أنت تأخذ صور سلفي أليس كذلك؟ آنتبه… إذًا أنت نرجسي!
دراسة علمية هل نقلها الشباب العرب (السلفيون ) بشكلها الصحيح أم حرفوا العلوم ؟
صادفني اليوم وأنا أقلب آخر المقالات في المواقع النفسية المتخصصة، مقال تحدث عن الدراسة التي أقيمت على صور (السلفي) وعلاقتها بالنرجسية. بعد قراءتي للمقال والدراسة استفزتني حقًا طريقة نقلنا له، وأخذنا للموضوع بشكل مختلف تماما عما هو عليه! ونشرنا للخبر بشكل غير علمي دقيق، بأن آخذين صور (السلفي) يتمتعون بالنرجسية بشكل كبير جدًا..!
هل هذا حقًا ما قالته الدراسة ؟
حتى تتوضح الصورة بشكل أكبر لكل من نقل هذا الخبر، فهذه الدراسة التي أقيمت تسمي ب Correlational study أي دراسة تبحث عن العلاقة بين (أ) و (ب).. ووجود أي علاقة بينهما لا يعني أبدا أن (أ) سبب (ب) أو العكس.. فمثلا لو قلنا أن هناك علاقة بين العدوانية عند الأطفال ومشاهدة أفلام الكرتون فهذا لا يعني أن مشاهدة أفلام الكرتون تُسبب العدوانية، بل أن الحديث يتحدث عن (علاقة) بمعنى أن هنالك احتمالات ثلاثة تتضح بدراسات أخرى تابعة لها:
١- احتمال مشاهدة أفلام الكرتون تزيد من العدوانية.
٢- احتمال أن الأطفال العدوانيين يميلون أكثر للجلوس أمام أفلام الكرتون.
٣- وأخيرًا احتمال جود عنصر ثالث يؤثر على كليهما.
الدراسة الأولى عن (السلفي) التي تحدثت عن هذا الأمر قامت بدراسة مجموعة من الرجال الأمريكان فقط، وتؤكد الباحثة في دراستها أن لا نستعجل ونطلق الأحكام على كل من يلتقط صور (السلفي) بأنه نرجسي، لأن الدراسة رغم أنها أثبتت وجود العلاقة إحصائيا، إلا أن النسبة قليلة جدًا، ولم تشمل الدراسة الإناث، وأنه سيقام دراسات أخرى تبحث في هذا الموضوع أكثر وأكثر، وعلى عينات مختلفة من الذكور والإناث ومن أجناس وأعراق مختلفة :).
لاحظت في أكثر من موضع أننا عندما نقرأ المقالات الأجنبية نأخذ المعنى العام منها، فنقع في أخطاء يعتبرونها هم فادحة لدقتهم العلميّة، فمثًلا عندما أخطأت إحدى المجلات الأجنبيّة المعروفة في العلوم” وصرحت بوجود سببية بين (أ) و(ب) وهي في الحقيقة كانت علاقة وليست سببًا “كما فعلنا نحن مع موضوع النرجسية و”السلفي” تعرّضت لهجمة علميّة لعدم دقتها في نقل المعلومة، فشيء كهذا يعتبر أساسي في الدراسات يدرّس لطلاب السنوات الأولى في الجامعة! حتى أن هذه المجلّة لا زالت إلى الآن تضرب كمثال للطلاب في مادة الإحصاء والبحث والعلمي حتى ينتبهوا ولا يقعوا في ذات الخطأ. قد يقول قائل هذا أمر مبالغ فيه، غير واعٍ وغير عالم ما يترتب على مثل هكذا أخطاء، فخطأ مثل هذا تُبنى عليه نتائج خاطئة وغير صحيحة، وتتراكم المعلومة على اسس غير سليمة، وهذا مما لا يجوز بحال من الأحوال ويعتبر في دائرة الخطأ الفادح أو ربما حالة من التضليل مقصودة كانت أو لم تكن كذلك، ويترتب عليه رؤى غير سديدة في الحياة الإجتماعية تشتمل على خداع الناس مما لا يجوزه المجتمع العلمي هناك. فالعلوم والدراسات المختصة بها خُلقت لخدمة المجتمع وادراك أحواله لا لخداعه حتى ولو بغير قصد.
في النهاية، فلنعِ جيدًا ما نقرأ ولنتبيّن ولا نستعجل ولا تقلق.. لست نرجسيًا لأنك تأخذ صور سيلفي.. إلا إذا أثبتت الدراسات التالية ذلك.. ولكن تمهل في أخذها ولا تُدمنها كثيرًا.