بعد أسبوعين من المفاوضات بين وزارة الأوقاف الكويتية ووزارتي الحج والخارجية السعوديتين، بات مؤكدًا عدم قدرة 1250 حاجًّا كويتيًا “بدون” من أداء مناسك الحج لهذا العام، بعد أن تمسكت المملكه بعدم استقبال أي جواز سفر مؤقت صادر للبدون.
من جانبه، أكد مصدر مطلع أنه بعد جهود مضنية ومتابعة خلال الأسبوعين الماضيين وتدخل على أرفع المستويات في التفاوض بين الجانبين الكويتي والسعودي لتسوية تأشيرات الحجاج البدون، جاء الرد الحاسم من قِبل سلطات المملكة بعدم استقبالها أي جوازات مؤقتة، وخاصهً لغير محددي الجنسية، وهي “الجوازات مادة 17″، حسب صحيفة الرأي الكويتية.
وشدد المصدر على أنه، ونتيجه لذلك، فلن يتمكن أي من الحجاج البدون الذين يطمحون إلى الحج هذا العام من الحصول على تأشيرات لدخول المملكة لأداء المناسك، موضحًا أن تطوير النظام الآلي لوزارة الخارجية السعودية الخاص بإصدار التأشيرات (المسار الإلكتروني)، في ظل المخاطر المحيطة بالمنطقه، دفعها إلى منع استقبال سفاراتها أي جوازات سفر مؤقتة.
استنكار النشطاء
على إثر ذلك دشن الناشطون هاشتاج #البدون_لن_يحجوا_هذا_العام، #البدون_لايحجون، والذي استنكروا فيه وبشدة الإجراءات التي حالت بين ذهاب فئة البدون للحج.
النائب السابق في مجلس الأمة الكويتي، وليد الطبطبائي، ناشد السلطات السعودية بالسماح لفئة البدون بالحج، بالقول:
نناشد سلطات #السعودية السماح للاخوة البدون الذين يتشوقون للحج إنهاء مشكلة تأشيراتهم حتى لاتحرم هذه الفئة العزيزة من الحج#البدون_لايحجون
— وليد الطبطبائي (@Altabtabie) September 15, 2015
ويصف بدر الشمري ما حدث بـالظلم، فكيف يُمنع إنسان من ممارسة شعائرة الدينية بسبب عدم حصوله على جنسية:
ان يُحرم المسلم من فريضة فرضها الله سبحانه عليه وكل ذلك بسبب انه "بدون" جنسية !
اي ظلم هذا #البدون_لن_يحجوا_هذا_العام#البدون_لايحجون
— بـدر الشـمري. (@ALe3llamy) September 16, 2015
“كل مسلم له حق في الحج”، قال المغرد عارف، مضيفًا:
الاسلام لم يوصي على جنسيه او على فئه محدده او على قبيله او على ابيض او اسود ولا على غني او فقير ،،
كل مسلم له حق بالحج
— عارف مطشر اباذراع (@Arif_Mutashar) September 15, 2015
واستنكر جميل العتيبي بقولة “عيب يا خليج”، مضيفًا:
في حين علقت هند السعدون بالقول:
حرموهم من حق التعليم، الزواج، وحتى من حق الموت فأين الغرابة إن منعوهم من الحج ؟!
الظلم ظلمات يوم القيامة#البدون_لن_يحجوا_هذا_العام
— Hend F. Al Sadoun (@hendalsadoun) September 16, 2015
وروي الصحفي أحمد سالم، قصص معاناة سيدة عجوز تبخر حلمها بالحج:
سيدة عجوز منذ سنوات تعد العدة لـ #الحج واليوم ذهب حلمها أدراج الرياج بمغادرة الرحلة دونها لعدم استخراج “الفيزا“.#البدون_لن_يحجوا_هذا_العام
— أحمد سالم (@AhmedBinsalem) September 16, 2015
المغرد الساخر شعبوي، قال متهكمًا:
أشواق الحمد سردت بعضًا من معاناة البدون، وتعحبت بالقول: أي استعباد يعاني منه البدون:
رئيس منظمة الكويت ووتش للحقوق، نواف الهندل، قال:
بعد التعليم
وشهادات الميلاد والوفاة
والزواج والعمل
ورخص القيادة
يحرمونهم الان من عبادة ربهم
— nawaf alhendal (@nowaf_alhendal) September 16, 2015
من هم البدون؟
“البدون” أو غير محددي الجنسية أو المقيم بصورة غير شرعية، هم فئة سكانية تعيش في الكويت ولا تمتلك الجنسية الكويتية، حيث تُدرج أسماؤهم في الوثائق الرسمية من “غير كويتي”، إلى “بدون جنسية”، ثم “مقيم بصورة غير قانونية”، فبحسب التقرير الحكومي الكويتي، فإن البدون المقيمين بصورة غير قانونية بلغوا بين 111 ألفًا وثلاثمائة ألف، مقسمين إلى مجموعات؛ منهم من يمكن النظر في تجنيسهم، وآخرون يقترح منحهم إقامة قانونية في البلاد.
وفي تصريح لـ “الجزيرة نت” أكد مدير العلاقات العامة والمتابعة في حملة كتاتيب البدون أن كل البدون محرمين من حقوق كثيرة وعلى رأسها حق المواطنة وحق السكن والتملك، فضلاً عن صعوبات التوظيف، ويقدر أن عدد المحرومين من الهويات الصالحة يبلغ حوالي خمسين ألف شخص.
السلطات الكويتية بدلاً من أن تقوم بحل لإنهاء أزمة البدون قامت في السنتين الأخيرتين بسحب العديد من جنسيات النشطاء والدعاة، حيث قامت بسحب الجنسية الكويتية من الشيخ نبيل العوضي رئيس رابطة دعاة الكويت و9 أشخاص آخرين، كما وافق مجلس الوزراء الكويتي في العالم المنصرم على مشروع مرسوم يسحب الجنسية الكويتية من أحمد جبر الشمري، صاحب قناة اليوم الفضائية وصحيفة عالم اليوم، وممن يكون قد كسبها معه بالتبعية، وقرار بسحب الجنسية الكويتية أيضًا من كل من سعد حشر عايد البرغش وعبد الله حشر عايد البرغش وناصر حشر عايد البرغش ونورة حشر عايد البرغش، وذلك بموجب المادة 21 مكرر أ من قانون الجنسية الكويتية رقم 15 لسنة 1959.
كما قامت السلطات بسحب الجنسية من الإعلامي سعد العجمي، الذي كان يدير مكتب فضائية “العربية” في الكويت والناشط في حركة “حشد” المعارضة في الكويت، وإبعادة إلى السعودية.
حراك البدون
شهد الشارع الكويتي حراك شعبي من قِبل “البدون” المطالبين بحقوقهم، ربما كان أبرزها ما عُرف بـ “أحداث جمعة الغضب” الموافق 18 فبراير 2011، حيث قامت مجموعة من البدون بتظاهرة سلمية وقامت القوات الخاصة بمهاجمتهم بخراطيم المياه والرصاص المطاطي، وفي اليوم التالي اشتعلت الاحتجاجات في كل من مدينة الصليبية حيث تم تطويقها ونشر القوات الخاصة ووقع عدد من المصابين وتم منع العديد منهم من الذهاب إلى المستشفيات، ولا تزال الأصوات مطالبة بتحقيق مطالب البدون ومنها السماح لهم بالزواج، فالحكومة لا تستخرج لهم عقود زواج ولا إثباتات رسمية ولا شهادات ميلاد ولا حتى شهادات وفاة، وفي أكتوبر 2012 في اليوم العالمي لـ “اللاعنف” واجهت قوات الأمن الاحتجاجات بـالقوة والغاز المسيل للدموع.
في العام الماضي 2014 اعتبارًا من شهر نوفمبر عرضت الحكومة الكويتية جزر القمر على البدون كوسيلة لجعل الحوافز مجانية مثل التعليم والرعاية الصحية والحق في العمل المتاح، ولاقى الاقتراح موجة سخرية وتهكم من قِبل النشطاء.
وكانت مظلة العمل الكويتي “معك” قد عبّرت عن قلقها من تصاعد العنف لقضية البدون نتيجة تصاعد استخدام العنف كحل لها والتراخي بل والابتعاد أكثر عن الحلول الإنسانية والحقوقية والسليمة لمعالجتها، كما طالبت بحل جذري للقضية التي استهلكت المجتمع الكويتي سنوات طوال وكلفته الكثير، منتقدة استمرار المحاولات العقيمة والمعالجات الأمنية لقضية إنسانية، ومحذرة من أن ذلك لن يأتي بنتيجة.