من المُسلّمات في السياسة أن المواعيد الانتخابية تحتاج جهدًا مضاعفًا من صاحب السلطان، باعتبار أنه، على خلاف غُرمائه، سيكون أمام تقييم لمردوده السابق، ولن يكتفي بقطع الوعود بل يحتاج أن يدافع عن سياساته السّابقة وإنجازاته، لأن تجديد الثقة أصعب بكثير من كسبها للمرة الأولى.
في هذا السياق، يخوض العدالة والتنمية المغربية، منذ أسبوع غمار الحملة الانتخابية المحلية والجهوية في المغرب، المنتظر عقدها يوم 4 سبتمبر المقبل، عارضًا فترة حكمه السابقة التي انطلقت منذ سنة 2011 على مسطرة الناخب المغربي تقييمًا وتقديرًا، كأول امتحان جدّي لهذا الحزب قبل الانتخابات التشريعية المُنتظر عقدها سنة 2016.
نتناول في هذا التقرير أهم مرتكزات العدالة التنمية على مستوى حملته الانتخابية، باعتبار أن كل حملة تنتطلق من موجهات عامة تُحددها سياسات محددة يراهن عليها لكسب أكبر قدر ممكن من السياسات.
وزراء على رأس القائمات الانتخابية
أول ما يجلب الاهتمام، هو مراهنة العدالة والتنمية على هذه الانتخابات، من خلال تثبيت عدد من الوزراء على رأس بعض القوائم الانتخابية، بحثًا عن الاستفادة من وزنهم الشعبي الذي منحهم إياه منصبهم الوزاري وأيضًا من خبراتهم.
ويحتل حزب العدالة والتنمية الصدارة من حيث عدد الوزراء المترشحين، ويبلغ خمسة، هم عبد العزيز الرباح، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، الذي ترشح في جهة الرباط – سلا – القنيطرة وأيضًا الجماعة، أما لحسن الداودي، وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، فترشح في جهة بني ملال – خنيفرة، في حين اختار زميله إدريس الأزمي، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، التنافس على رئاسة جهة فاس – مكناس، أما عبد العزيز العماري، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، فاختار التنافس في مقاطعة عين السبع – الحي المحمدي بالدارالبيضاء، وترشحت بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والأسرة والمرأة للتنافس حول رئاسة المجلس البلدي للفقيه بنصالح.
وفي علاقة بباقي أعضاء القائمات الانتخابية، نشر الحزب إحصائيات حول المستوى العلمي لمرشحيه وهي كالتالي:
الاعتماد على حضور عبد الإله بن كيران
من جهة أخرى، ركزت الحملات الانتخابية على استثمار الحضور القوي لرئيس الحكومة الحالية وأمين عام الحزب عبد الإله بن كيران، عبر اجتماعات شعبية جماهيرية في مختلف المحافظات المغربية، من أكادير إلى الجهة الشرقية والبيضاء وجدة وغيرها من المدن.
ومن المنتظر أن تتواصل الطلات الشعبية والإعلامية لبن كيران خلال الأيام القلية القادمة للدفاع عن إنجازات حكومته وحزبه.
مضامين واضحة وبرنامج انتخابي دسم
وخلال متابعة مختلف الفعاليات التي نظمها العدالة والتنمية بمناسبة الانتخابات، نستنتج بيسر الرسائل الانتخابية التي اختارها مُهندسو الحملة الانتخابية للحزب، فبالإضافة لشعار الحملة “جماعات ترابية قوية لربح رهان التنمية”، اعتمد الحزب على شعار “شارك، صوتك فرصتنا لمواصلة الإصلاح” وهو ما تجده في كل الكلمات التي يخاطب بها المترشحون سكان المناطق التي ينتمون إليها، خليط بين ذكر المنجز ودعوة لمساندة تواصل الإصلاح والقضاء على الفساد كرسائل سياسية عامة، وتوجه نحو حكم محليّ حقيقي بما يُعزز الحكم التشاركي ويخفف من سطوة المركز.
كما قدم الحزب برنامجًا انتخابيًا دسم تطرّق لأربع نقاط أساسية وهي “تنزيل الجهوية المتقدمة وتكريس التدبير الحر والفعال للجماعات الترابية”، “تعبئة جيدة وتدبير أفضل للموارد البشرية والمالية للجماعات الترابية”، “تطوير خدمات القرب الإدارية والاجتماعية وخدمات التنشيط الاقتصادي والثقافي والرياضي” و”تنمية القرى المندمجة وتطوير المدن المستدامة”.
الاعتماد على العامية المغربية
وقد اعتمد حزب العدالة والتنمية على اللهجة المغربية بديلاً عن العربية الفصحى في مهرجاناته الخطابية للوصول إلى أكبر شريحة من المغاربة، وللقطع مع نخبوية الاهتمام التي طالما ميزت هذه المحطات.
متابعة إعلامية مميزة
وعلى صعيد آخر، اعتمد العدالة والتنمية على تغطية إعلامية جيدة، كما اعتمد على إنتاج فيديوهات خاصة قصيرة على شكل وثائقيات تعرف بالإنجازات التي تم تحقيقها في محافظة من المحافظات، كما تحدد جملة الوعود والبرامج التي يلتزم أفراد القائمة بتحقيقها في حال تم انتخابهم.
كما أنتج الحزب نشيدًا خاصًا بالحملة الانتخابية يدعو فيها المغاربة للمشاركة والتصويت له .