للمرة الثانية تقود تدوينة رأي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” الأكاديمي الإماراتي ناصر بن غيث إلى غياهب معتقلات الإمارات، حيث أفاد ناشطون إماراتيون أن السلطات الإماراتية اعتقلت الثلاثاء الماضي الدكتور ناصر بن غيث المري، علمًا بأن هذه المرة الثانية التي يتعرض بها للاعتقال نتيجة رأيه.
بن غيث غرد على موقع تويتر ساخرًا من خبر منح دولة الإمارات أرضًا للهندوس لبناء معبد وذلك أثناء زيارة رئيس وزراء الهند، الأمر الذي أثار ضجة في الأوساط العربية والإسلامية، فالدكتور ناصر بن غياث آثر أن يُدلي برأيه بطريقة ساخرة منتقدة القرار بقوله “يبدو وأن جماعتنا يفهمون التسامح خطأ”.
الظاهر جماعتنا فاهمين التسامح بين الأديان كلش غط .. pic.twitter.com/te5oenqIFG
— ناصر بن غيث (@N_BinGhaith) August 17, 2015
الأمر الذي قامت بعده السلطات الأمنية الإماراتية باعتقال الأكاديمي وخبير الشؤون الاقتصادية الدولية من منزله، ناصر بن غيث معروف بآرائه الإصلاحية في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يبدي الرجل معارضته علانية لسياسات الإمارات في دعم الثورات المضادة في العالم العربي وهو أحد أبرز داعمي التغيير السلمي، وقد أعلن موقفًا رافضًا لمجزرة رابعة العدوية، وقد قام بالتدوين على حسابه الشخصي بموقع تويتر في ذكراها الثانية.
مناكبة الظلم ليست خياراً بل قدرٌ محتوم خاصة إن وقع الظلم على الدماء والأنفس ..#رابعة_الذكرى_الأليمة
— ناصر بن غيث (@N_BinGhaith) August 14, 2015
في مثل هذا اليوم قُتل السُجّد وأُحرق المسجد من قبل مغول العصر ..#حدث_في_مصر pic.twitter.com/Y0XNrr2C6p
— ناصر بن غيث (@N_BinGhaith) August 14, 2015
ستبقى رابعة رمز للصمود والثبات على الحق من جانب ورمز للعار والتغول بالباطل من جانب آخر ..#ذكرى_فض_رابعة pic.twitter.com/ELrFQv30xh
— ناصر بن غيث (@N_BinGhaith) August 14, 2015
هذه الآراء المخالفة لسياسات السلطة في الإمارات أدت إلى اعتقاله في السابق في شهر أبريل من العام 2011 متهمًا في قضية مشهورة في الإمارات تحمل الاسم “النشطاء الخمسة”، وذلك بعد توقيع عريضة تطالب بالإصلاح في الإمارات، وقد اتهمته السلطات الإماراتية حينها بالتحريض والتآمر على الدولة بالتعاون مع جهات أجنبية وإهانة رئيس الدولة ونائبه وولي عهده.
نشر ناصر بن غيث رسالة من داخل محبسه نشرتها منظمة هيومن رايتس ووتش حينها وأكد تعرضه للتعذيب الشديد من قِبل الأمن وهو ما أدى به إلى رفض المثول أمام المحكمة التي حكمت عليه بالسجن لمدة سنتين بعد أن اتهمها بن غيث بأنها محكمة سياسية أُعدت فيها الأحكام بطريقة مسبقة من قِبل السلطة، حتى صدر عفو رئاسي بحق ناصر بن غيث بعد سبعة أشهر من الاعتقال.
عمل ناصر بن غيث في مجال الدعوة إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان بالإمارات، حيث اشتهر بمطالباته العديدة لرئيس الدولة وولاة العهد في الإمارات بإجراءات تعزز الديمقراطية في البلاد كإقامة انتخابات مباشرة لمجلس الدولة الوطني الاتحادي ومنحه سلطات تشريعية حقيقية وعدم الاكتفاء بكونه هيئة استشارية، ولكن هذه المطالبات لم يجد لها صدى دائمًا.
كفاءة بن غيث أجبرت السلطات الإماراتية الاستعانة به كمستشار قانوني للقوات المسلحة بالدولة، كما عمل في مجال المفاوضات على العقود الدفاعية مع الدول الموردة من الغرب، فناصر بن غيث حاصل على ليسانس الحقوق عام 1995 من أكاديمية شرطة دبي، كما أنه حاصل على ماجستير القانون الدولي، بجامعة “كيس ويسترن ريزيرف” في كليفلاند الأمريكية عام 2002، وكذلك حاصل على دكتوراة القانون، بجامعة Colchester, Essex، البريطانية عام 2007، تخصص التجارة الدولية والقانون الاقتصادي الدولي، كما عمل ناصر بن غيث كخبير في الشؤون الاقتصادية الدولية ومحاضر سابق بجامعة السوربون الفرنسية فرع أبوظبي.
نشرت صحيفة “الإمارات اليوم” تقريرًا في السابق عن الأكاديمي الإماراتي بن غيث في مايو ذكرت فيه إنجازاته العلمية وأشارت إلى أن بن غيث يعد من أول من تنبأ بالأزمة العقارية منذ عام 2006، وقالت الصحيفة عن بداية دراسة ناصر بن غيث للاقتصاد، إن اتفاقية الجات كانت نقطة البداية لاتجاهه نحو دراسة الاقتصاد، والتخصص بمجال التكتلات الاقتصادية، حتى أصبح أول إماراتي يحاضر في جامعة السوربون – أبوظبي.
وقد كانت له مواقف معارضة اقتصادية شديدة لسياسة الإمارات الاقتصادية بخصوص الاندفاع العقاري وغيرها من السياسات غير المدروسة بحسب مقالاته المنشورة في هذا الصدد، وكان لبن غيث رأيًا مخالفًا في توصيف التنمية الاقتصادية في دول الخليج، التي قال عنها في أحد مقالاته “إن ما يعتبر زورًا أو جهلًا تنمية اقتصادية ما هو إلا هدم للدولة وأركانها وتبديدًا لثرواتها المادية والبشرية وربما استعجالًا لثورة شعوبها”.
ربما تحدث البعض عن تعدد أسباب اعتقال ناصر بن غيث لكن الواقع يقول إن الأسباب غالبًا ما ستكون متعددة لكنها في النهاية تقول إن السلطة في الإمارات لم تعد تتحمل حديث بن غيث بهذه الصورة خاصة مع انتقاده لأمر ازدياد قتلى الإمارات بسبب المشاركة في الحرب على اليمن، بالإضافة إلى تزامن هذا مع تحضير الدولة لانتخابات المجلس الوطني ، وكذلك حديثه عن ذكرى مجزرة رابعة الثانية والذي حمل اتهامًا للإمارات بأن لها دورًا في فض الاعتصام بالقوة، كما انتقد منح حكومة أبوظبي الهندوس قطعة أرض لبناء “معبد” في سابقة هي الأولى خليجيًا وعربيًا وإسلاميًا، أثارت سخط شعبي وخليجي عارم.
أثار اعتقال ناصر بن غيث غضبًا في الأوساط الحقوقية العربية والعالمية حيث طالب المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، السلطات الإماراتية، بالكشف عن مكان احتجاز الدكتور ناصر بن غيث والإفراج الفوري عنه، حيث أكد المركز في بيان له: “لدينا بواعث قلق خطيرة بشأن السلامة الجسدية والنفسية للدكتور ناصر”، فيما أكد المركز أن هذا الاعتقال مخالفًا للمعايير الدولية.
الجدير بالذكر أن الإمارات قامت بعدة اعتقالات طالت العديد من النشطاء في الإماراتيين بسبب أنشطتهم على الشبكات الاجتماعية المؤيدة للديمقراطية وحقوق الإنسان أمثال الناشط أسامة النجار ومؤخرًا المدون العماني معاوية بن سالم الرواحي، هذا وقد طالبت العديد من المنظمات الحقوقية من حكومة الإمارات فتح تحقيق شامل في ملف تعذيب المعتقلين، مع ضرورة الكف عن سياسة الاعتقال التعسفي للنشطاء.