اقتحمت قوات الاحتلال وعدد من المستوطنين يتقدمهم وزير إسرائيلي المسجد الأقصى، صباح اليوم، وأخلت قوات الاحتلال باحات المسجد الأقصى بالكامل من المصلين وقامت بإغلاقه، وكانت القوات قد استخدمت القوة في إخلائها للأقصى ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المصلين بينهم طفل أصيب بعيار مطاطي، بالإضافة إلى عشرات من حالات الاختناق جزاء إطلاق غازات مسلية للدموع.
جاء هذا بعد إقدام نحو مئتي جندي وشرطي من القوات الخاصة باقتحام المسجد بالقوة، وقامت أيضًا بإخلائه من الحراس وأبعدتهم إلى باب السلسلة، وكذلك قامت القوات أثناء عمليات الإخلاء بالاعتداء على مدير المسجد عمر الكسواني، كما منعت الطلبة بمدارس المسجد الأقصى من الدخول، ما مهد الطريق لنحو 30 من المستوطنين ليقتحموا باحات المسجد بعدها بسهولة برفقة رسمية من وزير الزراعة أودري أرئيل.
أدى اقتحام المستوطنين بعد تيسيير من أجهزة الاحتلال الأمنية إلى اندلاع مواجهات بين المصلين الذين تمكنوا من الاعتكاف داخل المسجد القبلي أمس السبت من جهة، وبين قوات الاحتلال من جهة أخرى، وبلغت أعداد الجهة الأولى ما بين 150:300 معتكف مقابل مايزيد عن 230 من قوات الاحتلال والمستوطنين، فيما قام جنود الاحتلال بتكسير بعض شبابيك المصلى القلبي، كما أطلقوا قنابل الغاز السامة والصوتية داخله.
هذا وقد نشب حريق في المنطقة الجنوبية للمسجد بعد إطلاق قوات الاحتلال قنابل صوتية حارقة داخله، من جانبهم هب حراس المسجد لإخماد النيران، فيما أصيب أحدهم برصاص مطاطي بعد قنصه من قوات الاحتلال، وسادت بذلك حالة من التوتر الشديد في محيط الأقصى وخاصة بمحازاة باب حطة أحد أبواب الأقصى، مع إطلاق قوات الاحتلال للقنابل الصوتية والرصاص المطاطي بشكل متزايد تجاه المواطنين، ومحاصرتها لهم، فيما جددت القوات اقتحام المسجد الأقصى مرة أخرى بعد ساعات من الاقتحام الأول، ما أوقع نحو 20 مصابًا فلسطينيًا.
يتزامن الاقتحام مع بدء الاحتفال بالأعياد اليهودية، إذ يصادف اليوم رأس السنة العبرية، وكانت سلطات الاحتلال قد أخذت بعض الإجراءات الأمنية المشددة مؤخرًا بسبب هذه المناسبة، فقد فرضت حصار على الضفة الغربية منذ أمس السبت ومن المتوقع أن يمتد حتى الثلاثاء من نفس الأسبوع، كما دفعت بالعديد من التعزيزات إلى البلدة القديمة ومحيط الحرم الشريف.
وفي هذا السياق، أدانت الحركات الفلسطينية المختلفة الاقتحام، بينما خرج المئات في مسيرة منددة بقطاع غزة نظمتها الكتلة الإسلامية، ورددوا شعارات تستهجن صمت جامعة الدول العربية، كما حملوا لافتات كتب عليها “لبيك يا أقصى”، و”الأقصى في خطر”، ووجه القيادي في الحركة مشير المصري كلمة لجموع المشاركين في المسيرة تضمنت الحديث عن خطة الاحتلال الممنهجة للوصول للتقسيم الزمني والمكاني للأقصى، وأكد أن والتحول الصهيوني تجاه المسجد الأقصى أصبح خطيرًا، مطالبًا السلطة الفلسطينية بدعم الأقصى، ووقف التنسيق الأمني والملاحقة الأمنية للمقاومة في الضفة الغربية.
من جانبها، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية حماس أن الاقتحام الذي تزعمه وزير الزراعة الإسرائيلي أوري أريئيل جريمة حرب وتصعيد خطير، وأكدت الحركة على لسان عزت الرشق، عضو المكتب السياسي في الحركة أن الاقتحام يهدف إلى تكريس مخطط العدو بتقسيمه، وتابع الرجل في تغريدات له على مواقع التواصل الاجتماعي أن: “الاقتحام جريمة تجاوزت كل الخطوط، ولن نسمح بتقسيم الأقصى مهما كلف الأمر”، مشيدًا بصمود ودفاع المرابطين والمرابطات عن المسجد الأقصى أمام الهجمة الصهيونية الشرسة وقطعان المستوطنين، حسب وصفه، فيما انتقد موقف السلطة الوطنية الفلسطينية مؤكدًا أنه غير متناسب مع فظاعة الجريمة، كما دعا إلى تكثيف الرباط وشد الرحال لحماية الأقصى، وطالب كافة الدول بضرورة التحرك بقوة لمنع الاحتلال الصهيوني من الاستفراد بالأقصى تدنيسًا وتقسيمًا.
وعلى صعيدٍ آخر، حذر نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني في غزة، أحمد بحر الحكومة الإسرائيلية من تداعيات مخططاتها العدوانية وسياساتها الإرهابية بحق الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، ودعا الرجل خلال كلمته بجلسة عقدها نواب حركة حماس في مدينة غزة إلى النفير العام لإحباط ومواجهة هجمات الاحتلال ولإنقاذ المسجد الأقصى، وطالب أيضًا الدول العربية والإسلامية باتخاذ موقف شجاع تجاه تلك الاعتداءات.
وعن السلطة الوطنية الفلسطينية فلم ترك الحدث يمر دون إصدار بيان تنديدي هي الأخرى، قالت خلاله أن القدس الشرقية والمقدسات الإسلامية والمسيحية خط أحمر، لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الاعتداءات على مقدساتنا، ودعا الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة العالم العربي والإسلامي للتحرك والضغط على إسرائيل لوقف محاولاتها المستمرة لتهويد الأقصى.
وأصدرت كذلك وزارة الخارجية الفلسطينية بيانًا نددت فيه بتصريحات وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان، الذي اعتبر فيها اقتحامات المسجد الأقصى وباحاته أمرًا طبيعيًا في إطار حرية صعود اليهود إلى باحات الحرم.
أما رئيس القائمة العربية المشتركة في الكنيست الإسرائيلي أيمن عودة حذر من سعي إسرائيل إلى جر المنطقة لما أسماه حربًا دينية وموجات عنف خطيرة للغاية، بسبب ممارساتها في الاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
الحكومة الأردنية أصدرت بيانًا دعت خلاله السلطات الإسرائيلية إلى التوقف عن استفزازاتها، مطالبةً إياها بمنع الاعتداءات على الأماكن المقدسة، وحذرت من محاولات استمرار تغيير الأمر الواقع من قبل إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، واعتبرته مخالفًا للقانون الدولي والإنساني، وأكد محمد المومني، وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة على ضرورة الحفاظ على الأمكان المقدسة وعدم المساس بها، واحترام الدور الأردني في رعاية المقدسات.
وزارة الخارجية المصرية أصدرت هي الأخرى بيانًا نددت خلاله بعملية الاقتحام، وحذرت إسرائيل من الاستمرار في سياسة انتهاك المقدسات الدينية، وأكد البيان أن تلك الانتهاكات تؤجج مشاعر الغضب والحمية الدينية، وقالت الخارجية المصرية أن الاعتداءات تلك من شأنها أن تقوض الجهود التي تستهدف استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وطالبت بضرورة تجنب سياسة حافة الهاوية وتجاوز الخطط الحمراء الخاصة باحترام المقدسات.
يشار إلى أن إسرائيل التي تسعى بشتى الطرق محاولةً تقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا بين المسلمين واليهود، فيما يرفض ذلك الفلسطينيون خاصةً والمسلون بشكل عام، وهو ما يرجع إليه البعض السبب وراء تلك الاعتداءات المستمرة من قبل الكيان الصهيوني على المسجد الأقصى بصفة دورية.