آية، طفلة سورية اضطرتها الظروف للنزوح وعائلتها من حماة في ديسمبر 2011 الى الأردن عندما كانت في بدايات الصف الأول لها من المدرسة، آية التي تبلغ اليوم 8 سنوات لا زالت تعاني من نطق الحروف ولا تعرف القراءة ولا الكتابة تعيش منذ تلك اللحظة بعيداً عن التعليم مع والدتها واثنين من اخوتها على المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة، رندة – ام آية – التي كانت تدير محلاَ للتجميل في حماة لأكثر من 20 عاماً والذي استطاعت من خلاله بناء بيت العائلة الذي تم تدميره بالقصف من قبل قوات النظام السوري تشعر بالألم لعدم تلقي آية أياً من اشكال التعليم تقول : ” لطالما كنت أحلم أن يكون أولادي شيئاً ما في المستقبل ، والآن هم في طريقهم الى شيء آخر تماما”.
التعليم هو أحد المشاكل العديدة التي يواجهها اللاجؤون السوريون في المدن الأردنية، بالاضافة الى المشكلة الرئيسة حيث أن معظمهم ليس بامكانهم العمل بشكل قانوني، وان تسنّى لأحدهم العمل فهذا يعني القبول بمقابل أقل مما يحصل عليه الأردني- نظراً لاستغلال ربّ العمل – مع الخوف الدائم بأن تقبض عليهم الشرطة بتهمة العمل دون التصريح والذي من الصعب الحصول عليه في مثل هذه الظروف وارتفاع رسومه.
فضلاً عن الأعباء النفسية المتفاقمة للجوء، فغالباً ما يشعر اللاجؤون بالعزلة او الاستياء من قبل جيرانهم الاردنيين وخاصة اولئك الذي أخذوا برفع اجور البيوت في المناطق التي يطلبها السوريون، فمن أصلا 550 ألف سوري في الأردن 130 الفاً فقط يقيمون في مخيم الزعتري بينما يعيش الباقي في المدن الاردنية بين السكان الذي يشعر بعضهم بأن الاردن لم تعد تحتمل المزيد من اللاجئين بينما يشعر آخرون بما يشعر به اللاجؤون ويشاركونهم التعاطف في قضيتهم.
حكومة الأردن ما زالت تتذمر منذ بداية الأزمة السورية وأعبائها على الأردن رغم تلقيها أكبر قدر من المساعدات الدولية لا زالت هي الأضعف في الأداء تجاه اللاجئين السوريين، فبيئة مخيم الزعتري ليست الا انتقالا من الموت السريع الى الموت الأبطأ في ظل أدنى مقومات الحياة، واولئك الذي نجحوا في الحصول على بيت والاقامة خارج المخيم بين السكان ستقف أمامهم عوائق الحصول على رخصة سيارة أو تصريح عمل أو فتح اسثمار، في الوقت ذاته تقول الحكومة الاردنية أن العالم بحاجة للمساهمة بشكل أكبر، وقال وزير الاعلام محمد المومني :” ان المساعدات الخارجية تغطي 40% من مجموع ما تصرف الاردن على اللاجئين السوريين، نحن نستضيف اللاجئين نيابة عن العالم ولا يمكن على العالم أن يقف ويتفرج “، ويضيف المومني أن السوريين يشكلون عبئاً اقتصادياً بغض النظر عن المكان الذين يعيشون فيه الا أن الحكومة تفضل أن يكونوا في المخيم حيث يسهل التعامل معهم.
وفي ظل التذمر الحكومي المتكرر من عبء اللاجئين السوريين على الاقتصاد الأردني ذكر موقع أردني على أن الوجود السوري الأردني دفع في عجلة الاقتصاد وساهم بتحسنه، وأضاف الموقع :“مصائب قوم عند قوم فوائد، ربما تكون الوصف الأفضل لوضع الأردن الاقتصادي الذي استقبل منذ بداية عام 2012 أكثر من 500 شركة سورية معظمها في قطاع الصناعة، وتضاعفت الاستثمارات السورية المسجلة في وزارة الصناعة والتجارة منذ بداية عام 2013 بنسبة 145 بالمئة عن نفس الفترة عام 2012، ويحتل القطاع الصناعي نحو 44 بالمئة من مجمل الاستثمارات السورية المسجلة، كما شكّلت المصانع المملوكة لمستثمرين سوريين 42 بالمئة من المنشآت الجديدة في المدن الصناعية في الأشهر الستة الأولى من عام 2013.
الخبير الاقتصادي حسني عايش يرى أن السوريين “أوجدوا فرص عمل بالآلاف لم تكن موجودة في الأردن بحكم تنوّع وكبر وضخامة الاقتصاد السوري قياساً إلى الاقتصاد الأردني.” وهذا ما تؤكدّه البيانات الرسمية، إذ توظف الاستثمارات السورية في المدن الصناعية الأردنية مثلاً ما يقارب ٦٠ بالمئة من مجموع العمالة في الاستثمارات الصناعية التي دخلت في النصف الأول من هذا العام.