نشرت فورين بوليسي مقالا مفصلا يتحدث فيه الكاتب كولوم لينش عن الخلافات المتزايدة بين الرياض وواشنطن والتي أكدتها مواقف السعودية الأخيرة خاصة ذلك المتعلق برفضها الانضمام لمجلس الأمن.
فعلى مدار الأشهر الماضية تمحورت الخلافات السعودية الأمريكية في ثلاث نقاط أساسية: الأول رفض الولايات المتحدة دعم الجيش المصري الذي قام بانقلاب عسكري مدعوم من الرياض، والثاني هو قرار واشنطن بعدم البدء في ضربة جوية ضد سوريا رغم الرغبة الشديدة لدى السعوديين لقصف دمشق، والثالث هو إعادة محادثات البرنامج النووي الإيراني، العدو الأكبر للسعودية في المنطقة.
وخلال عقود، كانت أمريكا والسعودية مرتبطتين بعقد ما، من ناحية توفر الولايات المتحدة الحماية لآل سعود، ومن جانبهم يوفر السعوديون شريان الحياة لواشنطن من النفط (الرخيص نسبيا)، وعبر ضخ مليارات الدولارات سنويا في صفقات سلاح مع الجانب الأمريكي.
لكن مؤخرا قررت السعودية أن تتولى أمورها بنفسها، وسعت للسيطرة على جيرانها الذين يعتمدون على مساعدات المملكة.
فعندما قررت الولايات المتحدة تهديد جنرالات الجيش المصري عقب إطاحتهم بالرئيس المنتخب محمد مرسي عبر الضغط عليهم عن طريق وقف المساعدات المالية لمصر، دشن الملك السعودي حملة لجمع الأموال للجيش المصري، قاطعا على الدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين الطريق للوصول إلى حل سياسي بين مرسي وضباط الانقلاب.
الأمر نفسه حدث مع الثوار السوريين، فبينما حاول جون كيري أن يضغط على حلفاء واشنطن في الائتلاف الوطني السوري كي يفاوضوا نظام بشار الأسد، قامت السعودية بالضغط على حلفائها في المعارضة والثوار ليرفضوا تماما ذلك الأمر. وكرد فعل على ضغط واشنطن، قال رئيس الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان أن السعودية ستقلل من تعاونها مع واشنطن في تدريب وتسليح الثوار السوريين، وعلق مسؤول أمريكي بقوله “مصالحنا تبتعد أكثر فأكثر عن مصالح السعوديين”
فالمملكة ترى أن الثورة السورية تمثل جبهة حرب وجودية للسيطرة على المنطقة. فمن جهة السعودية ترى أن دعم الثوار السوريين سيقلص من وجود إيران واتساع نفوذها في المنطقة، كما أنه سيمنع انهيار دول أخرى مثل لبنان والأردن بحسب الباحث السعودي نواف عبيد.
علامة أخرى على ذلك الجفاء هو أن الرياض لم تخبر الدبلوماسيين الأمريكيين بقرارها عدم قبول الانضمام لمجلس الأمن كعضو غير دائم، يرى كريستوفر ديفيدسون هذا الموقف على أنه “صراخ من أجل جذب الانتباه”.
جوشوا لانديس الخبير في شؤون الشرق الأوسط يعتقد أن قرار السعوديين بعدم الانضمام لمجلس الأمن يعكس قلقا من أن يكون مجلس الأمن مجرد فخ للسعودية، فلو انضمت الرياض لمجلس الأمن فإنها ستتبع خطى الولايات المتحدة أو روسيا رغما عنها، وستحد من حركتها في سوريا، وهذا سيشكل ضغطا كبيرا على العائلة الحاكمة في المملكة.
بعض الخبراء يرون أن العلاقات السعودية الأمريكية أهم بكثير لكلا الطرفين من أن تتضرر بمثل تلك الخلافات. مؤخرا باع الأمريكيون للسعوديين قنابل عنقودية في صفقة بزهاء نصف مليار دولار
لكن أشخاص مثل ديفيدسون يرون أن المشهد يتغير بالفعل، فالولايات المتحدة تبرز بسرعة كمنتج عالمي للطاقة ما يقلل اعتمادها على النفط السعودي فـ”أمريكا ليست مضطرة للحفاظ على ذلك النوع من العلاقة مع المملكة والذي استمر لعقود”
السعودية بالطبع ستبقى حساسة للغاية تجاه أي علامات على تقارب بين واشنطن وطهران، لكن محللين يقولون أن أكثر ما يمكن عمله في هذا الشأن سيكون عن طريق مجلس الأمن الذي رفضت السعودية الانضمام إليه، لذلك فإن غياب السعودية عن مجلس الأمن هو بشكل أو بآخر انتصار لأعداء الرياض في إيران.