“مشروع العصر” كما أسماه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أو “مرمراي” كما تمت تسميته رسميا في تركيا، ومشروع أول نفق يربط بين القارتين الأوروبية والآسيوية، وبين ضفتي مدينة اسطنبول التين يفصل بينهما سابقا مضيق البوسفور، ويربط بينهما حاضرا نفق مرمراي، شغل في ال48 ساعة الماضية معظم صفحات الصحف التركية والعربية والعالمية، وكذلك وسائل الإعلام المحلية والدولية.
قناة (ABC) الأميركية أشارت إلى الخطاب الذي ألقاه أردوغان أثناء افتتاح المشروع، والذي قال فيه أن هذا المشروع يأتي “ضمن سلسلة مشاريع ضخمة قادمة”، حيث ركزت القناة على البعد التاريخي للمشروع، وعلى الفكرة الأولى التي بادر إليها السلطان عبد المجيد عندما بحث قبل مئات السنين فكرة الربط بين ضفتي مدينة إسطنبول مع المعماريين العثمانيين آن ذاك.
أما صحيفة “وول ستريت جورنال” فأوردت خبر المشروع مرتين، الأولى كانت في عدد الأمس تحت عنوان ” افتتاح أخفض نفق للسكك الحديدية في العالم”، والثانية اليوم تحت عنوان “نفق جديد للسكك الحديدية يربط آسيا بأوروبا”، مشيرة إلى أنَّ المشروع كان يمثل حلماً عثمانياً، وإلى أنه يأتي الآن “ليختصر حكاية مسيرة اقتصاد تركي ناجح”، مشيرة أيضا للمشاريع التركية الضخمة الأخرى كالمطار الثالث والجسر الثالث في مدينة إسطنبول.
موقع “هوفينغ تون بوست” وهو من أشهر الصحف الإلكترونية الأميركية، انفرد بالحديث عن الجانب الأمني للمشروع، بالإشارة إلى أنَّ منطقة إسطنبول تعد منطقة نشطة للزلازل وإلى أن النفق صمم بشكل خاص للتأقلم مع هذه الطبيعة، حيث نقلت الصحيفة تصريحات وزير المواصلات والنقل البحري التركي “بن علي يلدرم” حول المشروع وتصميمه المقاوم للزلازل حتى قوة 9 درجات على مقياس ريختر.
وبعيدا عن أمريكا، وفي الجانب الآخر من العالم، وفي الصين تحديداً، أوردت وكالة أنباء الصين الرسمية “شين هوا” الخبر تحت عنوان: “افتتاح مشروع السكك الحديدية الذي يربط آسيا بأوروبا تحت البحر”، مشيرة إلى أنَّ هذا المشروع يعد حلقة في سكة حديد طويلة تربط لندن ببكين من دون توقف، مذكرة بأنَّ عام 1860 شهد الفكرة الأولى لمشروع وصل ضفتي مدينة إسطنبول عن طريق قاع البحر، كما أوردت تصريحات لوزير المواصلات التركي يلدرم للصحفيين، قال فيها “أنَّ المشروع ليس مشروع مواصلات فحسب”، وأنه “لا يهدف فقط لتخفيف الازدحام المروري في مدينة إسطنبول، بل هو حلقة جديدة في طريق الحرير الذي تلتقي حوله الحضارات”.
وفي سفارات تركيا حول العالم، ألقى مشروع مرمراي، هذا العام، ببهجته على حفلات الاستقبال التي تحييها السفارات والقنصليات التركية في الخارج بمناسبة الذكرى التسعون لتأسيس الجمهورية التركية، حيث أكد السفير التركي في روما، “حقي عقيل”، أنَّ مشروع مرمراي يعكس التقدم الذي وصلت إليه تركيا، كما تلقى التهاني والتقديرات من ممثلي الدول الأخرى على نجاح المشروع.
ومن جهتها أبرزت الصحف العربية في تغطيتها لافتتاح النفق، البعدين التاريخي والجغرافي لافتتاحه، في حين أبرزت صحف أخرى في عناوينها التزامن بين افتتاح النفق والاحتفال بالعيد التسعين لإعلان الجمهورية التركية، كما قامت صحيفة “النهار” اللبنانية بنشر تصريحات لأردوغان في آب/ أغسطس الماضي، بينما كان خلف مقود القطار الذي قام بأولى التجارب في النفق تحت بحر مرمرة، قال فيها إن “هذا المشروع حلمٌ عمره 150 سنة… أجدادنا فكروا فيه ونحن نفذناه”.
وأبرزت الصحيفة بلغة الأرقام فوائد شتى للمشروع، خلال تنفيذه، وبعد افتتاحه، ومن بينها أنه “من المتوقع أن يوفر المشروع نحو 25 مليون ساعة في حركة المرور سنوياً، وذلك بعد استكمال ملحقاته، أي مع حلول عام 2015، فيما سيوفر نحو 36 مليون ساعة سنويا، لدى عمل المشروع بالطاقة القصوى”، وبينت الصحيفة أيضا، أنه من الفوائد التي تحققت خلال تنفيذ المشروع أنه “جرى استخراج أكثر من 35 ألف قطعة أثرية، فضلاً عن 13 سفينة غارقة، في إطار عمليات التنقيب الأثرية، على هامش المشروع”، كما تم “العثور على هيكل عظمي لإنسان، يعود لـ 8 آلاف و500 عام، وآثار أقدامه”.
صحيفة “الحياة” السعودية ، جاء عنوانها: “هدية أردوغان لأتاتورك في العيد الـ90 للجمهورية: محجبات في البرلمان… وربط اسطنبول بالأناضول!”، مشيرة إلى أن الجمهورية التركية، في الذكرى التسعين لتأسيسها، وجدت أبناءها منقسمين على أسلوب الاحتفال بعيدها والتعبير عن فرحهم وآمالهم لمستقبلها، بين مَن يجهد لحفظ ما تبقّى من الميراث العلماني لمصطفى كمال أتاتورك، والحكومة التي طغى على برنامجها الاحتفال بافتتاح نفق مرمراي الذي يربط الضفتين الآسيوية والأوروبية لاسطنبول، ومفاجأة نائبات من الحزب الحاكم أعلنّ نيتهن ارتداء الحجاب في البرلمان.
ويذكر أن رئيس الوزراء الياباني شيزو آبي، حضر حفل الافتتاح، وتوجه أردوغان له بالشكر قائلا: “أشكر رئيس الوزراء الياباني على حضور حفل افتتاح مشروع مرمراي، تناولت معه العلاقات الثنائية والتطورات خلال الأشهر الست الماضية، اتفقنا على تطوير العلاقات وتحويلها إلى شراكة إستراتيجية، طلبنا منهم الدعم بشأن تحقيق أهدافنا لعامي 2015-2016، وطلبت منه شخصيا تقديم الدعم بشأن معرض اكسبو2020 بمدينة إزمير، عقدنا لقاءات مشتركة حضرها رجال وسيدات أعمال من البلدين، تباحثنا حول الإجراءات التي يجب على البلدين اتخاذها في سبيل تقوية وتعزيز العلاقات الثنائية”.