في العيد التسعين لإنشاء الجمهورية التركية، يدشن اليوم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان المشروع الأكبر الذي يتم إنجازه في عهد حكوماته المتوالية، والهادف إلى ربط القارتين أوروبا وآسيا مرورا من تحت مضيق البسفور.
المشروع الذي قال عنه أردوغان، إنه لن يربط شقي اسطنبول فحسب، لكنه سيربط بين بكين ولندن، استغرق إنشاؤه ٩ سنوات، حيث وُضع حجر أساسه في العام ٢٠٠٤، ويبلغ طوله بعد انتهاء جميع مراحله ٧٣ كم، وارتفاعه قرابة ٩ أمتار.
لقد بدأ العمل الفعلي بتنفيذ المشروع وتأسيسه عام 2004، وكان أول فأس يضرب داخل مضيق البوسفور بإسطنبول لتاسيس مشروع مترو أنفاق مرمراي في شهر مايو / أيار من عام 2004، وكان المقرر أن ينتهي العمل به ويتم إنجازه خلال خمس سنوات، وتحديدًا في عام 2009، لكن الآثار التي عثر عليها أثناء ذلك أعاقت عمل المهندسين بالمشروع وأجبرتهم على تغيير مخططاتهم الهندسية وبالتالي إطالة أمد إنجاز المشروع حتى اليوم الثلاثاء الموافق للـ 29 من شهر أكتوبر.
فقد تم العثور على هيكل عظمي لإنسان، يعود لـ 8 آلاف و500 عام، وآثار أقدامه، كما جرى استخراج أكثر من 35 ألف قطعة اثرية، فضلا عن 13 سفينة غارقة، في إطار عمليات التنقيب الأثرية، على هامش المشروع
ستتوفر في “مرمراي” محطات ارتباط مع خط المترو في اسطنبول. ويهدف المشروع إلى توفير الوقت على حوالي مليون شخص، فضلًا عن التوفير في الطاقة، وتقليل حركة السيارات، وتلوث الجو، وتخفيف أعباء حركة المرور على الجسرين المعلقين في اسطنبول.
من المتوقع أن يوفر المشروع نحو 25 مليون ساعة في حركة المرور سنويا، بعد استكمال ملحقاته، مع حلول عام 2015، فيما سيوفر نحو 36 مليون ساعة سنويا، لدى عمل المشروع بالطاقة القصوى حيث سينقل قرابة ٧٥ ألف مسافر في الساعة الواحدة، بحد أقصى مليون و ٢٠٠ ألف مسافر على مدار اليوم.
وتعتبر المرحلة الأولى هي أصعب مراحل المشروع حيث تم بناء نفق تحت مياه بحر مرمرة في مضيق البوسفور بطول 3.5 كيلومتر كمرحلة أولى بقيمة 4 مليارات دولار.
ويصل طول المرحلة الأولى التي تم إنجازها من مشروع مترو أنفاق مرمراي 13.6 كيلومترًا، وتصل المسافة الفعلية الواصلة بين ضفتي القارة الأوروبية والآسيوية إلى 1.4 كيلومترًا، في حين سيصل طول خط مترو أنفاق مرمراي فور انتهاء جميع مراحله الثلاثة إلى 73 كيلو مترًا.
وفيما يتعلق بالمشروع نفسه قد يتساءل البعض عن كيفية حفر نفق تحت المضيق، لكن الحقيقة أن النفق لم يحفر، وإنما قد تم إنزال عدد من القوالب الفولاذية تحت مياه المضيق على عمق 62 مترًا، واستقرت هذه القوالب الفولاذية فوق سطح الأتربة الموجودة تحت المياه بشكل محكم ومتقن ومقاوم لكل المتغيرات الطبيعية والبحرية.
وقد حضر إلى اسطنبول للمشاركة في الافتتاح، عدد من وزراء ورؤساء وزراء دول قريبة من تركيا مثل آذربيجان، وبلغاريا، وجورجيا، وألبانيا، ورومانيا، بالإضافة إلى رئيس الوزاء الياباني ووزيرة التعمير الأسبانية.
ويوصف هذا المشروع بكونه (مشروع العصر) الذي وضعت رؤيته للمرة الأولى في عهد السلطان العثماني عبد المجيد، وحاول خلفه السلطان عبدالحميد الثاني تكليف مهندسي إمبراطوريته بدراسة المشروع إلا أن القدر لم يمهله، ليأتي رجب طيب أردوغان في العام ٢٠٠٣ ويقرر بدء العمل في حلم أسلافه.
ويخطط الأتراك لربط “مرمراي” بولاية أدرنه في الشق الأوروبي، وبخطوط السكك الحديدية في أقصى شرق تركيا الآسيوية، والتي تصل تركيا بعواصم دول مثل باكو في آذربيجان وتبليسي في جورجيا.
وبمناسبة بدء تشغيله قال رئيس الوزراء التركي في حفل الافتتاح أن مرمراي سينقل الركاب بالمجان في أول خمسة عشر يوما من افتتاحه.
بالإضافة إلى مرمراي، يحضر الأتراك لافتتاح خط القطار السريع الذي سيربط بين عاصمتي تركيا، أنقرة واسطنبول، والذي يجري العمل عليه الآن ليتم تشغيله قبل نهاية العام الحالي, وسيرتبط مشروع مرمراي بخط أنقرة اسطنبول للقطار السريع، فضلا عن ربطه بشبكة مترو أنفاق اسطنبول.