أنا أحرقك وأنت تحرقني والإنسانية تحترق والطائفية تشتعل والأوطان تُدمر والمجرمون مازالوا يُشعلون نار الفتنة.
ها هو تنظيم الدولة الإسلامية يرد الفعل ويقوم بصلب 4 رجال ادعى أنهم من الحشد الشعبي كانوا يقومون بعملية استطلاع في مناطق نفوذه ليتواصل تفنن أطراف النزاع في العراق في تنفيذ وابتكار طرق جديدة للإعدام.
رد الفعل كان منتظرًا من التنظيم على ما قام به أبو عزرائيل “الحشدي” من حرقٍ وتقطيعٍ لجثة رجل قال ناشطون إنه سني في حين ادعى هو أنه داعشي.
تواصل الفجائع يهز الرأي العام العربي والدولي يوميًا بسبب ما تبثه الميليشيات الشيعية المدعومة إيرانيًا دوريًا من فيديوهات ذبح وتنكيل وقتل وتهجير للعراقيين في المناطق التي تشهد قتالاً عنيفًا بينهم وبين تنظيم الدولة منذ أكثر من عام، فقوات الحشد الشعبي التي تشكلت بعد فتوى الجهاد الكفائي التي أصدرها أكبر المرجعيات الدينية الشيعية في العالم علي السيستاني في الـ 13 من شهر يونيو 2014 بهدف مقاتلة داعش، حادت عن مسارها الذي أصبح قتل وذبح وحرق كل من يعترضهم من أهل السنة.
السيستاني الذي أكد في أكثر من مناسبة أنه يدعو إلى التقارب بين السنة والشيعة ونبذ الطائفية أصبح اليوم من المتسببين في هذه الفتنة التي راح ضحيتها الآلاف من القتلى والجرحى باسم الدفاع عن الطائفة وعن مراقد أهل البيت من “النواصب”.
فهاهو رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وبعد أن ثمن مجهودات مقاتلي الحشد الشعبي لقتالهم تنظيم الدولة في شهر يونيو الماضي، يعود بعد شهر واحد ليستنكر في تصريحات إعلامية له تغول مليشيات الحشد في المجتمع العراقي وتوسعها في مناطق ومحافظات قال إنها لا تتعرض لتهديد تنظيم الدولة ولا وجود للتنظيم فيها، مضيفًا أنه لا يمكن محاربة داعش وهناك من يقوم بنفس ممارساته من داخل صفوف ما يسمى بالحشد الشعبي.
تصريحات العبادي التي جاءت لتدعم ما قالته التقارير الإعلامية وتقارير المنظمات الحقوقية بخصوص الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات الشيعية المسلحة في المناطق السنية التي استعادوها من تنظيم الدولة، خاصة أثناء الحملة العسكرية التي وقعت في مارس الماضي في مدينة تكريت بمحافظة صلاح الدين شمالي بغداد، كما أن قوات الحشد التي فاق عددها الـ 100 ألف من المقاتلين الشيعة تغولت في المجتمع العراقي وتوسعت في محافظات لا تتعرض لتهديد تنظيم الدولة ولا وجود له فيها، بحسب العبادي.
وفي السياق ذاته اتهم الأمين العام للمؤتمر التأسيسي لإقليم صلاح الدين، ناجح الميزان، الحشد الشعبي بهدم آلاف المنازل وقتل الأبرياء وتفجير المنازل والسعي إلى إحداث تغيير ديمغرافي في منطقة الدور بمحافظة صلاح الدين وغيرها من مناطق العراق.
ووجه مسؤولون سُنة في العراق أصابع الاتهام إلى المقاتلين الشيعة في الحشد الشعبي بالوقوف وراء سلسلة انتهاكات حدثت بعد تحرير مناطق ذات غالبية سنية من سيطرة داعش في ديالى وصلاح الدين، فيما ألقى الحشد بالمسؤولية على عصابات مجرمة دون أن يسميها.
مطالبات ودعاوى عدة أطراف عراقية بمساءلة ومحاسبة مقاتلي الحشد الشعبي بسبب الانتهاكات التي قاموا بها تواترت؛ فلقد طالب اتحاد القوى العراقية رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي بالتدخل لمنع تكرار عمليات “الانتقام” التي تقوم بها العناصر “المنفلتة” وذلك على خلفية حرق بعض عناصر الحشد أحد المدنيين في مدينة تكريت بعد استعادتها من تنظيم الدولة.
كما بث ناشطون على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي الموالية للميليشيات العراقية الشيعية المسلحة فيديو يُظهر أحد القيادات العراقية الميدانية في كتائب الإمام علي الشيعية المدعو أيوب فالح حسن الربيعي والمعروف بكنية “أبو عزرائيل” وهو يقوم بحرق وتقطيع جثة رجل سني في مدينة بيجي، لكن أبا عزرائيل أكد في فيديو آخر أن من قتله هو قوقازي صيني من “الدواعش” وليس سنيًا، ليناقض بعد لحظات كلماته الأولى عندما أردف قائلاً “إن من حرقناهم عرب إرهابيين دواعش”، كما أنه ظهر في فيديو سابق يردد عبارات طائفية ويلعن من أسماهم بأحفاد عائشة متوعدًا إياهم بالموت.
هذا الفيديو لم يكن الأول الذي يُظهر قيام مقاتلين من الميليشيات الشيعية بذبح وقتل وحرق مواطنين عراقيين مدنيين حسب الصور ودواعش حسب ادعاءاتهم؛ ما دفع منظمة العفو الدولية إلى اتهام الحشد الشعبي مرارًا بقتل عشرات المدنيين السنة “بإعدامات عشوائية”، مؤكدة أن ممارساتهم تصل إلى مستوى “جرائم الحرب”.
كل هذه الجرائم التي تقترفها بيادق إيران في العراق تحت مسمى محاربة “الدواعش الإرهابيين” كانت بمباركة كبار مرجعياتهم الدينية على غرار السيستاني وخامنئي ومقتدى الصدر، وقد كُرم ممثل المرجعية العليا في كربلاء المقاتل “أبا عزرائيل” بفضل مجهوداته الجبارة في قتل وتهجير وذبح وحرق المدنيين من أهل السنة حسب ما أكدت المنظمات الحقوقية والشخصيات السياسية والإعلامية العراقية المستقلة، والإرهابيين الدواعش التكفيريين وفق الحكومة العراقية وقنواتها الإعلامية، كما أنه تم استقباله استقبال الأبطال في مقام الإمام علي بمدينة النجف العراقية وبمدينة مشهد الإيرانية خلال مشاركته في مراسم عزاء الإمام علي؛ ما يعني إقرار المرجعيات الشيعية لأعماله.
بعد كل هذه المجازر التي ترتكب باسم المذهبية وتحت وابل من الشعارات الطائفية مثل “نواصب”، “لبيك يا علي”، “لبيك يازهراء”، و”لبيك يا حسين” وسب أهل السنة والصحابة، تعود مراجعهم لاستخدام التقية وإدانة كل هذا والتأكيد على أن الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه وأن المسلمين جسد واحد سنةً وشيعة، في حين تثبت الوقائع والأحداث المتسارعة عكس ذلك تمامًا، فالحقيقة أن الشاذ هو من لا يعجبه تصرف المجموعة فيكون مصيره الإبعاد.
وفي الأخير لا يعني اتهام الحشد الشعبي والجيش العراقي والميليشيات الشيعية المنتشرة في كامل أنحاء العراق بالضرورة تبرئة تنظيم الدولة الإسلامية، لأن الطرفين ساهما بشكل كبير في تأجيج الطائفية في كل من العراق وسوريا، وبعد كل هذا القتال بينهما يبقى المواطنون السنة والشيعة ممن لا ناقة لهم ولا جمل في تأجيج الصراع يدفعون فاتورة الأحداث بسبب جشع بعض القوى الاستعمارية الخارجية التي دعمت الطائفية لتحقيق أهدافها.