الخط العربي هو فن الكتابة العربية الذي اتفق جميع الفنانين بمختلف أنواع فنونهم التعبيرية والتشكيلية، على أنه من أكثر الفنون جمالًا وتناسقًا وجاذبية، حيث يتمتع الخط العربية بمرونة وقابلية للمد والرجع والاستدارة والتداخل والتركيب، مما يجعله ساحرًا لعين الفنان وغيره، كما يتميز الخط العربي بقدرته على مسايرة التطورات والخامات، فنرى أن من خصائصه مخالفة الطبيعة، التجريد، والاستطراد، مما يمنح الفنان الحرية الكاملة للتشكيل والتركيب، حيث رسم فنانو العرب الكلمات على الخشب، الخزف، الرخام، الزجاج، المعادن، النسيج، والورق بأنواعه، ليكون الخط العربي بالنهاية قاسمًا مشتركًا لكل الفنون العربية والإسلامية.
لم يتطور الخط العربي بأنواعه المعروفة في أيامنا هذه، بل نضج على مر الزمن، في البداية لم يعرف العرب عنه غير نوعين مع بداية ظهور الإسلام؛ النوع الأول تم استخدمه لكتابة المصاحف والوثائق المهمة، وكان نوعًا مُبسطًا، والنوع الثاني كان أكثر تهذيبًا، وكان يُستخدم في المعاملات اليومية، وإرسال الرسائل.
مخطوطة قرآنية بالخط الكوفي
مدارس الخط العربي
الخط الكوفي: هذه التسمية سادت وأصبحت تُطلق على كل الخطوط التي تميل إلى التربيع والهندسة أينما كتبت، وأيًا كانت درجة تطورها أو اختلافها عن الخطوط الكوفية الأولى.
خط كوفي للخطاط عثمان حامد (القاهرة 1364هـ، 1945م)
الخط المنسوب: تعود أصول الخطوط الموزونة إلى خط “التقوير”، الذي كانت بداية ارتقاءه الفني في الشام بعد تعريب الدواوين في عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، واختراع نوع من الورق عُرف بالقرطاس الشامي.
الخط الموزون: كانت الخطوط الموزونة قد وصلت إلى درجة من التطور، فأصبح لها نسب قياسية خاصة، وبلغ عدد أقلامها 24 قلمًا، انقسم منه عدة أنواع من الخطوط هي: الثلث، الريحان، التوقيع، المحقَّق، البديع، والرقاع.
المدرسة العثمانية: يمكن القول إن تطور خط النسخ في الشام، والثلث والثلثين في مصر شكلوا منهلاً نهل منه الخطاطون الأتراك، وأساسًا اعتمدوا عليه ليُحدثوا نقلة مهمة في تجويد بعض أنواع الخط المنسوب.
المدرسة العربية الحديثة: ظلت شجرة الخط في البلدان العربية مثمرة رغم الإهمال والظلال التي حجبت عنها النور، فاستمر الخط العربي في العراق، لينتقل نقلة نوعية تتميز بالقوة والجمال على يد الخطاط الكبير هاشم محمد البغدادي، الذي جود جميع أنواع الخط العربي بخصوصية كانت أساسًا لمدرسة العراق الحديثة، حيث تجمع ميزات المدرسة العراقية والمدرسة المصرية والمدرسة التركية.
أنواع الخط العربي الأساسية
الخط الكوفي: هو أقدم الخطوط العربية وأعرقها على الإطلاق.
خط النسخ: أحد أوضح الخطوط العربية على الإطلاق، ويتميز بوضوح صور حروفه واكتمال تشكيله مما يسهل عملية القراءة ويضمن سلامة النطق، وقد درجت كتابة المصاحف بهذا الخط في عهد الخطاطين العثمانيين.
خط الثلث: خط الثلث هو نوع من أروع الخطوط العربية منظرًا وجمالًا، وأصعبها كتابة وإتقانًا، سواء من حيث الحرف أو من حيث التركيب، كما أنه أصل الخطوط العربية، والميزان الذي يوزن به إبداع الخطاط.
خط الإجازة “التوقيع الرياسي”: مزيج من النسخ والثلث معًا، فمن يجيدهما يجيد خط الإجازة.
خط الرقعة: وسمي بذلك نسبة إلى الرقاع وهو جلد الغزال، وضع قواعده الخطاط العثماني ممتاز بيك، وأُنشئ في دواوين الخلافة العثمانية لتوحيد خط الكتابة بين موظفي الدولة.
الخط الديواني “السلطاني”: هو أحد أجمل الخطوط العربية يتميز بالحيوية والطواعية وكأن حروفه تتراقص على الورق، ويقال إن أول من وضع قواعده وحدد موازينه الخطاط إبراهيم منيف، وقد عرف هذا الخط بصفة رسمية بعد فتح السلطان العثماني محمد الفاتح للقسطنطينية عام 857.
الخط المغربي: الخط المغربي نوع من خطوط الأبجدية العربية ينتشر استخدامه في بلدان شمال أفريقيا، وموطنه عموم بلاد المغرب الكبير من ليبيا إلى المغرب، كما استخدم سابقًا في الأندلس.
الخط الفارسي: ظهر الخط الفارسي في بلاد فارس في القرن الـ7 الهجري (الـ13 الميلادي)، ويسمى “خط التعليق”، وهو خط جميل تمتاز حروفه بالدقة والامتداد، كما يمتاز بسهولته ووضوحه وانعدام التعقيد فيه، ولا يتحمل التشكيل، رغم اختلافه مع خط الرقعة.
نموذج للخط الفارسي
بعد ركود دام لأكثر من قرن من الزمان، وتفاهة وبساطة مناهج الخط العربي في المدارس العربية، عاد الخط العربي لساحات الفن من جديد، ليُبدع فنانوه المعاصرون في جذب عيون العرب وغيرهم إليه مرة أخرى، حيث يمكننا القول إن الخط العربي تم إحياؤه من جديد، على يد فنانين عرب وأتراك وفرس، بل وأيضًا فنانين لا يتحدثون العربية، ولكنهم يجيدون الرسم بالكلمات العربية وكأنهم يفهمون كل حرف فيها.
خطاطو العصر الحديث
– فنان تركي يعيد إحياء الخط الغباري
اسم الخط مشتّق من الغبار بسبب الصغر والدقة، وهذا الفن مرتبط إلى حد كبير بالتصوف، ولفت إلى أن الكتابة تتم تحت عدسة المجهر حيث يستخدم فرشاة دقيقة يصنعها بنفسه، يعتبر “قورقماز” نفسه الوحيد في العالم الذي يكتب الخط الغباري.
– فنانون أجانب لا يتحدثون العربية ويبرعون في فن الخط العربي
يرى “جوش” الأمريكي، أن الحروف العربية هي التي تُمثل الجمال والكمال في الفن، حيث يعتبر ذلك الحقيقة التي يغيب عنها الكثير من الفنانين.
– “حاتم عرفة”.. الرسم بالكلمات
باستخدام تقنية الدمج بين الخط العربي، والرسم بتصاميم الجرافيكس، يرسم الفنان “حاتم عرفة” بالكلمات العربية، حيث يقول في أحد تقاريره إنه يرسم الكلمات كما يفكر بها، شغفه بإعادة إحياء ثقافة الخط العربي جعلته من أفضل خطاطي الخط العربي في الفن التشكيلي المعاصر، حاتم عرفة يحلم بمدرسة لتعليم الفنون في مصر، كما ينظم ورش “الرسم بالكلمات”، لتعليم الشباب أساسيات الخط العربي والرسم بالكلمات.
فنان تشكيلي من البحرين، برع كغيره من فناني الخليج العربي في إعادة إحياء الخط العربي، وتنظيم ورش لتعليمه.
– “خالد الساعي”.. يلف العالم بالحروف العربية
خالد الساعي، فنان سوري تشكيلي، له طريقة مميزة في الرسم بدمج الحروف العربية، تجوب معارضه في الوطن العربي وأوروبا.
مدارس الخط العربي التعليمية
لم تعد مجهودات تعلم الخط العربي فردية، بل أصبح هناك مدارس مكتملة لتعليم الخط؛ في مصر توجد مدرسة “خليل أغا”، المدرسة السعيدية في الجيزة، لإعطاء دروس مكثفة ودورات تدريبية من قِبل خطاطين ماهرين، في محاولة لنشر ذلك الفن بين أبناء اللغة العربية.
في إسطنبول، تركيا، تجد مركز “أرسكيا” للتاريخ لفنون الثقافة الإسلامية، والذي ينظم كل سنة مسابقة عالمية للوحات الخط العربي، شارك في آخرها ما يزيد عن الـ600 خطاط بعدد لوح قدره 900 لوحة.
متاحف الخط العربي
– متحف الخط العربي في دمشق: متحف الخط العربي هو متحف يهتم بالأبجدية والخط العربي، يقع بدمشق القديمة في سوريا، يضم المتحف نوادر المخطوطات القديمة وكنوز تتعلق بالخط العربي، أنشئ سنة 1975 بعد تحويل المدرسة الجقمقية إلى متحف.
– متحف الشارقة بالإمارات العربية المتحدة: تم افتتاحه في عام 2002، من أغنى المتاحف بالمخطوطات العربية التي تمثل ثورة إحياء الخط العربي.
– أول متحف للخط العربي في مصر
افتتح وزير الثقافة المصري، الشهر الماضي، متحفًا بالإسكندرية للخط العربي، ويُعد المتحف الأول من نوعه في مصر، وهو أحد المكونات الثقافية المهمة المُضافة لمتحف الفنون الجميلة (حسين صبحي) بمنطقة محرم بك، وهو أحد الصروح الفنية النوعية كأول متحف معني بتاريخ الخط العربي في مصر.
الخط العربي من أكبر العوامل المميزة للمعمار الإسلامي، الذي نحت ونقش الحروف العربية على جدارن المساجد وأعظم القصور التاريخية، كما أنه وسيلة مهمة من وسائل فهم المخطوطات العربية القديمة المكتوبة بأنواع الخط المختلفة، إلا أنه عاد لساحات الفن من جديد، بصورة التكنولوجيا الحديثة، ودمجه مع تصاميم الجرافيكس والألوان، ليتم إحياؤه ثقافيًا وعودته إلى أذهان الشباب والفنانين، في محاولة للعودة إلى الهوية العربية التي تم التأثير عليها وهدمها أكثر من مرة.