سواء كنت تتواجد في المحطة المركزية في مدينة القدس أو حتى في أي مدينة إسرائيلية معروفة بسكانها المحافظين مثل بني براك وبيت شيمش، فإنك لن ترى الكثير من “بنات إسرائيل” ترتدين غطاء الرأس الذي أمرت به التوراة ووبخ أحبار اليهود كُل من يتقاعس عنه حتى قالوا “لُعن الرجل الذي يترك شعر زوجته مرئيًا” لأن ليس من شيمة بنات إسرائيل الخروج برأس مكشوف، وكذلك فإنه يحرم على رجل الدين اليهودي تلاوة النصوص المقدسة بحضور امرأة حاسرة، وفي الواقع فإن النساء التي تُغطي رأسها أكثر بكثير مما ترى وتظن، لأن الحجاب “اليهودي” مرّ بتطورات كثيرة جعلت المرأة الحاسرة مُحجبة وساقت بعض النساء للتطرف بشكل لا يُمكن للعقل فهمه وجعلت بعضهم يرشقون كُل من تكشف شعرها بالحجارة، كما سنرى في تقريرنا هذا.
مئة شعاريم .. لا دخول بلا حجاب!
ليس غريبًا أن تجد المرأة نفسها تُرمى بالحجارة في وسط إسرائيل لأنها لم تُغط شعرها، نعم في إسرائيل وليس في أفغانستان ولكننا بالطبع لا نتحدث عن تل أبيب، ولكننا نتحدث عن حي مئة شعاريم في القدس كمثال، وهو من أكثر الأحياء الإسرائيلية تمسكًا بالتوراة وبتعاليمها، حيث يسكن هناك اليهود الحريديم (الأصوليون) وهناك حيث وجدت إحدى الصحفيات نفسها تُرمى بالحجارة والشتائم الفظيعة لأنها دخلت ببنطال جينز ضيّق ولم تُغط شعر رأسها كما يجب، في ذلك اليوم صوّرت كاميرا التلفاز الإسرائيلي هذه الحادثة ولكن الواقع أن لا أحد يمكنه التدخل وتغيير الواقع في مئة شعاريم.
تصف الصحفية جاردا جيلزر في موقع “واللا” الإسرائيلي حي مئة شعاريم بأنه “عالم آخر”، حيث تتغير كُل القوانين؛ فهناك كُل النساء ترتدي اللباس المحتشم فقط وكذلك الرجال يرتدون الملابس السوداء، ومما يتميّز به هذا الحي أن غالبية الناس تتحدث لغة الإييديش وهي خليط بين الألمانية والعبرية وكذلك الأسعار رخيصة جدًا ولا يوجد مطاعم فاخرة لأن الناس تعتبر الجلوس في المطاعم مضيعة للوقت، ولكن الأهم من كُل هذا كما تنصح جاردا قُراءها قبل زيارتهم لحي مئة شعاريم، أن على النساء ارتداء الملابس المحتشمة بالإضافة إلى غطاء رأس، وتنصح النساء ألا تختلط مع الرجال في طابور الانتظار، تحاشيًا للمشاكل.
“طالبان” في إسرائيل
في مدينة “بيت شيمش” أو حتى في أحد الأحياء اليهودية المتدينة في القدس يُمكنك أن تشاهد نساء ترتدي البُرقع أو النقاب، لا يظهر منهن شيء بتاتًا، هؤلاء النساء لسن مُسلمات بالطبع ولكنهن نساء يهوديات، تؤمن بأن على بنات إسرائيل أن ترتدي “النقاب” وتُعرف هذه الفئة من النساء في المجتمع الإسرائيلي بـ “نساء طالبان”، لم يكن أحد يسمع بأخبارهن إلى أن وصلت إحداهن للمحكمة لضربها أطفالها الصغار وحُكم عليها بالسجن 4 سنوات.
كثيرون ظنّوا أن الحديث يدور عن بضعة نساء شواذ ولكن بعد تسلل صحفية إسرائيلية إلى داخل هذه المجموعات النسائية في القدس مع كاميرا خفية، بات واضحًا أن هذه الجماعة قويّة ولها أتباعها وهم في ازدياد، بل إن بعض أتباع هذا التوجه يعتقدون بأن أعدادهن تصل إلى 10 آلاف امرأة.
المثير أنه وفي نفس الفيديو الذي تم تصويره بالسر، قامت إحدى الداعيات لهذا التوجه بالاستهزاء من حجاب المرأة المسلمة وأكدت للحاضرة أن “المرأة العربية عارية”، لماذا ؟ لأن المرأة العربية لا ترتدي إلا بنطال واحد وتنورة واحدة ولكن الأصل أن ترتدي المرأة 3 أو حتى 4 بناطيل وزوجين من “الجوارب” ولا بد من الزيادة في طبقات الملابس كلما كانت المرأة أتقى، بالإضافة إلى ذلك فإنه من المثير أن الواحدة منهن عندما تدخل الحمام لغسل شعر رأسها عليها أن تحمل شالًا كبيرًا تغطي به نفسها أثناء الغسل كي لا تراها الجدران.
الحل الذكي .. للحجاب
في ظل هكذا أهمية للحجاب في الدين اليهود، وبعد طرد اليهود من الأندلس، هاجر عالم من علمائهم إلى إيطاليا وهناك أوجد فكرة مميزة للمرأة اليهودية تستبدل بها غطاء الرأس “الحجاب”، حيث سمح للمرأة بارتداء الباروكة أو (البيئاة) كما تُسمى بالعبرية، ولا شك أن كثيرين من العلماء لا زالوا يختلفون في هذه المسألة حتى يومنا هذا لدرجة تصل ببعضهم شتم بعض، إلا أن النساء المتزوجات من طائفة الأشكناز تلجأ إلى الباروكة كحل لغطاء شعر الرأس بدلاً من الحجاب التقليدي الذي يُشبه إلى حد كبير حجاب المرأة المسلمة ولكن دون تغطية الرقبة كما تفعل نساء يهود اليمن.
ولكن الخلاف لا يتوقف عند تحليل الباروكة أو تحريمها، فهناك مجموعة من القواعد المُعقدة التي لا بد للمرأة من مراعاتها كي تصبح “الباروكة حلال”؛ فمثلاً إن ارتداء باروكة شقراء محرم لامرأة شعرها الأصلي أسود مثلاً، وكذلك يُحرم على المرأة أن تزين خصلة من شعرها بالأحمر إذا كان كُل شعر الباروكة بني.
هذه بعض المعتقدات الغريبة مثل ما تقوم به بعض نساء يهود رومانيا أو هنغاريا عندما تحلق شعر رأسها كُله في أول يوم في زفافها ، فلا يراه أحد حتى زوجها.