أفادت مصادر مطلعة صحفية وحقوقية داخل سوريا بأن قرارا قضائيا صدر بالإفراج عن الناشطة السورية طل الملوحي، ضمن صفقة الإفراج عن النساء المعتقلات في السجون السورية مقابل الإفراج عن المختطفين اللبنانيين، والتي تمت قبل أيام.
ونقل مصدر حقوقي أن ثلاث معتقلات أفرج عنهن اليوم في إطار صفقة تبادل الأسرى، فيما نقلت طل الملوحي إلى “مكتب الأمن الوطني” ليتم الإفراج عنها من هناك مساء اليوم أو غداً على أبعد تقدير!
الصفقة لم تكن لتتم بدون “طل الملوحي”. فلواء عاصفة الشمال التابع للجيش الحر أصر على إدراج اسم “طل” في الصفقة، إلا أن النظام قرر أن يُفرج عنها بشكل يحفظ ما تبقى من ماء وجهه الذي يفقده أمام “الإرهابيين” كل يوم على كامل الأرض السورية، حيث قضت محكمة الجنايات بحمص بإعفاء الملوحي من ربع عقوبتها الأصيلة -خمس سنوات سجنا- وإطلاق سراحها فورا، فيما يبدو لغير المتابع أنه عفو قضائي -بلا أي علاقة بصفقة التبادل- عن الفتاة التي قضت قرابة أربع سنوات بالسجن، حيث اعتقلت في ديسمبر ٢٠٠٩، بعد شهر واحد من بلوغها عامها الثامن عشر.
طل الملوحي قصتها بدأت عندما استُدعيت استُدعيت الفتاة ذات الخمسة عشر ربيعا إلى فرع المخابرات الجوية عام ٢٠٠٦، على خلفية مناشدتها بشار الأسد الإسراع في عملية التحول الديمقراطي في سوريا.
فقد استُدعيت طل الملوحي للأمن بسبب مناشدة وجهتها ـ عبر منتدى نقاشي يُدار من داخل سوريا تابع للجمعية المعلوماتية السورية ـ إلى الأسد للإسراع في عملية التحول الديمقراطي بالبلاد، قائلةً إنه “كرئيس يحتم عليه منصبه وقف الفساد المستشري”، مذكرةً إياه “بما قطعه من وعود”. استخدمت طل اسمها الثلاثي في هذه المناشدة، التي حذفت فيما بعد من أرشيف الموقع، لكن موقعين آخرين نشرا المناشدة.
وفي سنة 2007، تكرر استدعاء الأمن لطل ثلاث مرات على الأقل.
وفي فبراير 2009، استدعيت طل إلى السفارة السورية بالقاهرة، وتم التحقيق معها (دون السماح لوالدها بحضور التحقيق) في 21 فبراير 2009، وسئلت عن أسماء من تعرفهم عبر الإنترنت من سوريين بالخارج، كما تم تحذيرها من النشر أو الاتصال بمواقع إلكترونية أو صحف. وفي يوليو 2009، عادت إلى سوريا بعد أن فضّل والدها العودة إلى سوريا مرة أخرى بعد أن كان قد غادرها ليقيم بالقاهرة، وظلت هناك في سوريا، لا تُحدث مدوناتها على الانترنت إلا على فترات متباعدة وبكتابات غالبها عن فلسطين، التي يتشدق النظام السوري “الممانع” بدعم مقاومتها ضد الاحتلال، ظلت طل في سوريا خمسة أشهر حتى تم اعتقالها بواسطة جهاز الأمن الخارجي بدمشق، في ٢٧ ديسمبر 2009.
وبعد ذلك بيوم واحد، داهمت قوات الأمن السورية منزل طل حيث أخذت متعلقاتها من جهاز الحاسب واسطواناتها المدمجة وكتبها، حيث بقت الفتاة بمعزل عن العالم الخارجي لفترة طويلة للغاية جاوزت السنة، حيث لم يستطع أهلها معرفة أي شيء يُذكر عنها
غُيبت الشابة عن ذويها وحُرمت المشاركة في امتحانات الشهادة الثانوية. وفي كل مرة حاول والداها الاطمئنان عليها في مركز الاعتقال، كان يُقال لهم باقتضاب من قبل ضباط صغار أو حراس المقار الأمنية إنها بخير.
ويفيد ناشطون أن الأسرة علمت في إبريل/نيسان 2010 أن طل عذُبت بوحشية، منذ بداية احتجازها حتى نهاية شباط من ذاك العام على الأقل، ولم يتوقف الأمر إلا لدى اقترابها من حافة الموت. ويُعتقد أنها نُقلت إلى مقر المخابرات في يونيو/حزيران، ولم يعرف أهلُها بوجودها في فرع التجسس سوى في يوليو/تموز 2010.
قبيل اندلاع الثورة السورية، في 14 فبراير/شباط 2011 م، حُكم على طل الملوحي بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة إفشاء معلومات لدولة أجنبية في إشارة إلى الولايات المتحدة، كمحاولة من قبل النظام السوري لتبرير اعتقالها أمام العالم.
يُذكر أنه قد وقع أكثر من 4,000 شخص على بيان حملة (أفرجوا عن طل الملوحي)، التي انضم لها ناشطون وحقوقيون من مصر وسوريا وعدة دول بالمنطقة والعالم في أيلول/سبتمبر ٢٠١٠.
وبناء على صفقة التبادل فقد أطلق النظام السوري سراح 48 معتقلة، مقابل الإفراج عن المختطفين اللبنانيين التسعة لدى لواء عاصفة الشمال بمدينة إعزاز، الذي أكد أن الصفقة مع النظام تنص على الإفراج عن ١٤٨ معتقلة من سجون النظام.
المفارقة هنا أن لواء عاصفة الشمال الذي أبرم الصفقة، تعرض لهجوم من قبل “دولة العراق والشام الإسلامية” (داعش) أدى لمقتل خمسة من أفراده بينهم الإعلامي حازم العزيزي في تصرف غير مفهوم من أتباع تنظيم القاعدة في سوريا، الذين تُربك استفزازاتهم المتتالية كتائب الجيش الحر وأفراده.
اسم طل الملوحي يجب أن يُحفظ، فأبطال الحرية ليسو أرقاما، والمعتقلات المحررات يجب أن يأخذن مكانهن تحت الشمس، وأسماءهن ووجوههن وبلادهن لن يُنسوا: طل من حمص، بجانب آمنة وماري من اللاذقية، مها من دمشق، هيام من كفرشمس، غدير من السويداء، رنيم من ادلب، فاطمة من حماه، ميادة من الحسكة، ابتسام من دوما، أماني من المعضمية، أماني من عربين، مازنة من جوبر، فداء من دير سلمان، هيا من درعا، منال من الصنمين، وأربعة آلاف وثلاثمئة معتقلة أخرى ما زلن ينتظرن في أقبية النظام السوري.