ترجمة وتحرير نون بوست
ليس من المستغرب أن يشيد العديد من السياسيين المحافظين في الولايات المتحدة برئيس مصر الجديد، حيث غالبًا ما يتم طرح اسمه كالرجل الثاني بعد بنيامين نتنياهو في القائمة التي يعدها نقاد أوباما للقادة الإقليميين الذين يمكنهم الوثوق بهم، للوقوف في وجه الجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة.
بعض من الـ48 مليون مرشح الذين يتنافسون للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية في العام المقبل، باشروا فعلًا برسم ملامح سياساتهم الخارجية، ومع استمرارية التركيز على منطقة الشرق الأوسط، يبزغ اسم مصر والسيسي، الذي يصوره معظم المرشحين على أنه حليف جدير بالثقة في ذاك الجزء المضطرب من العالم.
وإليكم هنا بعض تصريحات المرشحين الجمهوريين للرئاسة الأمريكية حول نظام السيسي ومصر بشكل عام:
جيب بوش: بوش، الذي أصبح قريبًا جدًا من أن يصبح ثالث شخص في عائلته المقربة يقوم بقصف العراق، هو أحد المؤيدين الثابتين للسيسي؛ فقد انتقد أوباما لعدم دعمه للرئيس المصري بعد الانقلاب، وأشاد بالسيسي لكونه أحد القادة العرب القلائل “المستعدين للوقوف في وجه الإرهابيين الإسلاميين”، وفي فبراير المنصرم، حدد بوش ملامح رؤيته للسياسة الخارجية قبيل إطلاق حملته، وشدد على أهمية بناء علاقات أقوى مع دول الخليج ومصر.
بين كارسون: جراح الأعصاب المتقاعد بن كارسون، لديه خطط كبيرة لمصر، بغض النظر عن رئيسها؛ فالدكتور كارسون، الذي تلقى العديد من الانتقادات لجهلة بأمور السياسة الخارجية، يدرك بأن مصر وإسرائيل دولتان متجاورتان، وهو مع حل تأسيس الدولة الفلسطينية، ولكنه يرى بأنه يمكن أن يتم إزاحة الدولة الفلسطينية إلى الجنوب قليلًا ليتم تأسيسها في مصر!، ومن هذا المنطلق رئاسة بن كارسون لأمريكا، تجعل السيسي بحد ذاته غير مهمًا، لأن السلام من وجهة نظره يتحقق فقط بالقليل من الإزاحة لموقع الدولة الفلسطينية.
تيد كروز: كروز هو أحدة أشد المؤيدين البارزين للسيسي في خضم سباقات الحزب الجمهوري للرئاسة، ففي مناسبتين على الأقل، جاء السيناتور كروز على ذكر خطاب السيسي في الأزهر، وهو الخطاب الذي قوبل بالكثير من التملق من قِبل بعض الساسة والمفكرين الأمريكيين، مشيدًًا بشجاعة السيسي اللامتناهية.
وفي ذات يوم الإطاحة بمرسي منذ أكثر من عامين، نشرت مجلة فورين بوليسي الشهيرة مقالًا كتبه كروز، ينتقد ضمنه دعم أوباما المفترض لمرسي، وينعت الطريقة التي يتعامل بها أوباما مع مصر بـ”الفشل الدبلوماسي المذهل”.
كارلي فيورينا: هي المديرة السابقة لشركة هيوليت باكارد (HP)، والتي لم تتول أي منصب عام سابقًا، لذا فقد كانت حذرة في تحديد الخطوط العريضة لرؤيتها الخارجية، ومع ذلك، فقط ظهر اسم السيسي في مقابلة لها في يناير، ذكرت خلالها خطاب السيسي “الشجاع” في الأزهر، في سياق مناقشتها لمجزرة تشارلي إيبدو.
ليندسي غراهام: علاقة غراهام مع السيسي معقدة نوعًا ما، فهو المرشح الوحيد في هذه القائمة الذي التقى بالسيسي شخصيًا، حيث كان غراهام وصديقه العزيز جون ماكين جزءًا من وفد الولايات المتحدة الذي ذهب إلى القاهرة في أغسطس 2013، وأطلق حينها ماكين تصريحاته الكاوية في فندق الفورسيزونز في الجاردن سيتي، التي وصف فيها ثورة 3 يوليو بالانقلاب لأكثر من مرة، وهذا تعبير لم يكن متداولًا في ذاك الوقت بعد حوالي شهرين على الحادثة، حيث صرح بعد الضغط عليه من الصحفيين المحليين “لن أقوم بالخوض في عبارات القاموس، فإذا كانت تمشي كالبطة، وتصيح كالبطة، فهي بطة”، وأدت هذه التصريحات إلى هيجان عارم بين وسائل الإعلام المصرية، كما نددت الحكومة والجيش المصريان بتعليقات غراهام وماكين.
وفي مقابلة لغراهام بعد فترة وجيزة من هذه الرحلة، انتقد الإخوان المسلمين، ولكنه دعا أيضًا إلى قطع المساعدات عن مصر حتى يلتزم السيسي بالتدابير الديمقراطية.
وعل الرغم من أن غراهام أعرب عن تشاؤمه من السيسي، ولكنه اعترف بالوقت عينه بأنه يتعين على الولايات المتحدة العمل معه، فغراهام، كالكثير من السياسيين الآخرين، تنبع سياسته تجاه مصر من التداعيات المحتملة على المنطقة في حال اطراد عدم الاستقرار في مصر.
If #Egypt becomes a failed fractured state, I just cannot imagine what #Israel's future looks like.
— Lindsey Graham (@GrahamBlog) August 15, 2013
إذا أصبحت مصر دولة ممزقة وفاشلة، فأنا لا أستطيع أن أتخيل ما سيبدو عليه مستقبل إسرائيل.
مايك هاكابي: هاكابي، كما هو متوقع، يدعم السيسي، ويستخدمه كمعيار لوضع أوباما في موضع المقصّر، وفي أحد المقابلات التي أُجريت معه، يشكر هاكابي الله على نعمة وجود السيسي.
راند بول: ملامح السياسة الخارجية التي ينتهجها بول تقف بشكل متفرد في هذا المجال، فلقد كان واضحًا للغاية بأنه ضد تزويد مصر بأي مساعدات، وهذا الموقف يعبر عن ميوله التحررية أكثر مما يعبر عن اختلافاته المنهجية مع نظام السيسي.
في عام 2013 كان بول أحد أهم المشرعين الذين ناصروا قانون يحظر على حكومة الولايات المتحدة تمويل الأنظمة الانقلابية، وبالطبع فإن هذه الجهود باءت بالفشل.
ماركو روبيو: عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا، يعتقد بأن مصر ستقوم بنشر قواتها على الأرض في العراق لمحاربة داعش، وهذا الموقف من روبيو إما يعبر عن أنه يعرف أمورًا لا يعرفها أحد غيره، أو أنه يطرح نكتة سيئة للغاية، ولا مندوحة من القول بأن روبيو يثني على منهج السيسي بشكل عام.
الجدير بالذكر بأن روبيو هو أحد الموقعين على رسالة الحزبين الجمهوري والديمقراطي المقدمة لوزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، والداعية لممارسة الضغط على مصر، خلال زيارة كيري للقاهرة هذا الأسبوع، بغية إجبار السيسي على إجراء الإصلاحات، وذلك على الرغم من أن جميع ما ذُكر في الرسالة لا يبدو وأنه يعكس القلق الذي يشعر به روبيو تجاه مصر، ويبقى لنا الانتظار لمعرفة فيما إذا كان موقفه تجاه مصر سيتغير إبان هذه الرسالة مع تقدم حملته الانتخابية.
دونالد ترامب: أعتقد بأن ترامب يتوافق مع السيسي بشكل جيد على المستوى الشخصي، فالرئيسان يمكن أن يعقدا المؤتمرات الصحفية المشتركة على ضفاف قناة السويس، حيث يقوم ترامب بالإشادة بروعة هذه القناة، ويذم الإخوان المسلمين.
بجميع الأحوال، وفي عام 2013 عارض ترامب تزويد مصر بالأموال من قِبل الولايات المتحدة، ولكن رأيه هذا لم يتمخض عن معارضته لسياسات السيسي، بل لأنه يرى بأن أمريكا أولى بهذا المال، لتقوم بإستثماره داخليًا.
https://vine.co/v/hODKFpJ6lt7
سكوت ووكر، ريك سانتوروم، كريس كريستي، بوبي جيندال، جون كيسيك، جورج باتاكي، وريك بيري: لم يصرح هؤلاء المرشحون بأي بيانات كبيرة تتعلق بمصر أو بالسيسي، فجميعهم فعليًا على رأس عملهم في منصب حكام الولايات الأمريكية، عدا باتاكي الذي سبق له وأن كان حاكمًًا، لذا فإنهم لم يتعاملوا مع السياسة الخارجية كثيرًا بحكم مواقع عملهم، ولكن خلال المناظرة التي سيعقدها الحزب الجمهوري يوم الخميس المقبل، وخلال عام من الآن الذي يفصلنا عن إعلان الجمهوريين عن مرشحهم رسميًا، قد يقوم أحد هؤلاء المرشحين بالإعلان عن مواقفه أو تغييرها.
ومع ذلك، وفي أعقاب الاتفاق النووي الإيراني، والمشاكل الأكبر المتعلقة بالعراق وسورية، فإن التركيز سينصب على هذه الأمور بالذات، واسم السيسي قد يبزغ فقط ضمن سياق هذه القضايا، وجدير بالذكر أخيرًا، بأن تعليقات هؤلاء المرشحين حول قضايا السياسة الخارجية، وبخاصة ما يتصل منها بمسائل الشرق الأوسط، تشير إلى إن مواقفهم حول السيسي ومصر من غير المحتمل أن تنحرف عن التيار الجمهوري المناصر للطاغية المصري.
المصدر: مدونة باسل الضبع