ترجمة وتحرير نون بوست
في السطور القادمة نص مقابلة مع إيان بريمر رئيس مجموعة أوراسيا لاستشارات المخاطر السياسية، أستاذ الأبحاث العالمية في جامعة نيويورك، ومؤلف كتاب “القوة العظمى: ثلاثة خيارات لدور أميركا في العالم”.
ريبيكا ميلر: ذكرت مؤخراً خلال مقابلة لك مع بلومبيرغ، بأن الصفقة بحد ذاتها قد تكون سيئة، ولكن الجغرافيا السياسية الناجمة عنها جيدة، من وجهة نظرك، ما هي المزايا أو المنافع التي ستتمتع بها الإدارات الأميركية المقبلة جيوسياسياً من الاتفاق الحالي؟
إيان بريمر: الفائدة الرئيسية تتعلق بأسعار النفط، فمع رفع العقوبات المفروضة على إيران، سيتم ضخ المزيد من الخام الإيراني إلى السوق، ومن المتوقع أن نشهد زيادة تقدر ما بين الـ500 ألف إلى الـ600 ألف برميل إضافي يومياً بحلول الربيع المقبل، ومليون برميل نفط إضافي بحلول نهاية عام 2016، وإمدادات النفط الإضافية تعني استمرار الانكسار بأسعار النفط لفترة أطول.
روسيا، التي تعول بنصف إيراداتها الحكومية على صادرات الطاقة، سوف توهن نتيجة لانخفاض الأسعار، كما أن فنزويلا، البلد الأكثر اعتماداً على العائدات النفطية بين جميع الدول الكبرى المصدرة للنفط، ستضعف أيضاً، وفي كلتا الحالتين، سيصب ذلك في مصلحة الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، سيعمل انخفاض أسعار النفط على إضعاف السعودية، لأنها ستفقد حصتها في السوق داخل أوبك، وعودة الإزدهار الاقتصادي لإيران ستجعل السعودية بأمس الحاجة لتأسيس علاقات واقعية وإيجابية مع واشنطن، مما سيقلل من احتمالات اتخاذها لأي إجراءات تعارضها الولايات المتحدة، كما سنشهد تفتتاً في كتلة الدول الخليجية التي تقودها السعودية، مع قيام حكام الدول العربية الأخرى بالتحوط لرهاناتهم من خلال تأسيس علاقات تجارية أفضل مع إيران.
وأخيراً، رفع العقوبات سيعمل على إثراء الـ75% من الإيرانيين الذين لم يشهدوا الثورة الإسلامية، وهذا سيعمل على تحقيق الانفتاح الإيراني تجاه الغرب أكثر أي وقت مضى، كما أن الثروة التي ستجنيها إيران ستساعدها أيضاً على إنفاق المزيد من الأموال لدعم الميليشيات الشيعية العراقية التي تحارب داعش.
ريبيكا ميلر: إذا افترضنا صحة وجهة نظرك، وافترضنا عدم التزام إيران ببنود الصفقة، فعندها كيف يمكن لدول الخمسة زائداً واحداً أو لوكالة الطاقة الذرية أن تعملا على معاقبة إيران على نحو فعال لانتهاكها للصفقة دون التراجع عن التقدم الجيوسياسي الذي تم تحقيقه خلال المفاوضات؟ فكما قلت سابقاً، العقوبات قد تعمل في نهاية المطاف على عزل الولايات المتحدة وحدها عن التجارة مع إيران، فهل هناك، من وجهة نظرك، بديل أفضل؟
إيان بريمر: لقد تم تصميم العقوبات بشكل يخولها العودة إلى ما كانت عليه تلقائياً بمجرد اكتشاف أي غش إيراني، وهذه الميزة التلقائية ستسهل من مهمة الدول الأخرى بإعادة فرض العقوبات مرة أخرى.
ولكن على الرغم من ذلك، سيكون من الأسهل على إيران التلاعب بعملية التفتيش أكثر من أمريكا، لأن الأخيرة لا تسيطر على هذا الأمر، وعندما يطفق جدال حول غش إيران من عدمه، يمكن للروس والصينيين أن يتجاهلوه ببساطة تحقيقاً لمبدأ النفعية، ومن وجهة نظري، لا أعتقد بأن إيران ستتصرف بشكل صارخ لانتهاك الاتفاق من خلال تطوير قدرات الأسلحة النووية لديها، على الأقل ليس في السنوات الأولى من هذه الصفقة، لأنها تسعى لاغتنام التأثير الكامل لرفع العقوبات، ولكن يوجد الكثير من نقاط الضعف في الصفقة، لأنها ليست مسبوكة بإحكام.
ريبيكا ميلر: في مقابلة بلومبيرغ، ذكرت بأن إيران قد تتحول إلى سعودية جديدة بالنسبة لأميركا في العقد المقبل أو نحو ذلك، إلى أي مدى تتوقع أن تعمل الولايات المتحدة مع إيران، وما هي القضايا التي ستصبح فيها إيران حليفاً طبيعياً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط؟
إيان بريمر: هذا الأمر بالتأكيد سوف يستغرق وقتاً طويلاً، لأن المتشددين من كلا الجانبين سيحاربون أي تحركات نحو الانفراج، ولكنني أتوقع أن تتباعد الولايات المتحدة والسعودية بشكل مطرد؛ فإيران تلبي مصالح الولايات المتحدة أكثر مما تفعله السعودية بكثير، بما في ذلك فتح سوق استهلاكية لأميركا مؤلفة من 80 مليون نسمة في إيران، وأيضاً في مجال محاربة الجماعات الجهادية السنية وداعش وغيرها، ستكون إيران حليفاً أكثر طبيعية من السعودية، حتى وإن حصل التنسيق ما بين أمريكا وإيران بشكل رئيسي خلف الكواليس.
ريبيكا ميلر: ما هي الآثار المحتملة لكل هذا على مستقبل العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية؟ وهل سيؤدي التلاطف الأميركي-الإيراني إلى تعقيد تدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط إلى نقطة لا يكون فيها حلفاء الولايات المتحدة أو شركائها مستعدين للعمل معها في المستقبل؟
إيان بريمر: لا على الإطلاق، فإذا لم يكن نحو أمريكا، إلى أين ستيمم إسرائيل وجهها؟ التحدي الأكبر هنا يتمثل بالمملكة العربية السعودية، التي تعمل بالفعل على تحسين علاقاتها مع الصين لتنويع شراكاتها الأمنية والتجارية بشكل أفضل، ولكن على الرغم من ذلك، فإن قيام السعودية بالقبض على 400 عضو من داعش مباشرة عقب الإعلان عن صفقة إيران، هو أمر مثير للاهتمام، فالسعوديون لديهم أسبابهم الخاصة للخوف من داعش وبذات الوقت للرغبة في رؤية هذا التنظيم يواصل زعزعة استقرار حكومات العراق وسورية الحليفة لإيران، ولكن بالنسبة لي، فإنني أرى في تلك الممارسة السعودية إشارة مرسلة إلى واشنطن بأن السعوديين يسعون لزيادة تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، وليس لتخفيفها.
المصدر: ناشيونال إنترست