حين يصبح الحصول على وظيفة صعب المنال لا بد للشباب الغزي عدم الاستسلام خصوصًا في ظل الوضع الاقتصادي السيء والفقر وعدم توافر فرص عمل ناهيك عن الحصار، فأرادوا محاربته وصنع مصدر دخلهم بأنفسهم؛ فطرقوا باب العمل للربح عبر “الإنترنت” بمجالاته الواسعة، وطوعوه لتحقيق أهدافهم وجني أرزاقهم.
المدرب الإلكتروني بموسسة “ميرسي كور” للعمل عن بعد، سعد حبيب، والذي يعمل أيضًا مسوقًا عبر “السوشيال ميديا” منذ ثلاث أعوام، لم يكترث بالجلوس طويلاً أمام شاشة الحاسوب للعمل لست أو سبع ساعات يوميًا، حيث يقول: “العمل عبر الإنترنت مريح جدًا من حيث المكان والزمان ويعتبر كنز لا ينضب، ولا يحتاج لرأس مال خصوصًا في ظل ارتفاع نسبة الفقر بغزة”.
ويعمل حبيب عبر الإنترنت ضمن موقعي “إيلانس” و”لينكد إن” من خلال شركات أجنبية تقوم بطرح مشاريع عبر هذه المواقع ويقوم “الفريلانسرز” بتقديم عروض أسعار لخدماته وتوافق عليه الشركة حسب كفاءته ورغبة الشركة، ويصل مصدر دخل حبيب شهريًا بما يقارب 1500 إلى 2500 دولار فأكثر.
وقد وصف عمله “بالحقيقة وليس الوهم” واستطاع من خلال هذا العمل أن يتزوج ويكون عائلة وبيت والسفر إلى بعض الدول العربية كرحلات ترفيهية في غضون عامين، حيث يعد راتبه ممتاز مقارنة بالوضع الاقتصادى الغزي العام.
وفي خطوة أخرى لم تستطع الفتاة الغزية حنان خشان، أن تقف مكتوفة الأيدي بدون عمل بعد أن تخرجت من الجامعة بتخصص تكنولوجيا معلومات، فأرادت أن تتحدى ظروفها السيئة وتعمل عبر “الإنترنت” للنجاة من البطالة.
فبدأت بجنى قوت عائلتها بالربح من خلال “التسويق الإلكتروني” عبر الإنترنت فهي تعمل ضمن شركة “مورال السعودية “، فتقوم بالعمل لجذب أكبر عدد من الزوار والمتابعين لها إلكترونيًا بالإضافة للعديد من الشركات التي تعمل معها خشان بشكل حر، فنجحت بشق طريقها، وعملت على تكوين مباردة باسم “باب رزق” بهدف استقطاب الشباب الغزي القادرعلى الإبداع في كافة المجلات، كما وصفت.
إضافة لسعيها من خلال هذه المبادرة إيجاد في كل بيت غزي عامل حر يخفف وطأة الحياة على عائلته، وتعزيز دور الإنترنت في إيجاد فرص عمل دون الحاجة لانتظار الوظائف أو فرص العمل غير المتوفرة أساسًا، بالإضافة لتخريج 600 شباب قادر على العمل إلكترونيًا خلال فترة المبادرة.
أما الشاب أحمد الكبريتي أكد أنه حصل على بعض المبالغ النقدية عبر “مواقع إلكترونية” مهتمة بالتصميم وتتبع لأكاديمية العمل الحر عبر الإنترنت، حيث قام باكتساب خبرته بالعمل من خلال الدورات التدريبية التي تعقدها الأكاديمية عبر الشبكة العنكبوتية ووصف عمله بالربح المذهل، رغم أنه يواجه أحيانًا صعوبات في تحويل الأموال إليه من خارج قطاع غزة.
أوضح الكبريتي أنه يعمل بكل اجتهاد لإتمام التصميم المكلف به بشكل مبدع حسب طلب الزبون، ويعتبر امتهانه للعمل الحر الأنسب له، بدلاً من اصطفافه في طابور مهن السوق المحلي التي لا تجدي مالاً كثيرًا، فكل ما يحتاجه جهاز كمبيوتر شخصي، إضافة لاشتراك إنترنت وخبرة بالعمل، الكبريتي ككثير من الشباب الفلسطيني الذي وجد بالعمل الإلكتروني ضالته ولقمة عيشيه له ولذويه.
وتخرج مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية، سنويًا حوالي 30 ألف طالب وطالبة، وتبلغ نسبة العاملين منهم 20%، بينما العاطلين عن العمل، تصل إلى 75%، حسب إحصائيات رسمية، وبلغت نسبة البطالة في قطاع غزة 60%، فيما وصلت نسبة الفقر إلى 80%، بحسب إحصائية أصدرتها اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن غزة (غير حكومية)، نهاية العام الماضي.
ولم يقتصر العمل عبر الإنترنت على ذلك حتى بدأت السيدة نرمين الدمياطي بعرض تصميمات الملابس التي تحكيهاعبر آلة الخياطة بمنزلها، لتقوم بالتسويق لعملها عبر الصفحات الإلكترونية وجذب الزبائن لها وتسعى مجتهدة لتوسيع عملها والترويج له خارج قطاع غزة الضيق.
بدوره، يقول أنس الشيخ خليل، المساعد الإداري والمالي، في شركة “اعمل بلا حدود” للعمل عن بعد، والتي تعمل كوسيط بين الشركات الخارجية والموظفين في غزة، لتوفير الفرص وبيئة العمل، إن” آفاق العمل عبر الإنترنت واسعة جدًا، ووسيلة جيدة جدًا لمحاربة البطالة”، ويضيف: “نشأت الشركة بهدف توفير الفرص للخريجين وفتح الآفاق للعمل خاصة في ظل وجود الحصار المطبق على غزة”، مشيرًا إلى أن عدد الموظفين لديه وصل إلى 60 موظفًا، ودعا الشيخ خليل الشباب في قطاع غزة إلى استثمار أوقاتهم وطاقاتهم بما يعود عليهم بتحسين أوضاعهم الاقتصادية عبر العمل الإلكتروني.