بعد سيطرة عملية فجر ليبيا على العاصمة الليبية طرابلس وبعض ضواحيها منذ قرابة أكثر من سنة عسكريًا، ظهرت تشققات في التحالف المسلح المعارض لعملية الكرامة بسبب الموقف من التوقيع بالأحرف الأولى على مسودة الاتفاق السياسي الرابعة المعدلة، ما بين مؤيد لها ومعارض، وانقسام الكتائب المسلحة وفق هذين التوجهين.
تقعطت أوصال مناطق غرب ليبيا خاصة ما بين العاصمة طرابلس والمدن الواقعة غربها كمدينة الزاوية 70 كم على خلفية سيطرة مسلحين ومليشيات تابعين لجيش القبائل الموالي للواء المتقاعد خليفة حفتر على شبكة الطرق المؤدية للعاصمة، حتى أن عضو المؤتمر الوطني العام عن مدينة الزاوية يدخل لطرابلس عن طريق البحر.
يضاف إلى ذلك تردي الخدمات العامة داخل العاصمة طرابلس، إذ تنفصل شبكة الكهرباء عن أحياء المدينة بالتناوب من ست إلى ثمان ساعات يوميًا، وهو ما يعني عدم توفر الخبز والوقود، وغلاء أسعار المواد الأساسية بسبب ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية إلى قرابة دينارين وأربعمائة درهم مقابل الدولار الواحد، على خلاف السعر الرسمي بالبنوك وهو دينار وأربعمائة وعشرة دراهم، إلا أنه غير متوفر بها.
المؤتمر يقود السياسة، والحكومة الخدمات
يرى مراقبون أن المؤتمر الوطني العام الليبي يقود المشهد السياسي للمؤيدين له في مناطق غرب ليبيا، إذ تصطف إلى جانبه كتائب مسلحة معارضة لعملية السلام التي تقودها البعثة الأممية في ليبيا برئاسة برناردينو ليون، تاركًا الشأن المحلي وإدارة الخدمات إلى حكومة الإنقاذ الوطني التابعة له برئاسة خليفة الغويل.
إلا أن المتابعين للشأن اللليبي العام والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وتقارير ديوان المحاسبة التابع للمؤتمر الوطني العام الليبي وهيئة الرقابة الإدارية لا يتهمون حكومة الإنقاذ بالعجز فقط عن توفير الخدمات الأساسية كالكهرباء والوقود والخبز فقط، بل أيضًا بالفساد الإداري والمالي والمحسوبية والوساطة.
ظهرت بعض الدعوات على مواقع الاجتماعي تطالب بإقالة رئيس حكومة الإنقاذ خليفة الغويل وحكومته خاصة في العاصمة طرابلس التي تشهد تراجعًا في مستوى الأداء الحكومي على صعيد الخدمات الأساسية.
الحرب على الأبواب
توقع مراقبون عسكريون ليبيون نشوب حرب جديدة في مناطق ورشفانة جنوب غرب العاصمة طرابلس التي يسيطر عليها جيش القبائل المعارض لعملية فجر ليبيا، وكذلك بمنطقة ككلة التي تيسطر عليها كتائب من الزنتان موالية لعملية الكرامة، وذلك بهدف القضاء على بؤر يراها بعض قادة عملية فجر ليبيا مصدر قلق على حياة الناس التي تمر بهذه المناطق حيث يتعرضون للخطف والتعذيب والسرقة بالإكراه.
وفي السياق ذاته يرى المراقبون أن هذه الحرب إذا ما انطلقت بعيدًا عن قلب العاصمة الليبية طرابلس وأطرافها القريبة فقد تنجح في توحيد صف قادة عملية وكتائب فجر ليبيا من مصراتة ومن مناطق عدة متاخمة للعاصمة طرابلس، وفي الوقت نفسه ضرب المصالحات بين بعض وجهاء قبيلة ورشفانة والزنتان مع بعض قادة كتائب مصراتة، باعتبارها اتفاقات هشة لم تؤد إلى نتائج عملية على الأرض أهمها تأمين الطرق بين المدن المجاورة لطرابلس.
تعقد المشهد السياسي
يصر المؤتمر الوطني العام على موقفه السابق من الحوار والتوقيع بالأحرف الأولى على مسودة الاتفاق السياسي، والداعي إلى تحديد موقف صريح من قائد عملية الكرامة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وذلك بتضمين الاتفاق خروجه النهائي من المشهد السياسي الليبي، في الوقت الذي يقدم فيه دبلوماسيون غربيون وعدًا بخروجه في حال التوقيع على الاتفاق النهائي.
ويطالب المؤتمر الوطني بحقه في سحب الثقة من حكومة التوافق الوطني، وليس مجرد دور استشاري، وإلغاء كافة القرارات والقوانين الصادرة عن مجلس النواب الليبي المتعلقة باعتبار عملية فجر ليبيا إرهابية.
وفي السياق ذاته التقى رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي نوري أبو سهمين بالسفيرة الأمريكية بليبيا ديبورا جونز في إسطنبول التركية بهدف تقريب وجهات النظر بين البعثة الأممية في ليبيا ورئاسة المؤتمر.
أجرت جونز اتصالاً هاتفيًا في حضور بوسهمين برئيس البعثة الأممية في ليبيا برناردينو ليون الذي أصر على عدم إدخال أي تعديلات على مسودة الاتفاق الرابعة المعدلة والموقعة بالأحرف الأولى، إلا أنه وعد بأخذ ملاحظات المؤتمر عند فتح باب الحوار بشأن ملاحق الترتيبات الأمنية واختيار رئيس ووزارء حكومة التوافق الوطني.
وبحسب موقع ليبيا الخبر الذي أورد عن مصادر قريبة من المؤتمر الوطني الليبي، فإن لقاءً سيجمع المبعوث الأممي بوفد حوار المؤتمر بجنيف السويسرية قبيل استئناف جلسات الحوار بالصخيرات المغربية لوضع إطار بشأن مشاركة المؤتمر في جلسات الحوار وفق ملاحظاته.
وضع أمني وعسكري مضطرب في شرق ليبيا وغربها وجنوبها، وترد في الخدمات العامة، واحتمال نشوب معارك مسلحة بين جيش القبائل وكتائب الزنتان من جهة، وبعض كتائب فجر ليبيا الموالية للمؤتمر الوطني العام، وارتفاع في أسعار الدولار وباقي سلة العملات في السوق الموازية مقابل الدينار الليبي، كلها عوامل وفق مراقبين قد تجعل أي اتفاق سياسي ليس هشًا فقط، بل قابل للانفجار في أي وقت مع عدم القدرة على السيطرة.