كيف نقرأ نتائج الانتخابات المهنية في المغرب؟

شهد المغرب في نهاية الأسبوع المنقضي استحقاقًا انتخابيًا، وهو انتخابات التجديد العام للغرف المهنية؛ والتي يتم من خلالها تسمية أعضاء الغرف الفلاحية، غرف التجارة، الصناعة، الخدمات، غرف الصناعات التقليدية، وغرف الصيد البحري.
وقد أسفرت هذه الانتخابات عن تصدر حزب الأصالة والمعاصرة، في حين حل الحزب الحاكم، العدالة والتنمية خامسًا، لتتنوع القراءات في نتائجها، بين من يُقلّل في أهميتها، وبين من يرى فيها نسخة مصغرة عن انتخابات الهيئات البلدية والمحلية، المُزمع تنظيمها خلال شهر سبتمبر القادم.
في نتائج الانتخابات
وبحسب بيانات وزارة الداخلية، شارك 29 حزبًا سياسيًا، إضافة إلى المستقلين، في هذه الانتخابات كمترشحين، وبلغ عدد المتنافسين 11648 شخصًا للتباري على 2179 مقعدًا، وبلغ عدد ترشيحات غرف التجارة والصناعة والخدمات 5245 مرشحًا، بمعدل 6 ترشيحات لكل مقعد انتخابي، مقابل 3957 مرشحًا في غرف الصناعة التقليدية بمعدل 7 ترشيحات لكل مقعد، و2150 مرشحًا في الغرف الفلاحية، بمعدل 3 ترشيحات ونصف لكل مقعد، في حين بلغ عدد الترشيحات الخاصة بغرف الصيد البحري 296 مرشحًا، بمعدل يفوق ترشيحين لكل مقعد.
ونقلًا عن نفس المصدر، بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات المهنية 43%، بزيادة 3% عن آخر نسبة سجلت في آخراستحقاق انتخابي مماثل سابق، قبل ست سنوات.
وقد حل حزب الأصالة والمعاصرة (مُقرب من الملك) في الصدارة بحصوله على 18.72% من المقاعد، متحصلًا على 142 من مقاعد الغرف الفلاحية، و151 بغرف التجارة والصناعة والخدمات، مقابل 101 بغرف الصناعة التقليدية، و14 تمثيلية وسط غرف الصيد البحري، ما يمكّنه من 408 من المقاعد.
أما حزب الاستقلال فقد جاء ثانيًا في النتائج النهائية، حاصلًا على 351 من المقاعد، يعقبه التجمعيون بـ326 مقعدًا في المرتبة الثالثة، ثمّ حزب الحركة الشعبية بمقاعده الـ202، فالمستقلين بـ258، ثم حزب العدالة والتنمية بنيله 196 من المقاعد وتصنيفه بالرتبة السادسة لانتخابات 7 أغسطس المهنية، والخامسة وسط التنظيمات السياسية.
ذات المصدر كشف أن الـPJD قد أعطته الأصوات 8.99% من مجموع المقاعد المتنافس عليها وطنيًا، موزعة على 20 مقعدًا بالغرف المهنية و110 بغرف التجارة والصناعة والخدمات، مقابل 60 مقعدًا بغرفة الصناعة التقليدية و6 مقاعد وسط غرف الصيد البحري.
نحو التقليل من أهمية نتائج هذه الانتخابات
وحال نشر النتائج النهائية لهذه الانتخابات، انطلقت القراءات المُختلفة، ومن بينها ما ذهبت للتقليل في أهميتها والدعوة لعدم اعتبارها مؤشرًا لما ستكون عليه الأمور خلال الانتخابات القادمة، باعتبار أن طابعها المهني يجعلها بلا دلالة على مستوى الخارطة السياسية، فمن يترشح لهذه الانتخابات لا يقف على أرضية الانتماء السياسي عمومًا، وهي أقرب للولاءات الشخصية والقبلية والفئوية داخل جزء مُصغر من المجتمع، وهم المهنيون، وليس كامل المجتمع المغربي.
ومما يدعم هذا الطرح، ما نخلُص إليه عند المقارنة بين نتائج هذه السنة والنتائج السابقة، فالأحزاب التي تقود التحالف الحكومي تقدمت بـ211 مقعدًا مقارنة مع انتخابات 2009، في حين تراجعت أحزاب المعارضة بفقدانها لـ98 مقعدًا.
في السیاق ذاته، يرى بعض المحللين أنه لا يمكن الاعتماد على هذه الانتخابات لتشكيل صورة دقيقة حول المشهد السياسي الحالي في المغرب باعتبار أنها كانت غير مباشرة، ولا تمثل أغلبية الناخبين، بل يصفها البعض بأنها فئوية و”مصالحية”، على عكس الانتخابات المحلية والجهوية التي تكون مباشرة ويمكن أن تعكس الحضور الشعبي لمختلف الأحزاب.
وفي الحقيقة، لم تكن النتائج مُفاجئة حيث حافظت الأحزاب التقليدية على مراتب متقدمة، رغم أنه يمكن قراءة نتائج حزب العدالة والتنمية من زاويتين مختلفتين؛ القراءة الأولى إذا ما ارتكزت على المقارنة بنتائجه سنة 2009، تنتهي إلى تسجيل تقدمه بـ115 مقعدًا وهو أمر إيجابي، أما القراءة الثانية، التي ترتكز على كونه حزبًا يُسّير حكومة، قد تنتهي تقيميًا للقول بأنه لم يحقق نتائجًا تعكس وضعه في المشهد السياسي المغربي.
اختلاف القاعدة الانتخابية بين انتخابات المهنيين والانتخابات المحلية والجهوية، واختلاف طبيعتهما أيضًا، يجعل من النتائج المُسجلة مُعطى غير دقيق لا يمكن الاعتماد عليه لإنشاء قراءة سليمة للمشهد السياسي المغربي.
وعلى عكس هذا الاستنتاج، من المُنتظر أن تكون الانتخابات الجماعية المقبلة، يوم 4 سبتمبر، أحد أهم مؤشرات توقع نتائج الانتخابات التشريعية المغربية القادمة.