نشرت صحيفة “دير شبيغل” الألمانية، تقريرًا تعرضت فيه إلى مسألة الإخفاء القسري لنشطاء الثورة المصرية من الإسلاميين واليساريين، والسياسات القمعية التي تعتمدها قوات الشرطة المصرية، لإسكات كل صوت معارض لنظام عبدالفتاح السيسي.
وقالت الصحيفة في تقريرها، إن الأجهزة الأمنية المصرية قامت باختطاف عدد من الناشطين الشباب في البلاد، منهم إسلاميون ويساريون، وحرمتهم من حقهم في المحاكمة العادلة، مثلما هو حال إسراء الطويل، الفتاة ذات الـ22 عامًا، التي وقعت في قبضة الشرطة، واختفت منذ ثلاثة أشهر.
وأكدت أن الحكومة، وبعد مرور أربع سنوات على الثورة، كثفت من حملاتها على الصحفيين المستقلين والمعارضين من كل التيارات، “كأنها تنظم حملة انتقام من كل من آمن بالديمقراطية، وثار على نظام الديكتاتور السابق حسني مبارك”، وهي توفر الغطاء القانوني لهذه الممارسات؛ من خلال سن قوانين تحد من حرية الصحافة وحرية التعبير، تحت ذريعة محاربة الإرهاب.
وأضافت أن الشباب يتم اختطافهم في الشارع، والعمل، والمنزل، ثم يتم استنطاقهم دون الحصول على مذكرة توقيف، أو ضمان الحق في توكيل محام، في ظل تعتيم تام على مكان تواجد المحتجز.
وأشارت الصحيفة إلى أن أسلوب الإخفاء القسري؛ لم يكن منتشرًا في عهد المخلوع حسني مبارك، ولكنه أصبح ممارسة يومية وممنهجة لدى قوات الأمن في عهد السيسي، وخاصة بعد ترؤس مجدي عبدالغفار لوزارة الداخلية، التي تستهدف نشطاء وأنصار تيار الإخوان المسلمين بشكل خاص، بعد أن تم تصنيفهم من قِبل النظام كمنظمة إرهابية بعد الانقلاب العسكري بفترة قصيرة؛ ليصل عدد المخطوفين في مصر اليوم – بحسب ناشطين في مجال حقوق الإنسان – إلى 800 شاب وفتاة.
ونقلت “دير شبيغل” عن دعاء الطويل قولها إن أختها إسراء التي أصيبت بشلل جزئي في ساقيها عقب تعرضها لطلق ناري من قِبل قوات الأمن خلال مظاهرة، قد اختفت لمدة أسبوعين هي واثنان من أصدقائها، إثر خروجهم من أحد المطاعم، وذلك بعد أن قامت مجموعة من أفراد الشرطة باللباس المدني باختطافهم، إلى أن تم اكتشاف مكانها بالصدفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن إسراء تواجه مجموعة من التهم الجاهزة، مثل الانضمام إلى “تنظيم الإخوان المسلمين”، ونشر تقارير خاطئة، وتسريب معلومات لأطراف أجنبية.
ونقلت عن محاميها، حليم حنيش، قوله إن “هذه التهم هي موضة هذه الأيام كلما أراد النظام التخلص من أي صوت معارض”، وأضاف أن “ما تقوم به السلطات تكتيك غادر، يسمح لها بإخفاء الناس عن أعين القانون، باعتبار أنه نظريًا لا يمكن استجواب أي معتقل دون حضور محاميه، ويجب عرضه على المدعي العام في غضون 24 ساعة، وإطلاق سراحه إذا ما ثبتت براءته، ولكن الحكومة لا تتكلف عناء تعديل القوانين، فهي تخرقها بكل بساطة”.
وقالت الصحيفة إن “المختفين” يعلقون في دوامة قانونية، حيث يتم نقلهم إلى بناية تابعة لجهاز أمن الدولة، حيث يتم “اقتلاع الاعترافات منهم بالقوة، وأحيانًا عن طريق التعذيب”، ثم يتم تحضير لائحة بالتهم الموجهة.
ونقلت عن محامي الطويل أنه قد تم استنطاق الفتاة لمدة 18 ساعة بدون وجود محام، في حين أنها وقعت على ورقة تثبت أن عملية استنطاقها لم تتجاوز الدقائق، وأنها تمت في حضور محام.
وأفادت الصحيفة بأن آلاف المنتمين إلى تيار الإخوان المسلمين – الذي تمكن من الفوز بالانتخابات الأولى بعد الثورة، باعتباره التيار السياسي الأكثر تنظيمًا في البلاد – قد تم الحكم عليهم بالإعدام، وأن كل منتم للإخوان هو الآن في السجن، أو في المخبأ، أو قد غادر البلاد.
وأضافت أن “الشباب المتدين في مصر بدأ ينحدر نحو التطرف، منذ الهجمة الشرسة على الإخوان المسلمين وتصنيفهم كمنظمة إرهابية، ولأن السلطات مصممة على استهداف كل من له آراء مختلفة، حتى لو لم تكن له نية في اللجوء إلى العنف”.
وقالت إن ما تعرض له أحمد الدغوي مشابه لما تعرضت له إسراء الطويل، حيث نجحت السلطات في اختطافه في 16 يوليو الماضي، بعد سنتين من الهرب والاختفاء، بعد أن ذهب ليلاقي أحد الأصحاب، ولم يعد من وقتها.
ونقلت الصحيفة عن والدة أحمد، قولها إنها لم تتوصل لمعرفة مكان ابنها إلى الآن، كما أنه لم يتم توجيه أي تهمة له، الأمر الذي جعلها تخشى أن يتم اتهامه بارتكاب عمل إرهابي، أو أن يكون في عداد الموتى.
وأشارت “دير شبيغل” إلى أن رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي؛ قام بإصدار مراسيم بهدف تعديل الدستور، بطريقة تمكن السلطات من عرض المدنيين على المحاكم العسكرية، حيث تنتفي كافة حقوقهم، وذلك في القضايا المتعلقة بالإرهاب، في حين أن السلطات بإمكانها توجيه تهمة القيام بعمل إرهابي لكل شخص، حتى لو كانت التهمة الأصلية تخريب ممتلكات عامة.
وأكدت أن قوات الأمن المصرية تقوم بتعذيب المعتقلين إثر اختطافهم، مثلما هو الحال بالنسبة للصحفي صهيب سعد، الذي تم اختطافه من قِبل الشرطة واختفى لمدة 15 يومًا، ليظهر بعد ذلك وآثار التعذيب بالكهرباء ومخلفات الانتهاكات الجسدية بادية عليه، وقد قام بالاعتراف تحت التعذيب بأنه قد تلقى أموالاً وقام بشراء أسلحة.
وفي الختام؛ اعتبرت الصحيفة أن ميدان التحرير الذي يرفرف فيه علم مصر عاليًا، تحول إلى منارة للديمقراطية إثر ثورة 25 يناير، ولكنه أصبح اليوم رمزًا لعودة النظام الاستبدادي إلى السلطة.
المصدر: عربي 21