المساعدان
نتابع معكم جولتنا في ملاعب كرة القدم العالمية، لنسلّط الضوء على أفضل نجومها القدامى والمعاصرين، من خلال “سلسلة الأفضل” التي خصّصنا حلقتيها الأوليّتين للتعرّف على أبرز حراس المرمى وقلوب الدفاع، أما حلقة اليوم فنستكمل الحديث من خلالها عن لاعبي الخطوط الخلفيّة، ونفردها لفرسان الميمنة والميسرة (لاعبي الظهيرين)، والظهير لغةً هو المعين والمساعد، وفي مصطلح الكرة هو لاعب الطرف الذين يعين لاعبي متوسط الدفاع أولاً، وسائر لاعبي الفريق عند الحاجة، وعلى من يتصدى لمهام العون والمساعدة أن يكون من ذوي البأس والعزم.
لذا فللاعبي هذا المركز خاصتان لا غنى عنهما، هما السرعة واللياقة البدنيّة، اللتين تعتبران رأسمال كل ظهير، بينما تعدّ مزايا أخرى، كتخليص الكرات من الخصوم (التاكلينغ)، وإتقان ألعاب الهواء، وقوّة التسديدات على المرمى، إضافةً إلى مهارات المراوغة والتجاوز ودقّة التمريرات الأرضيّة والعالية، من العوامل المساعدة التي يتناسب تواجدها في لاعب الظهير طرداً مع جودته، ومن المعلوم أنّ عدداً غير قليلٍ من لاعبي الظهير الناجحين، لم يبدؤوا مسيرتهم في هذا المركز، بل جرى توظيفهم ليلعبوا هذا الدور من قبل مدربيهم الذي رأوا أنه يتماشى مع قدراتهم وميّزاتهم، ومع الطرق التكتيكيّة التي رسموها، فالخطط التي تعتمد على ثلاثة مدافعين في القلب، تتطلب تواجد ظهيرين يتقنان المهام الهجومية التي تُناط عادةً بلاعبي الأجنحة، بينما يتمّ التركيز على القدرات الدفاعية عند اختيار الظهيرين في الخطط التي تعتمد على قلبي دفاع فحسب، وخاصة عند الاعتماد على لاعب وسطٍ دفاعيٍّ وحيد، أمّا تواجد أكثر من لاعبٍ في مركز الوسط الدفاعي فمن شأنه منح الظهيرين حريّةً هجوميّةً أكبر، وقد تتغيّر وظائف الظهير من مباراةٍ لأخرى بل من شوطٍ لآخر، بحسب وضعيّة المباراة وحالة الخصم، ولذا يعتبر لاعبو مركز الظهير من أكثر اللاعبين قابليّةً لتبادل المراكز وتعدّدها، ممّا يتطلّب تمتّعهم بذكاءٍ وفطنةٍ كبيرين تخوّلهم استيعاب مختلف الأدوار.
قبسٌ من الماضي
بالعودة إلى عقودٍ طويلةٍ خلت، نقرأ أسماء بعض لاعبي الظهيرين، ممن أتقنوا أداء مهام هذا المركز الصعب فكافأهم التاريخ بتخليد ذكراهم ضمن سجلات الأفضل، ففي ثلاثينيات القرن الماضي صعد اسم الظهير الأيمن خوسيه ناسازي كابتن منتخب الأورغواي حامل لقب كأس العالم الأولى عام 1930، وبعده بحوالي العقدين ظهر الثنائي البرازيلي دجالما ونيلتون سانتوس الذين قادا منتخب السيليساو إلى التتويج بكأسين عالميتين عامي 1954 و1958، وشهدت فترة السبعينيات ظهور عددٍ من الأساطين، كالقائد البرازيلي كارلوس ألبيرتو والهولندي فيم سوربيير والألماني بيرتي فوغتس على الرواق الأيمن، والإيطالي جياسينتو فاكيتي والهولندي رود كرول والإنكليزي إملين هيوز والألماني متعدّد الأدوار بول برايتنر على الرواق الأيسر، واستمرّ توهّج كثيرٍ من هذه الأسماء فترة الثمانينيات التي شهدت كذلك ظهور أسماءٍ أخرى، كالإنكليزي فيل نيل والإسباني ميغيل تشيندو على الطرف الأيمن، والإيطالي الرائع أنطونيو كابريني والإسباني خوسيه أنطونيو كاماتشو والألماني أندرياس بريمة على الطرف الأيسر.
وجاءت حقبة التسعينيات بأسطورتين يعتبرهما النقاد أفضل من شغل مركز الظهير في تاريخ اللعبة، هما الظهير البرازيلي الأيمن كافو، والإيطالي الأيسر باولو مالديني، وعاصرهما نجومٌ استمر توهّجهم حتى مطلع الألفيّة الجديدة، أمثال الإنكليزي غاري نيفل والإسباني ميشيل سالغادو والفرنسي الرائع ليليام تورام أحد أهمّ صانعي الإنجاز الفرنسي في كأس العالم 1998، وهم من لاعبي الظهير الأيمن، أما في مركز الظهير الأيسر فبرزت أسماءٌ كالفرنسي بيكسنت ليزارازو والإسباني سيرجي بارخوان والإنكليزي غريام لوسو والإيرلندي دينيس إيروين والكرواتي روبرت يارني، إضافةً إلى المدفعجي البرازيلي الشهير روبرتو كارلوس، الذي أذهل العالم بقدمه اليسرى قاذفة الصواريخ، واستمرّ في توهّجه طيلة العقد الأول من القرن الجديد، الذي شهد كذلك بروز كل من الإيطالي جيانلوكا زامبروتا والفرنسي ويلي سانيول والآرجنتيني المعمّر خافيير زانيتي في خانة الظهير الأيمن، والإيطالي فابيو غروسو والهولندي جيوفاني فان برنكهورست والإسباني خوان كابديفيا في خانة الظهير الأيسر.
أمّا في الماضي القريب، فبرزت أسماءٌ عديدةٌ، منها من انكفأ وخبا بريقه كالبرازيلي دوغلاس مايكون والإيطالي كريستيان ماجيو والفرنسي بكاري سانيا والانكليزي غلين جونسون وهم من فرسان الميمنة، والإنكليزي أشلي كول والفرنسي غايل كليتشي والصربي ألكسندر كولاروف والبرتغالي فابيو كوينتراو من فرسان الميسرة.
ومنها من استمر في توهّجه حتى يومنا هذا، فاستحقّ مكاناً ضمن قائمة أفضل لاعبي الظهير على مستوى العالم اليوم، والتي سنتعرف عليها فيما يلي:
قائمة العشرة
هاكم قائمةً بأفضل عشرة لاعبين يشغلون مركز الظهير في يومنا هذا، وهي مقسّمةٌ بحيث تشمل خمسةً من لاعبي مركز الظهيرٍ الأيمن، ومثلهم من لاعبي الظهير الأيسر.
الظهير الأيمن:
برانسلاف إيفانوفيتش(صربيا – تشيلسي): من أبرز نقاط قوّة ناديه تشيلسي بطل الدوري الانكليزي الموسم المنصرم، يتميّز بقوّته البدنيّة الرهيبة وإتقانه ألعاب الهواء، فضلاً عن قدراته الهجومية المميزة، والتي خوّلته إحراز وصناعة العديد من الأهداف الحاسمة لفريقه.
داني ألفيش (البرازيل – برشلونة): بعد فترةٍ من الابتعاد عن مستواه، عاد الظهير البرازيلي المهاري في عامه الثاني بعد الثلاثين لتبوء مكانه ضمن قائمة أفضل فرسان الميمنة، بعد موسمٍ رائعٍ مع فريقه الكاتالوني الذي حصد ثلاثيّةً تاريخيّة، كان لألفيش دوراً رئيسياً فيها.
فيليب لام (ألمانيا – بايرن ميونيخ): ذهبُ البايرن العتيق الذي لا يصدأ وماكينته الألمانيّة التي لا تتعطّل، استمرّ بتقديم عطاءاته المميزة خلال الموسم المنقضي، سواءً في مركزه المفضّل كظهير أيمن، أو في أيّ دورٍ يختاره لتأديته مدربه غوارديولا على أرض الملعب.
بابلو زاباليتا (الآرجنتين – مانشستر سيتي): أداءٌ ثابتٌ يميّزه الالتزام وقلّة الأخطاء، كان عنواناً لموسم زاباليتا الماضي، سواءً مع ناديه السماوي الذي كان أفضل عناصر خطّه الخلفي، أو مع منتخبه الذي كان قاب قوسين أو أدنى من التتويج باللقب القاري معه.
ستيفن ليشتشتاينر (سويسرة – يوفنتوس): القيمة الثابتة منذ عدّة مواسم في صفوف البيانكونيري، يتميّز بقدرته على التأقلم مع مختلف خطط اللعب، فهو ظهيرٌ مهاجمٌ عصريٌّ في خطط الدفاع الثلاثي، ومدافعٌ شرسٌ يصعب تجاوزه في خطط الرباعي الدفاعي، قدّم موسماً ممتازاً مع ناديه العام الماضي وتوّج معه بالثنائية المحليّة.
الظهير الأيسر:
جوردي ألبا (إسبانيا – برشلونة): الطائر الكاتالوني المغرّد، استمر بالتحليق في سماء النيوكامب، ولم يتأثر بالتغييرات التي فرضها مدرب البارسا الجديد لويس إنريكة مطلع الموسم، بل تطوّر مستواه دفاعياً ليصبح على نفس قدر مهاراته الهجوميّة الممتازة، ليتبوأ مركز الريادة ضمن قائمة أفضل فرسان الميسرة.
دافيد ألابا (النمسا – بايرن ميونيخ): الظهير القويّ المتكامل الذي ظهر منذ عدّة مواسم مع ناديه البافاري وأذهل العالم بقدراته الممتازة، دائماً ما يستطيع العودة بقوّةٍ بعد كلّ غيابٍ قسريّ تفرضه عليه الإصابات اللعينة، التي لم تمنعه من التألق الموسم الماضي.
مارسيلو (البرازيل – ريـال مدريد): رغم العديد من التحفظات على أدائه الدفاعي، يبقى مارسيلو من أهمّ لاعبي عصره في هذا المركز، وقد قدّم مستوىً ثابتاً مع ناديه الميرينغي الموسم المنقضي، مستغلاً غياب منافسه فابيو كوينتراو عن أغلب فترات الموسم للإصابة.
ريكاردو رودريغيز (سويسرة – فولسبورغ): اكتشاف الموسمين الأخيرين في البوندسليغا، تألّق بشدّة مع ناديه الأخضر الموسم الماضي، وكان أحد أهمّ عوامل حلوله وصيفاً في الدوري، ومن ثمّ تتويجه بكأس ألمانيا على حساب العملاقين دورتموند والبايرن.
لايتون باينز (إنكلترا – إيفرتون): إذا تابعت فريق إيفرتون العام الماضي، فلابدّ وأنه قد لفت نظرك قوّة وتميّز جبهته اليسرى بقيادة باينز، الذي دأب اسمه على الظهور ضمن قوائم أفضل صانعي فرص التهديف في المواسم الخمسة الأخيرة من الدوري الإنكليزي الممتاز.
مخضرمون وواعدون
من الأسماء الأخرى التي تستحقّ الذكر والإشادة، ثلّة الفرسان المخضرمين المحافظين على مستواهم الرفيع، كالإسباني خوان فران والكرواتي داريو سرنا والصربي دوزان باستا على الرواق الأيمن، والبرازيلي ماكسويل والفرنسيين باتريس إيفرا وبينوي تريموليناس على الرواق الأيسر، وثلّةٌ أخرى من الشبّان الواعدين الذين يُتوقّع لهم مستقبلٌ مشرقٌ، كالبرازيلي دانييلو والإسباني داني كارباخال والإيطالي ماتيو دارميان والإنكليزي ناثان كلاين والعاجي سيرج أوريير على الجبهة اليمنى، ونظرائهم على الجبهة اليسرى: الآرجنتيني ماركوس روخو والإنكليزي داني روز والثلاثي الإسباني سيزار أزبيلكويتا وخوان بيرنات وخوسيه لويس غايا، إضافةً إلى النجم الجزائري الواعد فوزي غلام.