تنطلق في المغرب يوم 4 سبتمبر الانتخابات البلدية والمحلية في أول سباق انتخابي من هذا النوع بعد دستور 2011 الذي تم تبنيه عقب حراك شعبي ضمن سياق الربيع العربي الذي تمخضت عنه قوانين تمنح البلديات والجهات صلاحيات هامة خصوصًا وأن المغرب مقبل على إطلاق ما سمي بـ “الجهوية” أو ما يُشبه الحوكمة المحلية حيث ذكر بيان صادر عن الحكومة المغربية أن الهدف من تفعيل الجهوية (12 جهة)، أن تعمل كل جهة على تدبير مواردها دون حاجة كبيرة إلى المركز (العاصمة)، على غرار العديد من الدول الغربية، كما تهدف الجهوية إلى منح صلاحيات سياسية واقتصادية واجتماعية للجهات.
وبدأت السبت الحملات الإنتخابية ضمن هذا السباق الذي سيتنافس فيه 30 حزبا على أكثر من 31 ألف مقعد، وسط ثقة كبيرة للإسلاميين باحتلال المرتبة الأولى بعد أول تجربة حكومية يقودونها منذ 2011،حيث تُعتبر هذه الإنتخابات أهم امتحان لشعبية حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي فاز لأول مرة في تاريخه بالانتخابات البرلمانية نهاية 2011 وقاد التحالف الحكومي حتى اليوم.
وُزراء في السباق
وفيما يُمكن اعتباره استثناء مغربيا في العالم العربي ( الجزء الذي تجري فيه انتخابات)، ترشح 12 من بين 37 وزيراً بالحكومة المغربيةا لخوض الانتخابات البلدية والجهوية وهو ما يُحيل على أهمية الرهان المطروح رغم بُعده المحلّي.
ويخوض هذه الانتخابات، 5 وزراء من حزب العدالة والتنمية الحاكم، و3 من حزب التجمع الوطني للأحرار، و3 من حزب الحركة الشعبية، وآخر من حزب التقدم والاشتراكية للاستفادة من تجربتهم التي ستمكنهم من الظفر بعدد أكبر من الأصوات بحكم شهرتهم، وعلى اعتبار أن القانون الإنتخابي يعتمد على اللوائح، فيكون وجود الوزير أحد أسباب نجاح القائمة التي ترشح على رأسها وتضم مُرشحين آخرين، أي أننا إزاء عناصر تسويقية بحجم وُزراء في انتخابات بلدية، وهو ما لم نعهده.
4000 ملاحظ لمتابعة سير الإستحقاق الإنتخابي
وفي علاقة بمتابعة سير العملية الإنتخابية، اعتمد المجلس الوطني لحقوق الإنسان المغربي 41 هيئة محلية ودولية لملاحظة سير العملية برمتها. وأوضح المجلس في بلاغه أن اللجنة الخاصة لاعتماد ملاحظي الانتخابات أن الهيئات المُعتمدت والتي استجابت لكراس الشروط تتوزع بين 34 جمعية محلية و6 منظمات دولية بالإضافة إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأنه سيتم توفير أكثر 4000 ملاحظ منهم 76 ملاحظا دوليا سيقومون (على مستوى الحملة والاقتراع) بملاحظة انتخاب أعضاء مجالس الجهات والجماعات ومجالس العمالات والأقاليم ومجلس المستشارين.
ومن بين المنظمات الدولية التي ستشارك في العملية، نذكر المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية، والمعهد الوطني الديمقراطي، وشبكة الانتخابات في العالم العربي، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وفدرالية مراكز حقوق الإنسان في البلدان العربية ومنظمة “جندر كونسيرنز إنترناشيونال”.
كما وجه المجلس الدعوة للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمة المدن والحكومات المحلية الإفريقية المتحدة ومرصد الانتخابات السياسة في العالم العربي والإسلامي، إضافة إلى بعثة الاتحاد الأوروبي الموجودة بالمغرب منذ 15 أوت/آب وإلى غاية 14 سبتمبر/أيلول من أجل تقييم العمليةالإنتخابية.
البعض يُقاطع الإنتخابات
ورغم التنافس الذي تم تسجيله في أولى أيام الحملة الإنتخابية وإقبال أغلب الطيف السياسي على هذا الإستحقاق، قالت جماعة العدل والإحسان الإسلامية شبه المحظورة، السبت، إنها لن تشارك في الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في المغرب في الرابع من أيلول/ سبتمبر المقبل، لأنها “تكرس النزعة التسلطية وتفتح الباب واسعا للسلب والنهب”، مُعتبرة إياها صورية ولا تعدو أن تكون سوى محاولة لإلهاء القوى السياسية واستغفال الشعب المغربي والالتفاف على مطالبه، وفق تقديرها. ومن المعلوم أن جماعة العدل والإحسان من أكبر التنظيمات الإسلامية ذات الطبيعة السياسية التي تعارض بشكل واضح النظام الملكي في المغرب. في المقابل، تضيّق السلطات على أعضائها وتمنع أنشطتها.
وفي السياق ذاته، أصدرت حركة تاوادا ن امازيغن التي تُعلن نفسها مُدافعة عن حقوق الأمازيغ بيانا صحفيا تدعو فيه الى مقاطعة الانتخابات الجماعية المقرر تنظيمها بالمغرب، ايمانا منها بالمسؤولية الملقاة على عاتقها في الدفاع عن قضايا الوطن والشعب الأمازيغي أمام إستمرار ما أسمته “سياسة المخزن” بكل صنوف فسادها المالي والمؤسساتي والسياسي وكساد كل شعاراته الرنانة التي يهلل بها، وفق تعبيرها.
تكتسي الانتخابات البلدية والجهوية المغربية، التي من المزمع إجراؤها الشهر المقبل، أهمية قصوى لكونها تمثّل إحدى محطات تكريس الديمقراطية القاعدية التفاعلية التي تمنح سلطة أكثر للجهات على حساب المركز، ورغم ما سيشوب العملية الإنتخابية من حوادث، قد تكون المُقاطعة الجزئية أبرزها، فإنها خطوة نحوة الأمام في سياق تحرير الشعوب وتشريكها.
ورغم ما أفصحت عنه الإنتخابات المهنية من نتائج، ستُمثّل هذه الإنتخابات قياسا حقيقيا لشعبية كل الأطراف، وستُعطي لمحة حول نتائج الإنتخابات التشريعية القادمة والتي قد تُعيد تشكيل المشهد السياسي المغربي وق د تتركه على حاله.