ترجمة وتحرير نون بوست
خلال المؤتمر الذي استمر ليوم واحد في لندن، دعا دبلوماسيو أمريكا اللاتينية لانتهاج سياسات أشد صرامة، بما في ذلك تطبيق العقوبات والمقاطعة ضد إسرائيل لممارستها “سياسات الفصل العنصري”؛ فبعد عام من مواجهة إسرائيل لانتقادات واسعة النطاق من أمريكا اللاتينية لهجومها على قطاع غزة، حذر دبلوماسيو المنطقة بأن المزيد من التدهور في العلاقات مع إسرائيل قد يكون أمرًا مطروحًا.
حذّر وزير الإكوادور للثقافة، غيالم لونج، خلال حديثه في مؤتمر لندن يوم السبت، بأنه إذا تم تكرار حرب عام 2014، والتي وصفها بأنها ممارسة “إبادة جماعية”، فمن ثمّ يجب على إسرائيل أن تتوقع إجراءات مماثلة، أو حتى أشد خطورة، تتخذها حكومات أمريكا اللاتينية.
تم الإدلاء بهذه التصريحات خلال حلقة نقاش بعنوان “فلسطين وأمريكا اللاتينية في القرن الـ21: بناء التضامن مع الحقوق الوطنية”، وهو مؤتمر استمر ليوم واحد فقط، نظمته مؤسسة ميدل إيست مونيتور الإعلامية التي تتخذ من بريطانيا مقرًا لها، حيث عُقد المؤتمر في القاعة الميثودية المركزية في وستمنستر، ووفقًا لمدير ميدل إيست مونيتور، داوود عبد الله، فإن فكرة عقد المؤتمر تم استلهامها من الدعم الدبلوماسي والشعبي المتزايد من أمريكا اللاتينية للقضية الفلسطينية خلال عملية الجرف الواقي التي نفذتها إسرائيل ضد قطاع غزة الصيف الماضي، وبناء على هذه التطورات، كان التركيز الرئيسي على مدار يوم المؤتمر، من السياسيين والأكاديميين والنشطاء على حد سواء، يتمحور حول الأهمية المتزايدة للعلاقات والتضامن ما بين البلدان التي يُشار إليها غالبًا باسم “الجنوب العالمي”.
ظهر الوزير لونج ضمن لجنة تضم في عضويتها سفير بوليفيا لدى المملكة المتحدة روبرتو سارمينتو، مستشار السفارة الكوبية خورخي لويس غارسيا، ومدير عام قناة الجزيرة السابق، ومدير تحرير موقع هافينغتون بوست بالعربي الذي انطلق مؤخرًا، وضاح خنفر.
توجه سارمينتو، الذي قطعت بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في عام 2009، بكلمته إلى المؤتمرين موضحًا بأن “الأصوات في الجنوب العالمي تزداد قوة في إدانتها للنظام الإسرائيلي” الذي وصفه سارمينتو بأنه يمثل أحد أشكال أنظمة “الفصل العنصري”.
وفي خطابه، أشار لونج إلى أن تضامن أمريكا اللاتينية مع فلسطين كان يتركز ضمن اليسار السياسي منذ فترة طويلة، ولكن ما استجد اليوم هو أن هذا اليسار أصبح الآن يعتلي دفة الحكم في العديد من البلدان في جميع أنحاء المنطقة، ويتذكر اليسار، كما يقول لونج، “الدور التاريخي الذي لعبته إسرائيل في أمريكا اللاتينية”، من خلال مبيعات الأسلحة ودعم الديكتاتوريات والجماعات اليمينية شبه العسكرية.
متفقًا مع ما أورده السفير البوليفي، اعتبر وزير الثقافة الإكوادوري بأن “سياسات إسرائيل العنصرية” يُنظر إليها من قِبل حكومات المنطقة من خلال عدسة “معاداة الإمبريالية ومكافحة الاستعمار، وهي قضية حساسة للغاية في أمريكا اللاتينية”، وفي الوقت عينه، يُعتبر دعم فلسطين جزءًا من نضال أوسع “ضد أوجه الظلم العديدة ضمن النظام العالمي الحالي”.
خلال فترة الأسئلة الصحفية، كشف لونج بأن رحلته إلى المؤتمر “تعرضت لضغوطات مضادة”، لكنه امتنع عن تزويدنا بأية تفاصيل عن طبيعة هذه الضغوط عندما سألناه عنها خلال فترة الاستراحة، “عندما نفكر في علاقات الجنوب مع الجنوب، وحتى في أبسط السياقات، يوجد دائمًا أشخاص يحاولون منع حصولها” يقول لونج.
أعرب مندوبو المؤتمر عن بعض الإحباط الذي يراودهم نتيجة لعدم إقدام حكومات أمريكا اللاتينية على المضي قدمًا، سيّما لجهة العقوبات الاقتصادية، وردًا على ذلك، قال الوزير لونج بأنه شخصيًا، يعتقد بأنه “من الممكن اتخاذ المزيد من الخطوات والإجراءات تجاه مقاطعة البضائع الإسرائيلية”، ومع تشديده على الخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها بالفعل في هذا المجال، أشار لونج بأن” هذه هي البداية وليست نقطة النهاية”.
في الوقت ذاته، أيّد السفير البوليفي “نظام العقوبات” الذي يستهدف إسرائيل، وذلك في خضم تعبير اللجنة عن شعورها بالإحباط تجاه الممارسات الإسرائيلية في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، وكما يقول الوزير لونج “الممارسات الإسرائيلية الأخيرة وصلت إلى حد الانتحار الجيوسياسي”، وذلك في ظل الصعوبة المطردة للوصول إلى حل الدولتين، والناجمة عن هذه الممارسات.
من بين المتحدثين الآخرين في المؤتمر، تحدث السياسي المنحدر من دولة غرينادا والوزير السابق للشؤون الخارجية، السيناتور بيتر ديفيد، الذي ألقى الكلمة الرئيسية للمؤتمر، كما شمل المؤتمر لفيفًا من الأكاديميين بما في ذلك المؤرخ من جامعة ساو باولو أرلين كليمنشا، البروفيسور التشيلي فرانسيسكو دومينغيز، المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه ، والدكتور الأكاديمي محسن صالح من بيروت.
اللجنة الثالثة في المؤتمر والتي كانت تُعنى بالبحث في مسائل الرأي العام، الحركات الاجتماعية، ووسائل الإعلام، ضمت المراسلة السابقة لقناة الجزيرة في أمريكا اللاتينية ديمة الخطيب، رئيس الاتحاد الوطني للأستاذة في المملكة المتحدة الوطنية فيليبا هارفي، ومنسق حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات في أمريكا اللاتينية بيدرو شربل.
خلال فترة الاستراحة، أكد لنا الوزير الإكوادوري كيف “وصلت حتى الحكومات الأقل راديكالية في المنطقة إلى مرحلة ضاقت بها ذرعًا من هذا النوع من الممارسات الأحادية الجانب، وهي السياسة الأمريكية والإسرائيلية المتمثلة بنهج (سأفعل ما أريده بغض النظر عما يقوله العالم)”، وتزامن هذا مع توقع لونج بأن ممارسة المزيد من الأخطاء على هذا النحو “سيعني مواجهة إسرائيل لرفض أوسع على نحو متزايد، ليس فقط في أمريكا اللاتينية، بل أيضًا على الصعيد العالمي”.
المصدر: ميدل إيست مونيتور