أكثر من ألفين وستمائة طالب مصري في مرحلة الثانوية العامة قاموا بأداء امتحاناتهم في ظل ظروف الاعتقال والسجن، ووسط انتهاكات وظروف مخالفة لكل الأعراف والقوانين الدولية، بل والتفوق نصيب أغلبهم في رسالة يبدو أنها عفوية ولكنها صادقة، لا السجن يكسرنا ولا الأسوار ترهبنا.
إيهاب محمد طالب بالثانوية العامة معتقل بأحد أقسام القاهرة وأدى الامتحان بداخلها نقل لنا ما يعانيه الطلبة خلف الأسوار، ويخبرنا أن النجاح كان حليفه هو و200 آخرين رافقوه في المحنة رغم ما مروا به في المعتقل.
“كنا 200 طالب لينا ساعة في اليوم نقعد فيها داخل الزنزانة، وساعتين للنوم وبقية اليوم واقفين لشدة الزحام”، هكذا بدأت الصورة التي نقلها “إيهاب” عن حال الطلبة داخل السجن، مضيفًا: “كنا قاعدين وسط جنائيين وحشيش ومخدرات طول اليوم بالإضافة للخناقات والدم الي كان بيحصل بينهم بالإضافة لعدم وجود إضاءة كافية داخل الزنازين والاستهزاء المستمر من السجانين والجنائيين على حد السواء”.
أما عن الكتب فأكد “إيهاب” أنها دخلت للطلبة المعتقلين يوم 5-10-2015 أي قبل بداية الامتحانات بـ24 ساعة فقط ، مشيرًا إلى أنها دخلت بعد دفع رشاوى والكثير من المحاولات التي قام بها الأهالي وسط تعنت المسؤولين لافتًا إلى أنه ورغم ما تم دفعه إلا أنهم أن حاولوا تحريز كتب مادة الفيزياء لاحتوائها على شرح للدوائر الكهربائية ومنعوا دخول الآلات الحاسبة.
وتحدث “إيهاب” عن وقت الامتحان والنزول له من القسم وما تعرضوا له خلال ذلك الوقت من انتهاكات قائلًا: “الظباط وأمناء الشرطة كانوا بيشتمونا دائمًا ومرة حصل اشتباك بين الطلبة والمراقبين بسبب تصرفات شبيه أثناء أداء الامتحان، ودخلت علينا قوات فض من داخل السجن، وامناء شركة وعساكر، ومنعونا من تكملة امتحان الكيمياء”.
ولفت إلى أن النقل من القسم للجان والعودة إليها كان يتم بمعاملة سيئة للغاية،قائلًا: “الفلوس كانت بتخلص أزمات كتير في رحلة الذهاب والعودة، يعني كنا ندفع 100 جنيه عشان مايقفلش الكلابش جامد لدرجة لما كنا ماندفعش يقفل الكلابش بدرجة إن إيدك هتتقطع “.
الانتهاكات من المراقبين داخل اللجان نفسها قصة أخرى يقصها ” إيهاب” فيشير إلى تعنت المراقبين وإهانتهم المستمرة للمعتقلين خاصة لو تجاوب الطلبة مع الامتحان وأجابوا بشكل جيد، بالإضافة لقيام المراقبين بإلغاء الامتحان لمن يتأخر لعشر دقائق رغم أن التأخير ليس ذنب الطلبة.
“إحنا دخلنا عشان نعرفهم إننا مابننكسرش أبدًا رغم الظروف وهيفضل في فرق ما بينا بعلمنا وما بينهم بجهلهم، هو كان نفسه السنه تضييع علينا عشان يعرفنا إننا إحنا اللي خسرنا والهدف ده كبر جوانا كلنا من غير مانتفق ولا كنا نعرف بعض بعد تعذيب المباحث لينا في أاول أيام حبستنا” بتلك الكلمات اختتم “ايهاب” حديثه معنا شارحًا لماذا أصر وزملاؤه على دخول الامتحان، وليخبر سجانه أن الأسوار هي التي ستنكسر يومًا ما وليس من خلفها.
صورة علاء الونش
“علاء الونش” طالب سكندري بالصف الثالث ثانوي، خلال عام واحد تعرض لعدة أزمات أبرزها كان وفاة والدته واعتقال والده وأخيه واعتقاله هو نفسه مرتين بينهم أقل من شهر ونصف وكان اعتقاله في المرة الثانية أثناء توجهه لحضور درس استعدادًا للامتحانات وتوفيت والدته خلال فترة اعتقاله الأولى.
استطاع “الونش” النجاح بامتحان الثانوية العامة والذي دخله وهو معتقل وبعد أن تعرض لتعذيب شديد باستثناء مادة واحدة منعه التعنت الأمني من دخولها رغم كل ما مر به خلال هذا العام.
تقص علينا أخته “مريم” ما واجهه محمد ذو الـ18عامًا مشيرة إلى أنه تم ترحيله من قسم المنتزه أول لسجن برج العرب قبل الامتحان بيوم واحد مضيفة أنه تم منعه من امتحان أحد فروع مادة الرياضيات بسبب تلفيق قضية جديدة له ونقله لمديرية الأمن ليلة الامتحان من أجل العرض على النيابة.
وتحدثت “مريم” عن ظروف اعتقاله قائلةً: “فترة وجوده في القسم كانت صعبة جدًا قعد حوالي 4 شهور كان تعبان فيهم من أثر التعذيب، والنيابة رفضت إنه يتحول مستشفى عشان يتعالج، وجو القسم مكنش بيساعد على المذاكرة لعدة أسباب أبرزها إن العدد كبير ومفيش مساحة للحركة، ومنعوا الكتب من الدخول ومدخلوهاش إلا بالفلوس”.
وأشارت “الونش” إلى أنها وغيرها من أهالي الطلبة تعرضوا لإهانات شديدة لمجرد سعيهم مساعدة المعتقلين لدخول الامتحان قائلة:”مثلاً في البرج لما أحاول أدخل ورق بروح أستأذن من الظابط وأبسط رد فعل منه معانا لأ خليهم”.