قضية التحرش في مصر
“لم تعد القضية قضية ملابس، القضية تكمن في غياب حرية المرأة في الشارع المصري”.
كونك امرأة في مصر يعني حتمية تعرضك للتحرش يوميًا، أصبحت ظاهرة التحرش أكثر انتشارًا في مصر بعد الربيع العربي؛ حيث سجلت تقارير الاتحاد الأوروبي نسب خيالية عن معدلات التحرش في مصر من بعد ثورة الـ25 من يناير، 99.3% من نساء مصر قد تعرضن للتحرش خلال حياتهن، مما يعني أن نصف سكان الجمهورية المصرية – وهم من النساء – يعانون من عدم الأمان عند خروجهن من البيت يوميًا.
تعود جذور مشكلة التحرش في مصر إلى عدم المساوة بين الرجل والمرأة في المجتمع المصري، وعدم تأسيسهم منذ الطفولة في كيفية تعامل كلا الجنسين مع بعضهما؛ نسبة كبيرة من الرجال يعتبرون المرأة مشكلة من مشاكل المجتمع، المشكلة لا تكمُن في ملابس المرأة كما يزعم البعض، ولكن الأصل يعود إلى عدم شعور المرأة المصرية بالأمان في الشارع، وشعورها باليأس للدفاع عن نفسها لمنع التحرش بجسدها، فكلهن يؤمنّ أن التحرش سيصل لكل فتاة مهما كان ما ترتديه.
المجتمع المصري مجتمع مُحافظ جدًا، ليس من السهل على الرجل والمرأة أن يكونا أصدقاء، ليس هذا فحسب بل الاضطرابات السياسية، الفقر، وتدني مستوى التعليم يدفع الكثير من الشباب المصري لاعتبار مسألة التحرش بفتاة لفظيًا أو جسديًا أمرًا عاديًا، كما زاد غياب الوعي الثقافي عن خطورة التحرش على كلا من الشاب والفتاة، والآثار النفسية التي تُصاحب الفتاة بعد عملية التحرش بها من ارتفاع نسبة التحرش في مصر بشكل جنوني في الآونة الأخيرة.
“لا يتحرش كل الرجال بالنساء، ولكن كل النساء تم التحرش بهن من قِبل الرجال”.
تقرير عن إجابات ضحايا التحرش عن أنواع التحرش التي تمت لهم خلال تجربتهم الشخصية
87.7 عن طريق التصفير أو الكلام البذيء
75.2 نظرات بذيئة لجسد المرأة
62.5 اهانات جنسية
60 متطاردة في الشارع
70.7 التحرش بالهاتف
59.5 لمس جسد المرأة
29.3 إشارات بذيئة للأعضاء الجنسية للرجل
18.8 صور ورسائل بذيئة على الإنترنت
18.8 الإصرار على الخروج مع المرأة للغداء رغم رفضها
16.2 الإصرار على توصيل المرأة للمنزل رغم رفضها
12.6 تعليق صورة جنسية مهينة
10.2 الإصرار على بقاء المرأة ساعات إضافية للعمل أو للدراسة بدون سبب
عرضت “إيمان حلال”، مصورة صحافية في جريدة “المصري اليوم”، مشروعًا عن المرأة المصرية ومعاناتها مع التحرش بعد قيام ثورات الربيع العربي؛ من خلال قصص مصورة وفيديوهات مسجلة لفتيات يعرضن تجربتهن الشخصية ولوقائع تحرش مسجلة بالكاميرات أيضًا، على الرغم من أهمية الموضوع وبشاعة الصور التي التقطتها إيمان إلا أن العديد من الصحف المصرية رفضت عرضها، لذا استعانت إيمان بالصحافة العالمية لنشر ما سجلته كاميرتها، في مشروع دام من أغسطس 2014 إلى فبراير 2015.
تفضيل المرأة المصرية عربات المترو المخصصة للنساء فقط خوفًا من التعرض للتحرش في العربات المختلطة. إيمان حلال – مصورة صحافية
ظاهرة التحرش الجماعي في مصر
تفيد “إيمان” بارتفاع معدل التحرش الجماعي في مصر منذ الربيع العربي، حيث تقول “لا أعتقد أن للربيع العربي دخل فيما حدث، أعتقد أن غياب الشرطة الواضح في الشوارع المصرية يدفع الشباب لارتكاب ما يحلو لهم دون الخوف من العقوبة القانونية، ينتشر التحرش الجماعي بالفتيات في الأماكن المزدحمة، كالمترو أو الأماكن العامة في الأعياد، ميدان التحرير لم يشهد تغيرات سياسية فحسب بل كان شاهدًا أيضًا على أعنف وقائع تحرش جماعي شهدتها مصر على مدار تاريخها.
الأفلام الوثائقية .. “بنات الناس”
الأمر لا يقتصر على المسيرات والصور، لا بد من توثيق وقائع حدثت بالفعل وتم تصويرها من قِبل كاميرات شخصية أو الكاميرات العامة في الشوارع، مشروع “بنات الناس” هو أحد المشاريع الوثائقية التي عرضت تجارب شخصية للعديد من الفتيات، وكذلك حوارات مع الشباب المصري في الشارع عن تلك الظاهرة.
تقارير الاتحاد الأوروبي عن التحرش في مصر تشير إلى أن 99.3% من النساء المصريات تم التحرش بهن في الأماكن العامة، 82.5% لا يشعرن بالأمان أثناء تواجدهن في الشارع، وترتفع النسبة إلى 86.5%، إذا أضفنا عدم شعورهن بالأمان في وسائل النقل العامة، في الرابع من يونيو 2014 تم إصدار قانون يجرم التحرش اللفظي أو الجسدي أو عن طريق الهاتف أو الإنترنت لأول مرة في استجابة حقيقة للحكومة المصرية على مدار تاريخها، حيث صارت عقوبة التحرش تتراوح من 6 أشهر إلى 5 سنوات، بالإضافة إلى غرامة مالية تصل إلى 50.000 جنيه مصري، بالإضافة إلى تقدم ملحوظ لمنظمات المجتمع المدني والتجمعات الشبابية في مناهضتها التحرش؛ عن طريق وسائل التوعية المختلفة بالمشكلة، عن طريق الأفلام أو الإعلانات أو المشاريع الشخصية في الجامعات المصرية أو الأماكن العامة، وكذلك تنظيم مجموعات من الشباب لحماية الفتيات من التحرش في الأماكن العامة، وكذلك إنشاء خط اتصال هاتفي لتلقي بلاغات الفتيات بالتحرش، ومحاولة القبض على المتحرش.
نساء المملكة العربية السعودية في صراع مع التحرش
لا يبدو أن بلاد الربيع العربي تعاني وحدها من مشكلة التحرش، بل ارتفعت الأصوات مؤخرًا من المملكة العربية السعودية بآثار مشكلة التحرش المزمنة في المملكة، والتي تحاول الصحف السعودية أن تخفيها، لا يوجد إحصائيات حديثة أو واضحة لمعدلات التحرش في السعودية إلا أن وجود وسائل التواصل الاجتماعية زاد من إلقاء الضوء وبشدة على تلك الظاهرة داخل المجتمع السعودي، حيث أصبح من الممكن تصوير الحادثة ونشرها على كل مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من التكتم التام على وجود ما يسميه مواطني المملكة بالـ”ظاهرة” إلا أنه لوحظ، مثلًا، أن عدد قضايا التحرش بحق النساء والأطفال، المسجلة في المحاكم عام 2013، بلغ أكثر من 2700، وحازت العاصمة الرياض على أكثر عدد من القضايا المسجلة، تليها جدة ثم المنطقة الشرقية.
فمثلًا تنتهي دراسة أنجزتها الباحثة السعودية، نورة الزهراني، عن التحرش الجنسي بالنساء، على عينة تتراوح عمريًا بين 18- 48 عامًا، إلى أن 87% من المُستَطلعات تعرضن للتحرش الجنسي بشكل مباشر، ووجدت الدراسة أن 27% تعرضن للتحرش اللفظي، 15% تعرضن للتحرش الجسدي المباشر.
كشفت دراسة أجرتها شركة أبحاث عالمية لصالح وكالة الأنباء العالمية “رويترز”، أن السعودية تحتل المركز الثالث من بين 24 دولة في قضايا التحرش الجنسي في مواقع العمل، وبيّنت الدراسة، التي شملت 12 ألف موظفة، أن 16% من النساء العاملات في السعودية تعرضن للتحرش الجنسي من قِبل المسؤولين في العمل.
مطالبات بقوانين لتجريم التحرش بعد تلك الحوادث التي وقعت مؤخرًا في “نفق النهضة بالرياض”، “مجمع الظهران بالمنطقة الشرقية”، و”كورنيش جدة”، والتي تم نشرها بفيديو مسجل وشغلت الرأي العام لفترة من الوقت.
زيادة نسبة الاختلاط بين المرأة والرجل في المجتمع السعودي عن ذي قبل، مع زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل بشكل ملحوظ، أدى إلى تصاعد الشكوى من قِبل النساء لوجود قوانين رادعة لتجريم التحرش مع زيادة قوانين الضبط من قِبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
نظرة عامة على التحرش في العالم العربي
تُصنف مصر كأسوأ بلد عربي في التعامل مع المرأة، حيث يُقدر عدد الإناث اللاتي تعرضن لعملية الختان إلى 27.2 مليون أنثى، كما ارتفعت نسبة التحرش بالنساء من 93% إلى 99.3% مؤخرًا.
تحتل العراق المرتبة الثانية في هضم حقوق المرأة حيث تنص المادة 409 من القانون الجنائي العراقي للقاضي بتقليص عقوبة السجن بشكل كبير في حالات القتل الخاصة بجرائم الشرف.
تأتي السعودية في المرتبة الثالثة حيث ينص قانون الاغتصاب على شهادة أربعة من الرجال لإثبات واقعة الاغتصاب، حيث تُتهم المرأة بالزنا إذا بلّغت عن حدوث واقعة اغتصاب أو إهانة جنسية لها.
وأخيرًا سوريا، الإحصائيات غير معلومة كليًا من بعد الحرب التي تعيشها سوريا في هذه اللحظات، إلا أنها كانت تحتل المركز الرابع على مستوى العرب، حيث تم الإبلاغ عن 4000 حالة اغتصاب وتشويه للأعضاء التناسلية للأنثى، حوالي 700 حالة منهم تم اغتصابها داخل السجون.