ترجمة وتحرير نون بوست
المرأة في المملكة العربية السعودية ممنوعة من قيادة السيارات، مما يضطرها للاعتماد على الأقارب الذكور أو خدمات النقل المدفوعة للوصول إلى المتاجر والمدارس، ومؤخرًا وبشكل متزايد، للوصول إلى العمل، لذلك عندما أطلقت شركة أوبر خدماتها في الرياض في أوائل عام 2014، تجاوز أثرها مجرد تحقيق الراحة العامة المدعومة تكنولوجيًا، ليصل إلى حد إحداث فارقًا حقيقيًا في مجال تنقلات المرأة السعودية.
في ديسمبر المقبل، من المقرر أن تستضيف رائدة الأعمال والمدافعة عن الصحة الأميرة ريما بنت بندر آل سعود حدث (10 KSA)، والذي من المتوقع أن يكون حدثًا هامًا للتوعية حول سرطان الثدي والتعليم، كما يهدف المشروع إلى جمع 10.000 امرأة سعودية معًا للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وشركة أوبر هي الجهة المشاركة في رعاية هذا الحدث، حيث طلبت الأميرة ريما تجهيز 2000 سيارة في يوم الحدث للمساعدة على نقل النساء بغية حضور أكبر عدد ممكن منهن، ولكن خدمة أوبر هي بالفعل مطلب يومي للنساء في البلاد، ويشير المدير العام للشركة في السعودية، ماجد أبو خاطر، أنه على الرغم من أن مكتب الشركة لا يحتفظ ببيانات دقيقة حول جنس العملاء، بيد أن المراقبة والأدلة تشير بوضوح أن 70 : 90% من عملاء شركة أوبر في السعودية هم من النساء.
“الكثير منهن من الشابات” يقول أبو خاطر، ويتابع “لدينا بعض البيانات التي توضح بأن النساء قد بدأن بالاعتماد على أوبر في الكثير من تنقلات حياتهم اليومية، ونسبة الرحلات التي نراها في السعودية خلال أيام الأسبوع هي في الواقع عالية جدًا مقارنة مع نسبة الرحلات في البلدان الأخرى، وهذا أحد المؤشرات التي توضح لنا بأن المرأة السعودية بدأت فعلًا بالاعتماد على أوبر في تنقلات حياتها اليومية إلى العمل، أو المدرسة، أو إلى الجامعة”، وفي الوقت الذي مازالت المرأة فيه لا تشكل سوى 13% من قوة العمل السعودية، فإن النساء يشكلن 60% من نسبة طلاب الجامعات، وهذا بالطبع ينعكس على زيادة عدد الرحلات اليومية المطلوبة من قِبل النساء للانتقال إلى الجامعات.
“أطلب خدمة أوبر في كل مرة أسافر فيها إلى الرياض، للذهاب من وإلى المطار، وللوصول إلى الاجتماعات، أو لزيارة الأصدقاء”، تقول شهد الشهيل، وهي امرأة سعودية الجنسية تعيش في دبي، ولكنها تعود إلى أرض الوطن في كثير من الأحيان لزيارة الأسرة وبحكم عملها كمؤسِسة لشركة (JUST)، وهي منصة تساعد شركات العلامات التجارية من خلال توفيرها للبيانات، “العديد من أصدقائي يستعملون هذه الخدمة، وكذلك العديد من أفراد أسرتي، للذهاب إلى العمل، التبضع، أو للذهاب إلى لقاء اجتماعي” تقول الشهيل.
قبل وصول أوبر إلى السعودية، والتي تعمل الآن في الرياض وجدة والدمام، كانت النساء يعتمدن على السائقين الخاصين، إذا كان بإمكانهن تحمل تكلفة توظيفهم، أو خدمة شركات سيارات النقل الموجودة أساسًا في البلاد، والتي تستعملها أوبر حاليًا كقاعدة لوجستية لخدماتها، ولأسباب تنظيمية، فإن أوبر في المملكة العربية السعودية لا تتعاقد مع سائقين يمتلكون سياراتهم الخاصة، بل إن جميع السيارات المستعملة في أوبر ترجع ملكيتها لشركات النقل الموجودة في البلاد أساسًا، ويقول أبو خاطر “أوقات الانتظار قبل ظهور شركة أوبر كانت تمتد إلى أكثر من نصف ساعة، وفي بعض الأحيان تكون جميع سيارت شركات النقل محجوزة تمامًا، لذا تكون النساء حرفيًا في هذه الحالات غير قادرات على التحرك بتاتًا في أنحاء المدينة، ولكن الآن، وبعد أن قمنا بإضافة طبقة التكنولوجيا إلى بنية النقل التحتية القائمة، لم يعد يتوجب على المرأة الاتصال بعشرات شركات السيارات في محاولة للعثور على سائق لإيصالها، بل أصبح الموضوع يكلفها فقط فتح تطبيق أوبر على الهاتف الذكي لطلب سيارة الأجرة، وهذا هو السبب في النمو الذي نشهده اليوم”.
الشهيل تتفق مع ما يقوله أبو خاطر، حيث تقول “قبل وجود شركات النقل عند الطلب، كانت الخيارات محدودة جدًا، إما توظيف سائقًا شخصيًا، أو التعاقد مع سائق ليوم واحد، وكلا الطريقتان تفتقران إلى المرونة، والطريقة الأخيرة كانت بالأخص إما غير مناسبة أو باهظة بشكل مفرط”، وتوضح الشهيل بأن الشيء الوحيد الذي يمكن لأوبر فعله لتحسين خدمتها هو “توسيع أسطول النقل الخاص بها”.
زيادة توافر السيارات هو بالتأكيد أولوية أوبر في المملكة العربية السعودية، حيث يقول أبو خاطر بأنه عندما انطلقت أوبر في المملكة، كان متوسط وقت انتظار السيارة في الرياض حوالي 15 دقيقة، ولكن الآن، وبعد التحسينات وتحقيق الاستفادة المثلى من النظام، فإن وقت الانتظار في كامل أنحاء مدينة الرياض الضخمة والمترامية الأطراف، لا يتجاوز الست إلى سبع دقائق.
أحد الميزات التي تتمتع بها أوبر في السعودية قبيل انطلاق خدمتها، كما يقول أبو خاطر، هو أن السكان السعوديين هم في الواقع على دراية مسبقة بالطريقة التي تعمل بها خدمات الشركة، ويتابع أبو خاطر قائلًا “قياسًا مع بلدان أخرى، كانت الجهات الحكومية وشبه الحكومية السعودية طموحة ومتقبلة للغاية لتكنولوجيا الشركة”، ويردف قائلًا “السعوديون هم عمومًا من أكثر الشعوب شرهًا للسفر والتنقل، فخلال فترة الصيف والإجازات الطويلة، يسافرون إلى أوروبا، أمريكا الشمالية، وأسيا بأعداد كبيرة، ويستخدمون خدمة أوبر هناك، لذا عندما أطلقنا أوبر في السعودية، كان الكثير منهم قد استخدم خدمة أوبر مسبقًا في جميع أنحاء العالم”.
جميع السائقين تقريبًا الموظفين لدى شركة أوبر في السعودية هم من العمالة الوافدة من أفريقيا أو أسيا، نظرًا لكونه من العار وفق العرف السعودي بأن يعمل الرجال السعوديين في صناعة الخدمات، ولكون أوبر تساعد السائقين على الحصول على طلبات الإقامة وتصاريح العمل اللازمة لهم، فلقد ساعد دخول الشركة إلى المملكة السعودية على إنشاء بنية تحتية في قطاع النقل، “نقوم بربط العمالة الوافدة بشركات النقل الموجودة أساسًا بحيث تعمل هذه السيارات ضمن منصة أوبر، وذلك بغية زيادة قاعدة السائقين لدينا” يقول أبو خاطر.
ولكون السائقون في أوبر يعملون من خلال شركات النقل الموجودة أساسًا في البلاد، فإن وجود الشركة في السعودية لم يثر أية مخاوف جديدة حول سفر المرأة وحدها مع السائقين الذكور، كما يقول أبو خاطر، علمًا أن هذا الموضوع أدى إلى حدوث مشاكل في الدول الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث كانت شركات النقل الجديدة، بما في ذلك أوبر، تعتمد على أصحاب السيارات غير المرخص لهم بالعمل ضمن خدمات النقل.
يقول أبو خاطر بأن أوبر تدرس حاليًا خطط التوسع والنمو في كافة أنحاء البلاد، رغم أنها ماتزال ترغب بادئ ذي بدء بتطوير عملها قدر الإمكان في المدن التي تعمل بها أساسًا، كون فترة الانتظار في جدة والدمام لا تزال أكبر مما هي عليه في الرياض، ومع ذلك، فإن تدفق الزوار إلى مكة المكرمة في شهر رمضان المبارك، الذي استمر حتى 17 يوليو الماضي، أعطى الشركة فرصة رائعة لتجربة عملها في مناطق أخرى من المملكة.
“المسلمون من جميع أنحاء العالم يأتون للصلاة”، يقول أبو خاطر، ويتابع “مكة المكرمة تبعد حوالي الساعة عن جدة، ولقد أطلقنا خدمة أوبر لإيصال الركاب من وإلى الحرم المكي، في العام الماضي، كانت شركتنا ما تزال وليدة، وعمرها لا يتجاوز الشهر الواحد، لذلك لم نشهد أي أثر حقيقي في تحسن الطلب على الخدمة في رمضان الماضي، ولكن هذا السنة، كانت مذهلة على هذا الصعيد، ففي يوم واحد، تنجز الشركة خمسة أضعاف عدد الرحلات التي كانت تنجزها خلال شهر كامل في العام الماضي، السعودية بلد كبير جدًا، ونحن نشعر بأننا لا نزال في بداية المشوار”.
المصدر: فاست كومباني