب الخارقة تقوم نظريًا على توصيل العديد من الحواسيب العادية معًا عن طريق شبكة، لكن، بدلًا من استخدام الحواسيب المحمولة المعتادة، قرر خانا أن يستخدم خيارًا أرخص، ويوصل شيئًا مختلفًا تمامًا، ولم يستخدم من قبل، البلاي ستيشن!
الفائدة لأساسية لهذه الأجهزة هي في السماح للمستخدمين بتنصيب نظام تشغيلهم المفضل، وأنها تباع بالتجزئة بـ250 دولارًا فقط، وقد قامت شركة سوني بالتبرع بأربعة أجهزة لهذه التجربة، كما قامت الجامعة بالتبرع بـ12 آخرين.
تم تنصيب نظام التشغيل لينكس على الأجهزة الـ 16، ثم وصلت بالإنترنت، وكانت النتيجة معالج يستطيع تسريع الحسابات أكثر عشر مرات من الكمبيوتر العادي، ونشر هذه النتائج آنذاك عام 2009، استخدم خانا أداته الأولى التي وصل إليها لنمذجة سلوك موجات الجاذبية ونشرها في أوراق علمية عديدة عن الظاهرة، لكن هذا النموذج الأولي تطور بالزمن حتى وصل إلى نسخة أقوى بكثير الآن.
في عام 2010 اكتشف مختبر سلاح الجو الأمريكي حاسوب خانا الخارق المصنوع من البلاي ستيشن، وقرروا أن يصنعوا حاسوبهم الخاص باستخدام 1760 جهازًا، كي يقوموا بمعالجة الصور التي يقوم الرادار بمراقبتها.
وكطريقة لشكر خانا، قامت وزارة الدفاع الأمريكية بالتبرع له ولفريقه بـ173 جهازًا إضافيًا، الفريق يحفظ أجهزته حاليًا في شاحنة مبردة كبيرة كانت مخصصة أصلًا لنقل الألبان، والنموذج النهائي الحالي يبلغ في قوته 3000 ضعف كمبيوتر المكتب العادي، ويكلف 75 ألف دولار فقط، ليكون أرخص حاسوب خارق.
ومع أن أجهزة البلاي ستيشن لها محدوديتها، بتلك الذاكرة الأقل من الحواسيب الخارقة بكثير على سبيل المثال، إلا أن الكمبيوتر الخارق الخاص بها يستمر في نمو القوة، مساعدًا العلماء الآخرين في الجامعة وليس خانا وفريقه فقط، وسوف يضيف الفريق هذه السنة 220 جهازًا جديدًا إلى الشبكة.
المشروع القادم الذي يريد خانا أن يعمل عليه هو تصنيع حاسوب خارق من بطاقات الجرافيكس الخاصة بالحواسيب، والتي تماثل أجهزة البلاي ستيشن في الثمن الرخيص، لكنها تماثل في القوة 20 جهاز بلاي ستيشن 3.
وقد قال خانا إن الحواسيب الخارقة الجديدة التي سيقومون ببنائها ربما تكون مصنوعة بشكل كامل من هذه البطاقات، وهي لن تصلح لكل الأشياء، لكنها سوف تغطي بالتأكيد مجموعة واسعة من التطبيقات العلمية والهندسية، بالذات إذا بقي الفريق يعمل على تطويره.