نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرًا تحليليًا لدانيا عقاد، حول الإعلان عن اكتشاف حقل غاز ضخم بالقرب من السواحل المصرية، تقول فيه إن الشركة الإيطالية التي اكتشفت الحقل ووقعت عقدًا، ضاعفت فيه أسعار الغاز التي تقبضها من الحقل، وحصنت السعر من أسعار السوق.
وتشير الكاتبة إلى أن شركة إيغاز المصرية الحكومية قد اتفقت مع شركة الطاقة الإيطالية “إي إن آي” على رفع السعر من 2.65 دولار أمريكي لكل (مليون وحدة حرارية بريطانية)، إلى ما بين 4 دولارات و5.88 دولار لكل مليون وحدة.
ويذكر التقرير أن “إي إن آي” أعلنت الأحد عن اكتشافها حقل زهر “الأكبر إلى الآن” للغاز الطبيعي قبالة السواحل المصرية، وقد يحتوي على حوالي 30 ترليون قدم مكعب من احتياطي الغاز، وإن كانت هذه التقديرات صحيحة، فإن الحقل يحتوي على 40% من احتياطي البلاد من الغاز الطبيعي.
وينقل الموقع عن مدير شركة “إي إن آي” كلوديو دسكالزي قوله في تصريح له: “هذا الاكتشاف التاريخي سيحول سيناريو الطاقة في مصر، حيث كان مرحب بنا على مدى أكثر من 60 عامًا”.
وترى عقاد أن هذا الاكتشاف جيد لسمعة “إي إن آي” الاقتصادية، حيث قال ديسكالزي إن الشركة لديها بنية تحتية بالقرب من حقل زهر، ما يقلل التكلفة، وقال لبلومبرغ: “لن نجد مشكلة في تمويل هذا المشروع بما نملك من أسهم”.
ويلفت التقرير إلى أن الشركة عملت على تثبيت سعر الغاز، الذي يقول ديسكالزي إن سعره الآن هو الأقل منذ ست سنوات، مستدركًا بأن هناك تساؤلات هذا الأسبوع حول توقيت الإعلان عن الاكتشاف والارتفاع المفاجئ لسعر الغاز.
ويورد الموقع أن سكرتير عام لجنة الطاقة في البرلمان المصري وعضو البرلمان سابقًا، وبخبرة 20 عامًا في صناعة النفط والغاز حاتم عزام، قال: “لو كان هذا في المملكة المتحدة أو سويسرا لتمت مناقشة الأمر مطولاً قبل تغيير السعر 10 سنتات”.
وتذكر الكاتبة أن عزام يقر بأن السعر كان بحاجة إلى الرفع؛ لتشجيع “إي إن آي”، ولكنه أضاف أنه كان يجب أن تكون تمت مناقشة الأمر على المستوى العام، وأضاف: “ما كنت لأضاعف السعر في غرف مغلقة بهذه الطريقة قبل الإعلان عن الصفقة بأسبوعين، فلماذا 100%؟ لم تكن الزيادة 50%؟ لم تكن 20%؟ ما هو المعيار؟”.
ويقول المحلل ميكا مينيو – باليولو للموقع: “مثير أن يتم الإعلان عن الاكتشاف الآن؛ لأنهم حتمًا كانوا يعرفون عنه منذ فترة”، وقدر أنه للكشف عن الاحتياطي في الحقول لا بد من جدولة منصات الحفر والحفارات قبل ثلاثة شهور على الأقل.
ويضيف:: “هذا ما يجعل السؤال يتبادر للذهن: متى عرفوا حقيقة؟ وهل كان ذلك قبل التفاوض مرة أخرى على السعر؟”، أما المتحدث باسم “إي إن آي” فيليبو كوتاليني فقال إن الترتيب ليس مهمًا، وإن الشركة لا ترد على التخمينات.
واتصل موقع “ميدل إيست آي” بوزارة النفط المصرية الأربعاء؛ للحصول على تعليق، ولكن تم تحويله لقسم الصحافة الأجنبية، لترتيب مقابلة، ولم يرد القسم على استفسار الموقع حتى وقت النشر.
انتعاش القطاع؟
تنقل عقاد عن العديد من المحللين قولهم إنه بعد عقود من مديونية مصر لشركات النفظ والغاز بأكثر من 7.5 مليار جنيه إسترليني، وتحول البلد من مصدر للغاز إلى مستورد له، كان على البلد تحفيز الشركات المتعددة الجنسيات للاستثمار ثانية.
ويفيد التقرير، بأنه في نهاية العام الماضي، بحسب “كابيتال إيكونوميكس”، فقد تراجعت متأخرات مصر إلى 3.1 مليار دولار بحلول مارس، عندما تم عقد مؤتمر الاقتصاد والتنمية في شرم الشيخ، وأعلنت كل من “إي إن آي” و”بي بي” عن استثمارات بمليارات الدولارات.
ويورد الموقع أن البعض يرى أن الاكتشاف الأخير يعني انتعاش قطاع الطاقة في مصر، ويقول المتخصص في اقتصاد الشرق الأوسط لدى “كابيتال إيكونوميكس” جيسون توفي “يبدو الآن أن الاستثمارات بدأت بالفعل، وتقوم الشركات بتكثيف البحث، والآن رأينا ثمرة جهودها، خاصة بإعلان يوم الأحد”، وتستدرك الكاتبة بأن مينيو- باليولو يشكك في منطق ادفع كي تلعب، ويرى أن التزام “إي إن آي” بالقيام بالاختبار قبل رفع السعر في يوليو، والتأكيدات بأن الغاز لن يكون مكلفًا لاستخراجه، ويقول: “يشكك في كل هذا المنطق القائل بأن شركات النفط تحتاج إلى صفقة أفضل، وإلا فلن تتشجع على القيام بالعمل”.
ويجد التقرير أنه رغم أن “إي إن آي” قالت إنه سيتم التسريع في العمل في حقل الظهر، إلا أنه لا يتوقع استخراج الغاز قبل عامين وربما أكثر، بحسب ما قاله محلل الطاقة لدى شركة “بلاتس”، شريف علي الحلوة.
وينقل الموقع عن الحلوة قوله: “تتحدث عن حقل بحري، وهذه عادة آبار عميقة تصل إلى 5 آلاف متر، وكل خطأ يكلف وقتًا، ولا تسير الأمور عادة بسلاسة، وستكون هناك أخطاء، ولذلك نتحدث عن تأخير في الوقت، ونتحدث عن سنتين على الأقل قبل البدء بإنتاج ثابت”.
ويقول توفي إنه على المدى القصير، فإن البيوت في مصر ستعاني من انقطاع التيار في أوقات الاستخدام العالي، مشيرًا إلى أن هذا الانقطاع تم تجنبه في الصيف؛ لأن الحكومة حولت الكهرباء من المصانع إلى البيوت، وقال: “ترى الحكومة أنه من الأسهل أن تحول كهرباء المصانع لإبقاء البيوت مضاءة”، بحسب الموقع.
ويضيف توفي للموقع أنه حتى قبل دخول الصيف انخفض استخدام الكهرباء في المصانع بنسبة 10%، وازداد استهلاكها في البيوت بنسبة 10%، ويقول الحلوة إنه طلب من بعض الشركات استقطاع ساعة من عملها اليومي خلال الصيف.
ويورد التقرير أن محسن خان قال لـ”رويترز” إن هذه السياسة ساعدت على إرضاء الناس الذي خرجوا للشارع في 2011، وكان أحد الأسباب هو أزمة الطاقة، ولكن لا يمكن الاستمرار في هذه السياسة على المدى البعيد.
وقال خان: “يمكن فهم هذه السياسة من وجهة النظر السياسية، ولكن انقطاع التيار للمصانع أدى إلى مشكلة خطيرة، وعدم إمداد الغاز للمصانع يحد من معدل نمو الاقتصاد المحتمل، ليس اليوم فقط ولكن في المستقبل أيضًا”.
الحرية في إنتاج الغاز – ما هو الثمن؟
تنوه عقاد إلى أنه حتى يتم إنتاج الغاز في مصر ستبقى تستورد الغاز الطبيعي المسال، الذي يقول الحلوة إنه يكلف البلاد حوالي ثلث ميزانيتها كل ثلاثة إلى أربعة أشهر.
وبحسب التقرير، فإن بعض المحللين يقولون إنه يمكن لمصر أن تصدر الغاز ثانية بعد اكتشاف حقل الظهر، مشيرين إلى أن احتمال اكتفاء مصر الذاتي من الغاز جعل وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال ستينتز يسمي الاكتشاف إنذار إيقاظ من النوم لإسرائيل، التي تباطأت في السماح للشركات باستخراج الغاز من أكبر حقولها (ليفياثان).
ويقول ستينتز: “اكتشاف حقل غاز عملاق في مصر ذكرى مؤلمة بأن إسرائيل تمشي بخطى بطيئة للموافقة النهائية على خارطة طريق لاستخراج الغاز، وتعطل اكتشافات جديدة، والعالم يتغير أمام عيوننا، بما في ذلك التأثير على خيارات التصدير”.
ويورد الموقع أن مدير إيغاز خالد عبد البديع يقول إن الغاز المستخرج من حقل الظهر سيكون للسوق المحلية، ويضيف عبد البديع لبلومبيرغ: “الأولوية لحاجات مصر الداخلية، ويأتي التصدير لاحقًا اعتمادًا على الاكتشافات، ولكن الغاز كله من هذا الحقل سيخصص للسوق المحلية، ووافقت (إي إن آي) على ذلك”.
وتنقل الكاتبة عن وزير النفط المصري شريف إسماعيل قوله إن اكتشاف الغاز في حقل الظهر لن يؤثر على عقود استيراد الغاز الإسرائيلي والقبرصي.
ويبين التقرير أنه حتى مع احتمال اكتفاء مصر ذاتيًا من الغاز، يتساءل مينيو- باليولو وعزام عن الثمن الذي كلفته الصفة مع “إي إن آي” للشعب المصري، ويقول مينيو- باليولو: “على المدى الطويل، هذا يعني تسليم موارد مصر إلى شركة أجنبية بشروط لم تتم مناقشتها شعبيًا، وبذلك يكون المواطن المصري قد خسر لصالح النظام وللأجنبي”.
ويقول عزام حتى عندما كان السعر 2.65 دولار للوحدة، فإن مصر تورطت بديون بالمليارات للشركات الأجنبية، وكان ذلك عندما كان الاقتصاد المصري أقوى مما هو عليه الآن، ويتساءل: “فماذا سيحصل عند شرائه بـ5.88 دولار للوحدة، خاصة في ظروف اقتصادية هشة؟”.
ويختم “ميدل إيست آي” تقريره بالإشارة إلى أن عزام يقول: “من الذي يحتفل؟ إنها إي إن آي، والسيسي يحتفل محليًا، نعم إنه اكتشاف ضخم، ولا أحد يشكك في ذلك، وهو جيد جدًا بالنسبة لـ “إي إن آي”، ولكنها صفقة سيئة جدًا للاقتصاد المصري”.
المصدر: ميدل إيست آي – ترجمة: عربي 21