افترض بأنك كنت تقود سيارتك على جرف جبلي لا يتسع سوى لسيارة واحدة، وفاجأتك شاحنة قادمة في الاتجاه المعاكس لك، كيف يمكن أن تتصرف في هذه الحالة؟ قد يكون الموقف محرجًا بالنسبة للسائق البشري، وقد يكون خطيرًا أيضًا، ولكنه بالتأكيد ليس مستحيلًا، ولكن من جهة ثانية كيف سيكون الموقف ذاته إذا ما تعرضت له سيارة غوغل الذاتية القيادة؟ فكيف سنقول للسيارة أن تحشر نفسها لتتسع في حيز صغير بين الصخور مثلًا؟ وهل يمكن لأجهزة الاستشعار أن تسمح بتأدية مثل هذه المناورة الخطيرة أصلًا؟
قد يكون هذا مثالًا خياليًا، ولكن أحد السيناريوهات التي يمكن أن تواجه أي شخص في أي يوم هي أن تقف وجهًا لوجه أمام سيارة في حي ضيق مكتظ بالسيارات ويكون كلاكما يحتفظ بطابور من السيارات خلفه، وفي مثل هذه الحالة، يمكن اعتبار بأن سيارة غوغل قد قضي أمرها.
هنا سيكون على ركاب السيارة الذاتية القيادة الترجل منها وهو يرسم ابتسامة خجولة على وجهه ليطلب من سائقي السيارات التقليدية مساعدته في الخروج من هذا المأزق، وأن يقوموا بإفساح الطريق له حتى لا تختلط الأمور على سيارته ذاتية القيادة، وهذا ليس ما يجب أن تكون عليه القيادة الذاتية.
في عالم المستقبل المثالي حيث تكون كل السيارات ذاتية القيادة، قد لا يكون من المحتمل أن ينشأ مثل هذا الموقف بالأصل، حيث ستتحدث السيارات مع بعضها البعض وتكوّن “نظرة شاملة” عن حركة المرور في كل مكان، وتقرر على أساسها الوقت والكيفية التي يمكن لها أن تسير بها حول العالم، ولكن ما المدى الذي يمكن لنا فيه أن نكون متسامحين وصبورين خلال عملية التغيير هذه، هذا ليس واضحًا حتى الآن.
في مقال بعنوان “سيارات جوجل ذاتية القيادة قد لا تتحقق على أرض الواقع”، يصف لي غوميز بعض العقبات التي قد تقف بيننا وبين حلمنا بامتلاك السيارات ذاتية التحكم، حيث أشار أنه قبل أن تتحقق رؤية الشركة بأن تصبح السيارات ذاتية القيادة في كل مكان، يجب أن يتم إجراء مسح رسومي لجميع الطرقات العامة، بالإضافة إلى الممرات، والطرق الوعرة والمسارات، وكل مكان يمكن أن تسير السيارة عليه، فسيارة جوجل قد لا تكون دائمًا قادرة على التعامل مع الطرقات المقطوعة جراء أعمال البناء، كما ويمكن أن تصاب كاميرات الفيديو الخاصة بها في بعض الأحيان بالعمى نتيجة سقوط أشعة الشمس مباشرة عليها عند محاولتها لاكشاف لون إشارة المرور، وينهي جوميز مقالته بالقول بأن سيارة جوجل ستكون في يوم من الأيام معروضة في متحف المستقبل ليس إلّا.
حتى وإن لم تتحقق نبؤة سيرجي برين القائلة بأن السيارات ذاتية القيادة ستتحول إلى واقع حقيقي بحلول عام 2017، إلّا أنها كانت تجربة ممتازة لاختبار قدرات الشركة في مجال العلاقات العامة، حيث يبدو بأن سيارة جوجل المفترضة كانت منسجمة مع إنجازات الشركة التي حققتها في مجال تعلم الآلات، كما وكانت تبرز قدرة السيارة المميزة على رسم الخرائط المحوسبة، وهذا يعطي انطباعًا بأن فكرة جوجل هي من الناحية الفنية السبيل الوحيد لرفاهيتك.
من جهة ثانية، قامت هذه التجربة أيضًا بالتحقق من قيمة الحلول الجزئية الهادفة لاستخدام مساعدة القيادة المحوسبة، حيث إن هذه الفكرة دفعت العديد من الشركات لتصنيع سيارات شبه مستقلة، تقوم بأداء مهام السلامة والراحة تحت سيطرة سائق يجلس خلف عجلة القيادة، وهذا ليس مستقبلًا بعيد المنال، ويمكن لأي شخص أن يقوم بشراء هذه السيارات اليوم، والعملية لا تتطلب أي سحر أو علم، أو أي تغييرات في البنية التحتية، بل مجرد تكنولوجيا تطبيقية تدخل إلى السوق ليتم فرزها.
أحدث السيارات الراقية توفر حاليًا ميزة التعرف على إشارة المرور وتبلغ السائقين عما يجب عليهم القيام به لاجتياز حركة المرور بشكل سليم، فيما تقوم سيارات أخرى بتحذير السائق عن تخطيه للخطوط البيضاء المتقطعة بين المسارب من خلال ارتجاج عجلة القيادة إذا ما ابتعد السائق كثيرًا عن مسربه.
في النهاية يمكن القول بأن شركة جوجل قد أحسنت صنعًا، حيث إن جميع الشركات المصنعة للسيارات أصبحت الآن عازمة على تطوير سياراتها بشكل تمتلك معه ميزات اكتفاء ذاتي مع نوع من القيادة الذاتية.