خلال اجتماع لعدد من أعضاء الحزب بالبليدة جنوب غرب العاصمة الجزائرية، أعلن عمار سعداني، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر، أن “الرئيس بوتفليقة سيكون رسميا، مرشح جبهة التحرير الوطني في انتخابات العام القادم”، لينهي بذلك غموضا اشتد في الأشهر الأخيرة حول إمكانية خوض الرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة لسباق الانتخابات الرئاسية القادمة.
وفي الوقت الذي رأى فيه سعداني أن ترشيح بوتفليقة لولاية رابعة جاء “تثمينا لإنجازاته منذ وصوله الحكم عام 1999، وحصيلته الإيجابية على المستويين الداخلي والخارجي، ومنها عودة الجزائر القوية إلى الساحة الدولية”، رأى خبراء سياسيون جزائريون –حسب وكالة الأناضول- أن إعلان الحزب الحاكم لترشح بوتفليقة مفاده أن “السلطة الحاكمة تريد جعل استمرار بوتفليقة في الحكم لولاية أخرى، أمرا واقعا”، معتبرين أن “هناك خارطة طريق، بدأ بوتفليقة تنفيذها منذ عودته من العلاج بالخارج”.
ويذكر أن بوتفليقة، وعمره 76 سنة، عاد إلى الجزائر منتصف يوليو/ تموز الماضي قادما من فرنسا، بعد رحلة علاج دامت أكثر من شهرين ونصف، مصدرا بيانا رسميا قال فيه أنه سيكمل فترة التأهيل الوظيفي بالجزائر، بالرغم من تأكيد وسائل إعلام فرنسية بأن بوتفليقة عاد للجزائر على كرسي متحرك، وأنه غير قادر على الحركة، الأمر الذي يؤكده أيضا غيابه عن الأنشط العامة واقتصار نشاطه على حضور اجتماعات مع كبار مسؤولي الدولة، وأعضاء الحكومة، والضيوف الأجانب.
وبدوره، هدد عبد الله جاب الله، رئيس حزب “العدالة والتنمية” المحسوب على الأحزاب الإسلامية المعارضة، بمقاطعة الانتخابات “إذا لم تقدم السلطة ضمانات كافية حول نزاهتها”، وذلك بالإضافة إلى انتقادات شديدة من قبل المعارضة الجزائرية عموما، حيث ترى بعض الأحزاب والقوى المعارضة أن بوتفليقة مدعوم من قبل العسكر ويسيطر أيضا على كل مفاصل الدولة، مما سيحد من نزاهة الانتخابات، في حين ترى أحزاب معارضة أخرى أن الوضع الصحي لبوتفليقة لا يسمح له بحكم الجزائر لفترة رئاسية رابعة.
ويذكر أن 14 حزب جزائري معارض سعا مطلع هذا الشهر (أكتوبر) إلى تنظيم ندوة سياسية لبحث تطورات الوضع الراهن في الجزائر وللتنديد ببوادر ترشح بوتفليقة إلى فترة رئاسية رابعة، غير أن إدارة الفندق الذي كان يفترض أن تقام فيه الندوة رفضت توفير القاعة، بحجة أن ولاية (مجلس المحافظة) الجزائر لم تمنح لها الرخصة من أجل ذلك، حيث صرح المعارض الطاهر بن بعيبش لجريدة الخبر أن “مدير الفندق طلب منا مغادرة القاعة وأبلغنا أنه ليس ممكنا عقد الاجتماع دون رخصة”، وذلك بالرغم من تقدم هذه الأحزاب بإخطار للولاية قبل 6 أيام من موعد إقامة الندوة.
وحول إعلان السعداني لترشح بوتفليقة، قال الكاتب الصحفي الجزائري عابد شارف لوكالة الأناضول أن هذا الإعلان يأتي ضمن خطوات مدروسة لخارطة طريق وضعها الحزب الحاكم لضمان بقاء بوتفليقة في منصب الرئيس، مشيرا إلى أن “هذه الخارطة انطلقت بتعديل حكومي مس الوزارات المهمة التي أسندت لمقربين من الرئيس إلى جانب محاولة لاحتواء الجبهتين السياسية، والاجتماعية؛ لتفادي حدوث مقاومة تذكر لهذا المخطط، فضلا عن محاولة تحييد كل شخصية مهمة بإمكانها قلب المعادلة السياسية، في حال تقدمها لسباق الرئاسة، وستكون المحطة الأخيرة بتعديل الدستور”.
و أشار الخبير الجزائري عابد شارف، إلى أن تعديل الدستور “هدفه استحداث منصب نائب للرئيس، سيقوم مقامه في تنشيط حملته الانتخابية، في حال عجز بوتفليقة عن ذلك”، مشيرا إلى أن بوتفليقة قادر على تبرير وضعه الصحي لدى الرأي العام عبر “نشر تقرير طبي يؤكد من خلاله أن بوتفليقة في صحة جيدة، وبإمكانه الاستمرار في الحكم”.