قال حسين العباسي، الأمين العام لاتحاد الشغل التونسي، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي مساء أمس الاثنين، أن مبادرة الحوار الوطني التي تقدّم بها الاتحاد لا تمثل انقلابا على حكومة علي العريض، موضحا أن المنظمة النقابية تسعى إلى تحقيق التوافق بين مختلف الفرقاء السياسيين، وذلك لأجل إخراج البلاد من الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها، معتبرا أن مرحلة الانتقال السياسي لا يمكن أن تدار إلا بالتوافق.
وفي إطار تداعيات انطلاق الحوار الوطني وقبول كل الأطراف المشاركة فيه بخارطة الطريق التي اقترحتها المؤسسات الراعية للحوار وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل، استقبل رئيس الحكومة، علي لعريض، مساء الاثنين، بقصر الحكومة بالقصبة وفدًا من البرلمان الأوروبي برئاسة البرلماني الأوروبي نورمان وورنر، حيث أكد وورنر “دعم البرلمان الأوروبي لتونس في هذه المرحلة الحسّاسة والدقيقة ومساعدتها من أجل تحقيق ديمقراطيّة كاملة”، مضيفًا أن “النواب خرجوا بانطباعات إيجابيّة جدًّا بعد مقابلتهم رئيس الحكومة، ولمسهم من الجميع الحرص على الحفاظ على الوحدة الوطنيّة لاجتياز هذه المرحلة بسلام والانتقال إلى ديمقراطيّة حقيقية”.
وتتمثل خارطة الطريق في عدة مسارات، اتفق المتحاورون على العمل عليها بالتوازي على أن تنتهي كلها في غضون 4 أسابيع سيتم خلالها تشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتحديد تاريخ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة وهو ما تم تسميته بالمسار الانتخابي، بالإضافة إلى المسار الدستوري (صياغة الدستور الجديد)، والمسار الحكومي (تشكيل حكومة الكفاءات)، وذلك على النحو التالي:
- الإعلان عن اسم رئيس الحكومة المستقل يكون يوم الخميس (31 أكتوبر )، من الأسبوع الجاري، وذلك مع نهاية الأسبوع الأوّل عن بداية الحوار الوطني، لينطلق بعدها رئيس الحكومة الجديد في اختيار تشكيلته الحكومية.
- تشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات واختيار كامل أعضائها، يوم الخميس (31 أكتوبر)، من الأسبوع الجاري، وذلك بعد أن استأنفت لجنة الانتخابات أعمالها نهاية الأسبوع المنقضي مع عودة النواب المنسحبين إلى المجلس التأسيسي استجابة لشروط مبادرة الحوار الوطني.
- الانطلاق منذ الجلسة الأولى للحوار الوطني (الجمعة الماضية) في إعداد قانون انتخابي لتنظيم الانتخابات المقبلة.
- استئناف “لجنة التوافقات حول الدستور” صلب المجلس التأسيسي لأعمالها (بداية من نهاية الأسبوع المنقضي)، وبداية حسم المسائل الخلافية بخصوص المسودة النهائية للدستور.
- الأربعاء 6 نوفمبر/ تشرين الثاني القادم تتم المصادقة على القانون الانتخابي في المجلس التأسيسي بصفة نهائية، وإصداره وذلك مع نهاية الأسبوع الثاني من الحوار.
- الثلاثاء 12 نوفمبر/ تشرين الثاني مع نهاية الأسبوع الثالث للحوار يتم الإعلان عن تشكيلة حكومة الكفاءات المستقلة، وتقدّم حكومة علي العريض الحالية استقالتها رسميا.
- الثلاثاء 12 نوفمبر/ تشرين الثاني مع نهاية الأسبوع الثالث للحوار يتم الكشف عن موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة.
- الاثنين 18 نوفمبر/ تشرين الثاني مع نهاية الأسبوع الرابع للحوار الوطني الذي تنتهي معه خارطة طريق الحوار الوطني يصادق المجلس التأسيسي على تشكيلة الحكومة ويمنحها ثقته.
- الإعلان في الاثنين 18 نوفمبر/ تشرين الثاني عن نهاية الأسبوع الرابع للحوار الوطني، وتقديم وثيقة الدستور التونسي بعد المصادقة عليه من قبل المجلس التأسيسي وذلك بعد عامين من العمل عليها.
وحول سير الأعمال في أولى المسارات وأكثرها حساسية ومدعاة للتوافق وهو المسار الحكومي، قال محمد الحامدي، القيادي بحزب التحالف الديمقراطي المعارض، في تصريح لوكالة الأناضول للأنباء، أن “لجنة المسار الحكومي أنهت أعمالها، وقدّمت تقريرا إلى الجلسة العامة للحوار الوطني، يضّم قائمة بالمرشحين لرئاسة الحكومة”، مضيفا أن “النقاشات مستمرة بين قادة الأحزاب السياسية في الحوار الوطني لتحديد رئيس للحكومة المقبلة من بين الأسماء المذكورة في القائمة”.
مصادر لوكالة الأناضول داخل قاعة اجتماع الحوار الوطني ذكرت أن “لجنة المسار الحكومي وضعت قائمة جديدة بـ8 أسماء من بين القائمة الموسّعة” التي تم تداولها إعلاميا، مشيرة إلى أن القائمة المصغرة تضم كلا من: جلّول عيّاد (خبير اقتصادي ووزير مالية سابق)، وراضي المؤدب (خبير اقتصادي)، ومحمد الناصر الجويني (وزير سابق في عهد بورقيبة)، ومصطفى كمال النابلي (المحافظ السابق للبنك المركزي ووزير سابق).إضافة إلى أحمد المستيري (مناضل ضد الاستعمار ومن أقدم المعارضين لنظام بورقيبة)، وقيس سعيد ( خبير في القانون الدستوري)، وشوقي الطبيب (عميد المحامين السابق) ومنصور معلّى (خبير اقتصادي ووزير سابق).
وعلى الفايسبوك كما في الشارع التونسي، يعتبر الخبير القانوني قيس السعيد أكثر المرشحين شعبية بفضل ظهوره المكثف في وسائل الإعلام وأسلوبه الفريد في مناقشة القضايا الخلافية وتحليلها من وجهة نظر قانونية بكل حيادية، غير أن شعبيته هذه لا تجعله أوفر المرشحين حظوظا في الوصول إلى رئاسة الحكومة، حيث يفترض أن ينحصر الحوار حول شخصيتين، وهما أحمد المستيري الذي سبق أن أعلنت النهضة مرارا ثقتها فيه، وكذلك مصطفى كمال النابلي الذي تجمعه علاقة مصاهرة بكمال اللطيف رجل الأعمال الملقب بصانع الملوك والمعروف بدعمه لحزب حركة نداء تونس ومعظم التيارات المعارضة.
وفي انتظار الانتهاء من الخطوة الأولى من خارطة الطريق، توالت الأصداء الدولية الرسمية وودية حول خارطة الطريق والحوار الوطني، حيث قالت حركة النهضة في بيان لها، نشرته الصفحة الرسمية لرئيس الحركة راشد الغنوشي بموقع التواصل الاجتماعي “فايس بوك” اليوم، : ” استقبل رئيس حركة النهضة اليوم، جاكوب والس سفير الولايات المتحدة الأمريكية بتونس، حيث تمحور اللقاء حول الوضع السياسي في المنطقة وآفاق نجاح الحوار الوطني في تونس الذي تعوّل عليه البلاد للخروج من الوضع الانتقالي وتنظيم انتخابات حرة شفافة يشارك فيها الجميع ويقبلون بنتائجها”.