رغم اعتبار حكومتي السودانين، الشمالي والجنوبي، للاستفتاء الذي نظمته عشائر دينكا نقوك التسع في منطقة أبيي المتنازع عليها بين جوبا والخرطوم بأنه عبثي، فإن نتائجه لن تكون عبثية ولا يمكن الاستهانة بها، ففي الوقت الذي يتوقع فيه أن يصوت المستفتون لصالح ضم أبيي إلى جنوب السودان، رفضت قبيلة المسيرية الاستفتاء وهددت باجتياح مدينة أبيي إذا ضمت المدينة إلى جنوب السودان.
وكانت عملية التصويت قد انطلقت يوم أمس الأحد وسط مقاطعة كاملة من قبل الأحزاب السياسية، وكذلك من قبل منتسبي قبيلة المسيرية، واقتصر عدد المشاركين على حوالي 100 ألف من المنتمين لقبائل دينكا نقوك يُفترض أن جلهم سيصوتون لصالح قرار الانضمام للجنوب، مع العلم بأن “المفوضية الشعبية لاستفتاء منطقة أبيي” المنظمة للاستفتاء شكلت من قبل قبائل دينكا نقوك قبل أسبوع من بدأ التصويت.
حكومة الخرطوم، تراوح موقفها ما بين الرفض والتهديد، حيث قالت إن هذا استفتاء خارج عن الأطر القانونية المنصوص عليها في الاتفاقات مع الجنوب، متهمة بذلك بعض السياسيين من أبناء الجنوب بتوتير الأوضاع بين الجانبين بعد أن شهدت في الآونة الأخيرة نوعا من الاستقرار، في حين اعتبر وزير الخارجية السوداني علي كرتي إجراء قبيلة دينكا نقوك للاستفتاء منفردة، خروجا على نتائج لقاءات رئيسي السودان وجنوب السودان، التي اتفق فيها على أن يكون موضوع أبيي في أيديهما.
وأما قبيلة المسيرية، وهي من القبائل المتنقلة، والتي تقيم في مدينة أبيي خلال فترة الجفاف فقط، فقد رفضت الاستفتاء وأكد أعيانها على ما سمّوْه حق القبيلة الكاملَ في البقاء في المنطقة والاستمرار في “مسارات الرعي”، كما هددوا باجتياح مدينة أبيي إذا قامت قبائل دينكا نقوك بضم المدينة إلى جنوب السودان.
وفي هذه الأثناء، اتهم الاتحاد الأفريقي السودان بمنع أعضاء في مجلس السلم والأمن بالاتحاد من زيارة أبيي، وقال في بيان صادر يوم أمس الأحد أنه “يعبر عن بالغ خيبة أمله وأسفه لعدم تمكنه من زيارة أبيي” والتي كانت مقررة السبت والأحد “بسبب إصرار السودان على تأجيل الزيارة لدواع أمنية ليست مستجدة”، مشيرا إلى أن “المجلس يعتبر أن الأمر يتعلق بحالة منع من أداء مسؤولياته”، مطالبا السودان ب”الامتناع عن عرقلة عمل المجلس وأن يتعاون بشكل كامل دعما لجهود الاتحاد الأفريقي الهادفة لإدارة الوضع في أبيي وتسويته”.
ومدينة أبيي هي من أهم نقاط الخلاف بين الجنوب والشمال التي لم يعالجها اتفاق السلام المبرم في سنة 2005 والذي أدى في سنة 2011 إلى استقلال جنوب السودان عن دولة السودان، حيث ترك تقرير مصير المدينة، التي تبلغ مساحتها نحو 10 آلاف كيلومتر مربع، إلى استفتاء ينظم لاحقا، غير أن الخلاف حول الكتلة الناخبة التي تحق لها المشاركة في الاستفتاء، وحول أحقية قبيلة المسيرية في المشاركة في الاستفتاء، تسبب في تأجيله عديد المرات.