لم تكن نهاية المنقضي في المغرب كغيرها من الأيام، حيث شهدت حركية سياسية كبيرة تزامنا مع الإنتخابات المحلية الجهوية التي راهنت عليها جميع الأحزاب بقوة باعتبارها أول مُستويات الإحتكاك بالمواطن والتي ستكون نتائجها، سواء كانت سلبية أو إيجابية لكل حزب، مفتاحا للإنتخابات التشريعية المُقبلة.
أهم الأحزاب المُشاركة في هذا الإستحقاق الإنتخابي
حزب الأصالة والمعاصرة:
يعتبر حزبًا حديث النشأة، حيث تأسس عام 2008، ويتزعمه مصطفى الباكوري، ويتبع الأيديولوجية المحافظة، ويضم في صفوفه 5 أحزاب صغيرة حلت نفسها، وهي “الحزب الوطني الديمقراطي، وحزب العهد، وحزب البيئة والتنمية، ورابطة الحريات، وحزب مبادرة المواطنة والتنمية”، ونافس الحزب بـ18,227 مرشحا ويُطلق عليه اسم حزب المخزن نسبة لارتباطه بالأجندة السياسية للملك.
حزب الاستقلال:
يعدّ من أقدم الأحزاب في المغرب، حيث تم تأسيسه عام 1944، ويتزعمه حاليًا حميد شباط، عمدة مدينة فاس، ويتبع الاتجاه اليميني المحافظ، وخرج من الحكومة بعد خلاف سياسي مع حزب العدالة والتنمية، ونافس الحزب بـ17,214 مرشحا.
حزب العدالة والتنمية:
تأسس في منتصف تسعينيات القرن الماضي، بعد اندماجه مع حزب قديم، ويعد الوحيد ذا المرجعية الإسلامية الذي يشارك في السباق الإنتخابيويقود الحكومة المغربية منذ سنة 2011، ويتزعمه حاليًا عبد الإله بنكيران، ونافس الحزب بـ16,310 مرشحا.
حزب التجمع الوطني للأحرار:
تأسس في نهاية سبعينيات القرن الماضي، ويتبع الاتجاه اليميني الليبرالي، ويتزعمه حاليًا وزير الخارجية صلاح الدين مزوار، ونافس الحزب بـ14,617 مرشحا.
حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية:
يتبع الحزب الاتجاه اليساري، وعُرف بنضالاته الكبيرة في فترة الملك الحسن الثاني، وكان يجمع ثلة من الأسماء السياسية الكبيرة كالمهدي بن بركة وعبدالرحيم بوعبيد، ولكنه تراجع كثيرًا في السنوات الأخيرة نتيجة انشقاقات وخلافات متعددة، ويتزعمه حاليًا الوزير السابق إدريس لشكر، ونافس الحزب بـ11,658 مرشحا.
حزب الحركة الشعبية:
يعدّ من أقدم الأحزاب في المغرب، حيث تم تأسيسه عام 1959، ويضم فئات من الفلاحين والعمال ورجال جيش التحرير، ويتبع اتجاهًا ليبراليًا اجتماعيًا، ويتزعمه أحد أقدم الوزراء المغاربة، وينافس بـ10,767 مرشحا.
العدل والإحسان:
وهو حزب إسلامي محظور، لم يُشارك في هذه الإنتخابات لكن كان له تأثير في المشهد العام باعتباره تزعّم حركة المناداة بمقاطعة الإنتخابات.
النتائج الأولية للانتخابات المحلية
شهد الإعلان الجزئي لنتائج الإنتخابات تضاربا حول ترتيب الأحزاب في هذا الإستحقاق، خاصة مع غياب نسق واضح لتقدم الأحزاب في مُختلف الدوائر، ليُعلن وزير الداخلية، محمد حصاد، لاحقا انتهاء عملية فرز وإحصاء الأصوات، أن نسبة المُشاركة بلغت نسبة 53,67 %.
وفي ما يخص توزيع المقاعد، تحصل حزب الأصالة والمعاصرة على المرتبة الأولى، متبوعا بالاستقلال، فالعدالة والتنمية لتكون النتائج الأولية في الإنتخابات المحلية كما يلي :
حزب الأصالة والمعاصرة تحصل على 6655 مقعدا، يليه حزب الاستقلال ب 5106 مقعدا، ثم حزب العدالة والتنمية ب 5021 مقعدا، وحزب التجمع الوطني للأحرار ب 4408 مقعدا، فحزب الحركة الشعبية ب3007 مقعدا، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ب 2656 مقعدا، متبوعا ب حزب التقدم والاشتراكية ب 1766 مقعدا، وحزب الاتحاد الدستوري ب1489 مقعدا، وتحالف احزاب فيدرالية اليسار الديموقرطي ب 333 مقعدا، وحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية 297 مقعدا، وحزب جبهة القوي الديمقراطية ب193 مقعدا، وحزب العهد الديمقراطي 142 مقعدا، وتتوزعت باقي المقاعد بين 12 حزبا سياسيا ومستقلين.
النتائج الأولية للإنتخابات الجهوية
وفيما يتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الجهوية، تشير النتائج الأولية إلى تقدم حزب العدالة والتنمية ب174 مقعدا، يليه حزب الأصالة والمعاصرة ب 132 مقعدا، ثم حزب الاستقلال ب 119 مقعدا، فحزب التجمع الوطني للأحرار ب 90 مقعدا، وحزب الحركة الشعبية ب58 مقعدا، متبوعا بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ب 48 مقعدا، وحزب الاتحاد الدستوري 27 مقعدا، وحزب التقدم والاشتراكية ب23 مقعدا، فيما توزعت المقاعد السبعة المتبقية بين 4 هيئات سياسية.
قراءة في نتائج الإنتخابات الأولية
وبحسب هذه النتائج، حافظ حزب المخزن على صدراة الترتيب، وهي نفس المرتبة التي تحصل عليها في آخر انتخابات مُماثلة سنة 2009 وهو لم يبلغ من العمر وقتها سوى ستة أشهر، ما يُمكن أن يُستشفّ منه مُحافظة الملك على حظوة عند قطاع واسع من المغاربة. من جهة أخرى، ساهم تركيز هذا الحزب على الأرياف والبوادي عبر مفتاح الأعيان فيها في أن يُحقّق هذا التقدّم في الحصيلة العامة.
كما تُعتبر نتائج حزب الإستقلال أكثر من مُنتظرة حيث كان نصيبه في الانتخابات الجماعية والجهوية التي شهدها المغرب سابقا دائما وبشكل عام متقدمة، وقد فاز بأول رتبة في أكثر من اقتراع، وقدعرف هذا الحزب خسارة في عدّة مواقع كانت محسوبة عليه نتيجة اعتماده على أسماء تعلّقت بهم شُبهات فساد، لعل أبرزهم انهزام حميد شباط في مدينة فاس،وهو ما يُعتبر اتخابيا سلوكا عقابيا.
وفيما يتعلّق بحزب العدالة والتنمية، ورغم حلوله ثالثا في الإنتخابات المحلية، إلا أنه حقق تقدّما لافتا ضاعف به نصيبه السابق من هذا الإستحقاق أكثر من ثلاثة أضعاف قفز به من 1600 مقعد سنة 2009 إلى 5021، وهو ما اعتبره مُراقبون جد إيجابي على الصعيد السياسي باعتبار أن الحزب الذي يحكم مُهدّد أكثر من غيره بأن تتآكل شعبيته نظرا للإصلاحات التي قادها والتي تحتاج خيارات لا شعبية، كما أن حلوله أولا على مُستوى الإنتخابات الجهوية يجعله أول المُرشحين الجديين للظفر بالكتلة الأكبر برلمانيا ما سيسمح له بمواصلة ترأس الحكومة على الأغلب، وعلى العموم يُمكن استنتاج أن شعار مُحاربة الفساد الذي بنى عليه حزب المصباح (شعار الحزب) حملته الإنتخابية له جمهوره الواسع في المغرب.
على صعيد آخر، يرى مُراقبون أن الجهود التي بُذلت من قبل السلط المغربية لتسهيل عملية التسجيل في لوائح الناخبين بهدف تشجيع الشباب خاصة على الإقبال الكثيف على مراكز الإقتراع، اصطدمت بنجاح العدل والإحسان في دعوات المُقاطعة ليكون بذلك اللاعب الحاضر الغائب في هذاالإستحقاق السياسي، وليبرهن أنه لايزال رقما في المشهد السياسي المغربي رغم نشاطه في منطقة الهامش.