عادة لا يتقدم المرشحون لسدة الرئاسة الأمريكية بوعود لإخلاء البيت الأبيض بمجرد اعتلائهم لدفة الحكم، ولكن هذا بالضبط هو ما اقترحه لورانس ليسيج في خضم دعوته لدراسة استكشافية حول ترشيحه لمنصب الرئاسة من قاعدة الحزب الديمقراطي في عام 2016.
ليسيج، أستاذ القانون في جامعة هارفارد وناشط الإصلاح الحكومي، أعلن صباحًا في 11 أغسطس أنه سيطلق لجنة استكشافية رئاسية لتقوم باستفتاء رئاسي هدفه الرئيس سن تغييرات جذرية في النظام السياسي للبلاد.
“لن نستطيع أن ننفذ أيًا من الأشياء التي يتحدث عنها الأشخاص، حتى نجد وسيلة لإصلاح النظام الفاسد”، قال ليسيج في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، مقتبسًا العبارة التي أصبحت شعار حملة سيناتور ماساتشوستس إليزابيث وارن، “حاليًا نحن نمر في مرحلة الخيالات الوردية السياسية، حيث يتحدث الأشخاص عن الأشياء الرائعة التي ينوون القيام بها، في حين أننا نعلم بأن هذه الأمور لا يمكن أن تحدث داخل النظام الفاسد”.
في المقابلة التي أجراها عبر الهاتف يوم الإثنين، قال ليسيج بأنه – في حال نجاحه – سيبقى في منصبه كرئيس حتى يستطيع تمرير حزمة من الإصلاحات الحكومية، ومن ثم سيستقيل من منصبه ويحول مقاليد الحكم إلى نائبه، وحول اختيار نائب الرئيس يقول ليسيج “يجب أن يكون ملتزمًا بشكل واضح وقوي وحقيقي بالمثل العليا للحزب الديمقراطي في الوقت الراهن”، ملمحًا إلى أن السيناتور وارن هي احتماله الأول لتضطلع بمنصب نائب الرئيس، أما السيناتور بيرني ساندرز، وهو الصديق المقرب الذي استقطب حشودًا ضخمة في حملته الانتخابية للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، فهو خيار آخر بالنسبة لليسيج.
يشير ليسيج إلى أنه سيمضي الشهر المقبل لاختبار الأرضية الشعبية الجماهيرية التي ستحدد ما إذا كان سيتمتع بما يكفي من الدعم والموارد اللازمة لشن حملته الإصلاحية، فإذا استطاع جمع مليون دولار أمريكي من التبرعات في يوم العمل الأمريكي، سيطلق رسميًا حملة ترشيحه، أما في حال لم يستطع، فسيعيد المال للمتبرعين ويطفق عائدًا إلى منزله.
“من المؤكد أنني أتنافس لكي أصبح مرشحًا، ولكن من الواضح أن هناك عدد من العقبات الكبيرة التي يجب تجاوزها قبل أن يصبح ذلك ممكنًا”، قال ليسيج.
العقبة الجديدة تتبدى حاليًا في مرحلة النقاش مع المرشحين الديمقراطيين الآخرين، بما في ذلك وزيرة الخارجية السابقة هيلاري رودهام كلينتون، حيث وضعت اللجنة الوطنية الديمقراطية عتبة اقتراع وطنية تتمثل بضرورة حصول المرشحين على 1% من الأصوات خلال مرحلة المناقشات، والتي تبدأ اعتبارًا من 13 أكتوبر في ولاية نيفادا، ولكن ليسيج واثق من أنه سيستطيع تجاوز هذه العتبة، حيث يقول “نسبة الواحد في المئة يمكن جمعها من الأمريكيين الذين شاهدوا محاضراتي ضمن برنامج تيد، وإذا أصبحتُ ضمن برنامج المناقشات الحزبية، واستطعت تأطير وجهة نظري بطريقة مقنعة، فإنني أعتقد أن هناك فرصة لرؤية هذه المشاريع تنطلق قدمًا”.
وفي فبراير 2008 أنشأ بعض مؤيدي ليسيج مجموعة على موقع فيسبوك لتشجيعه على ترشيح نفسه للكونغرس عن ولاية كاليفورنيا على المقعد الشاغر بوفاة السيناتور “توم لانتوس” إلا أنه اتخذ قرارًا بعدم ترشيح نفسه لملئ المقعد الشاغر بعد دراسة الأمر، ومع ذلك فقد أعلن في مؤتمر صحافي في مارس من نفس العام عن مشروعه لتغيير الكونجرس عبر إطلاق مشروع إنترنتي لتوفير الأدوات التكنولوجية التي تمكن الناخبين من اختيار ممثليهم ومساءلتهم والحد من تأثير المال على السياسة، هذه هي حملة “MayDay Pac”.
استطاع ليسيج استقطاب المتابعين من الدوائر الليبرالية (غير الحزبية) من خلال نشاطه المعارض لتسخير رأس المال الضخم في المجالات السياسية، واستطاعت هذه الحملة جذب ضجة إعلامية كبيرة في ربيع عام 2014، حيث تم وصفها على أنها “لجنة عمل سياسية كبرى لإنهاء العمل بلجان العمل السياسية الكبرى”، ولكن بالمحصلة فشلت الحملة في لعب دور حاسم في أي سباق انتخابي في ذاك العام، حيث أنفقت المجموعة أكثر من 10 مليون دولار لتثبيط دعم المرشحين المعارضين لتقليص تأثير المتبرعين الأثرياء في المناحي السياسية، ولكن في نهاية المطاف لا يمكن الإشارة إلى أي استحقاق انتخابي استطاعت من خلاله هذه الحملة تغيير النتائج.
من جهته يشير ليسيغ عقب حملة الانتخابات النصفية في نوفمبر، إلى أن المجموعة لا تزال تتمتع بنفوذ شعبي، موضحًا بأن الحملة الأخيرة التي انخرطت بها “Mayday PAC” ضد النائب فريد أبتون، أجبرت نائب ميتشيغان الجمهوري الصلب على إنفاق الملايين من الدولارات فيما كان متوقعًا له أن يكون حملة إعادة انتخابه سهلة.
بشكل عام، وإذا كان عليه الإنطلاق إلى الأمام، فإن ليسيج يقول بأنه سيعمد إلى “إدارة حملة كاملة”، فهو حاليًا يعمل مع ستة مساعدين بقيادة ريان كلايتون، وشركة العلاقات العامة “فنتون للاتصالات” تشارك أيضًا مع ليسيج، الذي يشير إلى أنه يعمد حاليًا إلى فتح محادثات مع شركتين متخصصتين بتنظيم استطلاعات الرأي.
التركيز الأساسي في حملة ليسيج سيكون منصبًا على بضعة محاور منها تمرير قانون للمساواة بين المواطنين، مجموعة من الإصلاحات التي من شأنها ضمان حرية التصويت، وضع نهاية للغش الحزبي، وتمويل الحملات عن طريق التبرعات الصغيرة والأموال العامة.
ولكن بذات الوقت يقول ليسيج “هذا لا يعني بأنني أركز كليًا على قضية واحدة وأرمي بباقي القضايا جانبًا، بل كل شيء يعتبر مهمًا بالنسبة لي، من وول ستريت إلى التغير المناخي وانتهاءً بأزمة الدين العام، وجميع هذه المشاكل ترتبط بهذه المشكلة بالذات”.
من الجدير بالذكر أن المرشحين الديمقراطيين الآخرين حاولوا معالجة قضايا الإصلاح السياسي أيضًا، حيث إن كلينتون، ساندرز، وحاكم ولاية ماريلاند السابق مارتن أومالي، أشاروا إلى سعيهم لإلغاء قرار المحكمة العليا لعام 2010، والذي يسمح للشركات والنقابات بإنفاق مبالغ غير محدودة من المال على الأنشطة الانتخابية المستقلة.
ولكن ليسيج غير مقتنع بهذه المقاربات السياسية، حيث أوضح بأن كلينتون “لم تعالج قضايا الإصلاح الحقيقي الذي نحتاجه فعلًا”، وتابع قائلًا “حتى لو صرّحت كلينون بضرورة معالجتها للقضايا الصحيحة، فأنا لا أعتقد أن هذه الإصلاحات ستتحقق على أرض الواقع، كون كلينتون، وبيرني أيضًا، سيأتيان إلى السلطة مع صلاحيات مقسمة على خمس أو ست قضايا مختلفة، واحتمالية خلق نوع من الصلاحيات الضرورية للقضاء على القوى النافذة في واشنطن هي صفر، وهذا تمامًا ما قادني للاعتراف بأن علينا أن نجد وسيلة مختلفة للقيام بذلك”.
ولورانس ليسيج أكاديمي وناشط سياسي أمريكي ومؤلف لعدة كتب منها كتاب “الثقافة الحرة” جميعها متاحة للتحميل المجاني، عمل أستاذًا للقانون في كلية الحقوق بجامعة ستانفورد، كما أسس مركز ستانفورد للإنترنت والمجتمع، قبل أن يعلن في ديسمبر من العام 2008 الانضمام إلى هيئة التدريس في كلية الحقوق في جامعة هارفارد، ويعد ليسيج أحد أقوى عشر شخصيات مؤثرة في عالم الإنترنت.
وليسيج هو عضو مؤسس لمؤسسة المشاع الإبداعي وعضو مجلس إدارة مركز البرمجيات الحرة وعضو مجلس إدارة سابق بمؤسسة الحدود الإلكترونية، وعُرف بأنه من دعاة تخفيض القيود القانونية المفروضة على حق المؤلف والعلامات التجارية والبث الإذاعي، وخاصة في تطبيقات التكنولوجيا.
ودومًا ما تطرح حملات ليسيج أفكارًا شديدة الثورية فيما يتعلق بالحشد والتعبئة، والتي وفرتها منصات مختلفة على الإنترنت، وأثبتت نجاحًا كبيرًا على مدار الأعوام السابقة.
المصدر الأساسي لهذا التقرير هو موضوع الصحفي فيليب روكر المنشور بصحيفة واشنطن بوست