القلب
بعد أن تعرّفنا في الحلقة الأولى من “سلسلة الأفضل” على أحسن حراس المرمى في المعمورة، نستكمل اليوم جولتنا في ملاعب كرة القدم العالمية، لننتخب منها أفضل من يلعب في مركز متوسط الدفاع، أو قلب الدفاع كما اصطلح تسميته، وهو مركزٌ اسمه يدلّ عليه، فقلب الشيء لُبّه ووسطه، وموضع لاعب قلب الدفاع من الخط الخلفي كموضع القلب من الجسد، فهو المدير الذي يضبط تحركات الفريق في الحالة الدفاعية, والمنطلق الذي تبدأ من عنده الشرارة الأولى في الحالة الهجوميّة، لذا فإن أيّ خلل في الخطوط الخلفيّة يتحمّل وزره في الدرجة الأولى لاعبو قلب الدفاع، وبالمقابل، يعزى جلّ النجاح عندما يخرج الفريق بشباكٍ نظيفةٍ أمام مهاجمين حاذقين إلى حنكة قائد الخط الخلفي، ومن المعلوم أنّه نادراً ما يعتمد فريقٌ ما على لاعب قلب دفاع واحدٍ في الملعب، بل إن أغلب خطط المدربين قديماً وحديثاً تعتمد على مدافعَين أو ثلاثة في منطقة وسط الدفاع، مع إناطة مسؤولياتٍ معيّنةٍ تتناسب والمزايا الخاصة بكلٍ منهم، فهناك من هو بارعٌ بالتقاط وتوجيه الكرات الرأسيّة العالية، وهناك من يتميّز بالسرعة والقوّة وحسن الرقابة، ومنهم من يتّسم بالهدوء والقدرة على القيادة والتنظيم، ومنهم كذلك من يمتلك مزايا هجوميّةً إضافيّة كقوة التسديدات أو دقّة التمريرات، وفي النهاية يكون خط الدّفاع الأفضل هو الأكثر تكاملاً وانسجاماً بين عناصره.
نجومٌ آفلة
رغم أهميّتهم القصوى وأدوارهم الحاسمة في نجاح أيّ فريقٍ، لم يحظَ المدافعون عامّةً وقلوب الدفاع خاصّةً بنفس درجة الشهرة التي بلغها زملائهم المهاجمون أو حتى لاعبو الوسط، فأنظار الغالبية العظمى من الجمهور والمتابعين العاديين تتركز على أصحاب الأهداف أو صانعيها، متناسين فضل الجنود المجهولين في الخطوط الخلفيّة، الذين لولا صلابتهم وتماسكهم لما كان لأهداف المهاجمين قيمةً تُذكر، لذا فإن جلّ المدافعين الذين وصلوا إلى درجة الشهرة والنجوميّة عبر تاريخ كرة القدم الحافل، كانوا من أصحاب المزايا الهجوميّة الخاصّة، وعلى رأس هؤلاء يبرز اسم القيصر الألماني الشهير فرانس بيكينباور، الذي برز فترة الستينيات والسبعينيات واستطاع بمزاياه القيادية الفريدة الوصول بمنتخب بلاده إلى قمّة المجد الكروي بحمل كأس العالم عام 1974، وهو نفس الإنجاز الذي حققه بوبي مور قلب دفاع منتخب إنكلترا عام 1966، ودانيال باساريلا مع منتخب الآرجنتين عامي 1978 و1986، إضافةً إلى الإيطاليين غايتانو سكيريا وجوزيبي بيرغومي عام 1982، وخليفتيهما فابيو كانافارو وأليساندرو نيستا عام 2006، وما دمنا في الحديث عن المدرسة الإيطاليّة التي يُكنّى أبناؤها بملوك الدفاع، فلابد من ذكر أسطورتين خالدتين في خلد كل محبٍّ للآزوري، أولهما فرانكو باريزي الذي كان ضمن عداد المنتخب الفائز بكأس العالم 1982 دون أن يشارك في الملعب، والثاني زميله الشهير باولو مالديني الذي يتقن اللعب كقلب الدفاع إضافةً إلى دوره الأساسي كظهير أيسر، وبدورها تفخر المدرسة البريطانية بأنها أنجبت -إضافةً إلى بوبي مور- اثنين من عمالقة الدفاع قديماً، هما الإنكليزي بيلي رايت والويلزي جون تشارلز الذين نشطا فترة الخمسينيات، إضافةً إلى عددٍ من أبرز مدافعي الثمانينيات والتسعينيات كالإيرلندي بول ماكجراث والإنكليزيين توني أدامس وريو فيرديناند ، ومثلها المدرسة الفرنسية التي أنجبت قديماً ماريوس تريسور الذي نشط في السبعينيات، وحديثاً الثنائي الرائع المتوج بكأس العالم 1998 مارسيل دوسايي ولوران بلان، كما كان لمدافعي إسبانيا صولاتهم وجولاتهم في الملاعب العالمية ، كالأرغوياني الأصل خوسيه سانتا ماريا الذي قاد فريق ريـال مدريد الذهبي نهاية الخمسينيات ومطلع الستينيات، وثنائي منتخب لاروخا في التسعينيات فيرناندو هييرو وميغيل آنخيل نادال، إضافةً إلى أسطورة برشلونة وحامل كأس العالم 2010 كارلوس بويول الملقب بقلب الأسد، والذي تزامل في بداياته مع البارسا مع الهولندي فرانك دي بور، سليل المدرسة الهولندية التي أنجبت المدفعجي الشهير رونالد كومان نجم الثمانينيات، والأصلع ياب ستام الذي برز في أواخر القرن المنصرم وبدايات القرن الحالي، وبرزت أيضاً في نفس الحقبة أسماءٌ أخرى متفرقة في مركز متوسط الدفاع، نذكر منها الألماني الصلب ماتياس زامر، والبرازيلي لوسيو حامل كأس العالم 2002، والآرجنتيني فابيان أيالا، والغاني صامويل كوفور، إضافةً إلى نجمنا العربي المغربي الرائع نور الدين النايبت، الذي تألّق رفقة ناديه الإسباني ديبورتيفو لاكورونيا، وقاده لانتزاع لقب الدوري الإسباني من براثن برشلونة وريـال مدريد عام 2000.
الأفضل اليوم
نقدّم لكم فيما يلي قائمةً مفصّلةً، تضمّ تعريفاً بأفضل عشرة قلوب دفاعٍ في أرجاء المعمورة اليوم:
سيرخيو راموس(إسبانيا – ريـال مدريد): رغم خروج فريقه خالي الوفاض من موسمه المنصرم، إلا أنّ المدافع الهدّاف حافظ على مكانته ضمن أفضل مدافعي العالم، بفضل حيويّته وحماسه وحنكته القيادية التي اكتملت مع بلوغه عامه التاسع والعشرين، ليبقى الاسم الذي يصعب على النادي الملكي الاستغناء عنه رغم إغراءات ملايين مانشستر الكبيرة.
جيرارد بيكيه (إسبانيا – برشلونة): استعاد صخرة دفاع البلوغرانا مستواه الرائع الذي أهّله يوماً لحمل لقب (خليفة فرانس بيكينباور)، واستطاع رفقة زميله الآرجنتيني ماسكيرانو، تحويل الخط الخلفي للبارسا إلى أحد نقاط القوة في تشكيلة لويس إنريكة، التي صالت وجالت وحصدت الأخضر واليابس في الموسم الماضي.
ماتس هوميلز (ألمانيا – بروشيا دورتموند): رغم الموسم السيء الذي خاضه فريقه، بقي اسم ماتس هوميلز مرادفاً لأعلى عروض الشراء من قبل أفضل أندية العالم، التي تحلم باستقطاب مدافعٍ قياديٍّ بقيمة العملاق الألماني حامل كأس العالم الأخيرة، الذي فضّل على ما يبدو التمسّك بناديه الألماني الأصفر في محنته.
جيروم بواتينغ (ألمانيا – بايرن ميونيخ): حافظ الألماني ذو الأصول الغانيّة على تواجده ضمن التشكيلة الأساسيّة في صفوف ناديه البافاري بطل ألمانيا، ومنتخب المانشافت بطل العالم، وذلك بفضل اجتهاده وجدّيته وثبات مستواه، الذي يغطّي به على ثقل حركته، التي جعلته عرضةً لسخرية المشاهدين في لقطة مراوغة ميسي الشهيرة أواخر الموسم المنصرم.
دييغو غودين (الأورغواي – أتليتكو مدريد): يدرك مدرب أتلتيكو مدريد دييغو سيميوني أن سرّ قوّة فريقه يكمن في تواجد الرائع غودين في قيادة خطوطه الخلفية، لذا يصرّ على الاحتفاظ بمدافعه الأورغوياني صاحب الأهداف الرأسيّة الحاسمة، رغم التغييرات الكثيرة التي شهدتها وتشهدها صفوف الفريق كلّ عام.
جورجيو كيلليني (إيطاليا – يوفنتوس): وقّع المدافع الإيطالي الخبير على موسمٍ ممتازٍ مع ناديه، عبر أداءٍ دفاعيٍّ صارمٍ مميّزٍ رفقة شريكه بونوتشي، قادا من خلاله البيانكونيري للتتويج بثنائية الدوري والكأس، التي كادت أن تصبح ثلاثية لولا خسارة نهائي برلين.
نيكولاس أوتاميندي (الآرجنتين – فالنسيا): قدّم المدافع الآرجنتيني القويّ أداءً مذهلاً في موسمه الأوّل مع ناديه الإسباني، أهّله لاحتلال مركزٍ رياديٍّ ضمن صفوة مدافعي العالم، مما جعل عروض الانتقال تنهال عليه من أفضل أندية القارة العجوز.
جون تيري (إنكلترا – تشيلسي): لم تصدّق أعين كثيرٍ من المتابعين ذلك المستوى الراقي المتكامل الذي يقدّمه ابن البلوز وهو في عامه الـ35، والذي أجبر النقاد في نهاية الموسم المنصرم على انتخابه كأفضل مدافع في الدوري الممتاز، الذي حمل لقبه مع ناديه اللندني.
ليوناردو بونوتشي (إيطاليا – يوفنتوس): كرّس المدافع الإيطالي الصلب في الموسم الماضي أداءه الطيّب مع ناديه في المواسم الأخيرة، واستطاع تكوين جدارٍ دفاعيٍّ عصيٍّ على الاختراق رفقة زميله كيلليني، ليستحقّ الظهور في قائمة “العشرة الأفضل”.
غاري كاهيل (إنكلترا – تشيلسي): في عامه الثلاثين، أعاد “السبيشال وان” جوزيه مورينو اكتشافه من جديد، ليصبح واحداً من أهمّ أعمدة ناديه البلوز، والمرشّح الأبرز لخلافة زميله المخضرم جون تيري بمنصب قيادة الفريق في المستقبل القريب.
مغادرون وقادمون
كثيرٌ من المدافعين الذين كانت أسماؤهم تتصدّر “قائمة الأفضل” في المواسم الماضية، وجدوا أنفسهم خارج حسابات القمّة اليوم، كنتيجةٍ حتميّةٍ لانحدار مستوياتهم وابتعادهم عن الثبات، كالثلاثي البرازيلي تياغو سيلفا ودافيد لويز وجواو ميراندا، والبرتغالي كليبر بيبي، والصربي نيمانيا فيديتش، والسلوفاكي مارتن سكيرتل، والآرجنتيني مارتن دي ميكليس.
بالمقابل، هناك أسماءٌ عديدةٌ مرشّحةٌ بقوّةٍ لدخول القائمة الذهبيّة في القريب العاجل، كالفرنسي رافائيل فاران، والألماني شكيردان موستافي، والكولومبي جايسون موريلو، والصربي ستيفن سافيتش، والسويسري فابيان شار، والبرازيلي ماركينوس، إضافةً إلى نجمنا التونسي الواعد أيمن عبد النور.