ترجمة :هيثم فيضي
أظهرت الصور الجوية المأخوذة لقاعدة باسل الأسد الجوية في اللاذقية تحركات على وتيرة سريعة هناك، حيث أظهرت الصور الملتقطة بتاريخ 4 سبتمبر أعمال هندسية كبيرة جارية في المطار، فيما بينت الصور الأخيرة الملتقطة بتاريخ 15 سبتمبر إنجاز العديد من المآزر الخرسانية الكبيرة التي كانت في السابق تحت الإنشاء، وتبع ذلك وصول كمية كبيرة من المعدات العسكرية الروسية أيضًا إلى المطار، وتظهر هذه الصور أيضًا تواجد فرقة روسية بحجم الكتيبة هناك في القاعدة جنبًا إلى جنب مع المدفعية ومروحيات الدعم الهجومية، هذا بالإضافة إلى وجود طائرة نقل روسية كبيرة تظهر واضحة على المدرج والسلالم القريبة منه.
ولعل أبرز ما يمكن ملاحظته وجود أربعة طائرات هليكوبتر عسكرية في المطار، والتي تظهر بالصور الحديثة (15 سبتمبر) وهوما يعني أن هذه الطائرات قد تم تسليمها مؤخرًا عن طريق طائرات النقل الكبيرة الموجودة في المطار كذلك.
ويبدوأن هناك نوعان من الطائرات المروحية في المطار، الأول نوع غزالة (إم آي – 24) وهي من نوع الطائرات هليكوبتر الهجومية وطائرتي هليكوبتر من طراز (إم آي – 17) الخاصة بالتنقل الجوي السريع، بإمكان هذه الطائرات ذات الأجنحة الدوارة توفير دعم جوي محدود لعمليات الهجوم أو الحماية العامة أو حتى في حالات الإنذار المبكر للقوات الروسية الموجودة في المطار.
من جهة أخرى، يمكن استغلال مزية التنقل السريع لهذه الطائرات باستخدامها كمنصة للاتصال في البلاد، حيث بإمكانها تسهيل عملية تنقل الضباط والمستشارين الروس في سوريا بسرعة نسبية، وإن كانت روسيا لا تزال تفكر في نشر طائراتها المقاتلة هناك، فبلا شك فإن هذه الطائرات ستشكل أساس القدرة على البحث والإنقاذ الأولي للطيارين الروس في حال إسقاط أي من هذه الطائرات.
وبنظرة أخرى إلى الصور الجوية، سيظهر أمامنا عنصرًا آخر من عناصر الهجوم الروسية المتمثل في وجود وحدة مشاة ميكانيكية روسية كبيرة على أرض المطار، تظهر الصور العديد من خطوط الضوء والكثير من آثار عجلات ناقلات الجند المدرعة بشكل واضح، بالإضافة إلى وجود 90 دبابة قتالية رئيسية على أرض المطار.
يشير عدد المركبات المتواجدة على أرض المطار إلى وجود فرقتي مشاة ميكانيكية وأخرى مدرعة، يشكل اتحادهما كتيبة قتال أساسية، وعلى الرغم من كبر حجم هذه الكتيبة، إلا أن تمركزها البعيد عن خطوط المواجهة المباشرة وبالقرب من البنى التحتية الرئيسية يشير إلى استخدامها في خطوط الدعم والتخطيط بدلًا من الانتشار التكتيكي المباشر على الخطوط الأولية للمواجهة.
يبدو أن هذه المعدات تم إيصالها إلى هناك عن طريق الجسر الجوي الذي أنشأه الروس في القاعدة الجوية بسبب وزنها القليل نسبيًا مقارنة بغيرها، وخلال الفترة الماضية لوحظ عدد كبير من السفن الروسية تتحرك بين البحر الأسود وموانئ اللاذقية وطرطوس في سوريا ما يعني أنه تم تسليم الكثير من أدوات القتال الثقيلة عن طريق البحر، ويمكن الاستنتاج من التركيز الروسي على قاعدة باسل الأسد في الدعم وجود نية محتملة لإنشاء قاعدة عمليات روسية متقدمة في الفعل على أرض هذا الموقع.
ويظهر بشكل واضح أيضًا من خلال متابعة الصور الجوية انحراف مجموعة من بطاريات مدفعية الميدان عن أرض المدرج، حيث انتشرت في موقف تكتيكي عكس باقي التجهيزات العسكرية الروسية الأخرى، مما يدلل على استخدامها في حماية القاعدة الجوية خلال إنشاء قاعدة العمليات المتقدمة من أي هجوم قد يتعرض له المطار.
بإمكان هذه البطاريات التصدي لهجمات المعارضة – سواء بالمدفعية أو باستخدام الهاون – بحيث تتمكن هذه البطاريات من تدمير أي قوة تهاجم المطار وتلحق خسائر كبيرة فيها، إلا أن خيار الهجوم الأفضل – بالنسبة للمعارضة – يتمثل في السعي لتدمير مدرج المطار نفسه وبالتالي قطع أي عمليات عسكرية جوية تتم عن طريقه.
عبر هذا التقرير، قدم ستراتفور دراسة لحيثيات القوة العسكرية الرئيسية في القاعدة الجوية القريبة من اللاذقية، ولعل روسيا الآن تمر بالمرحلة النهائية من التفكير في نشر طائرات عسكرية في سوريا خلال الفترة المقبلة، وبالنسبة لروسيا، فإن زيادة الانتشار هذه مفيدة لها بالفعل، سواء اتخذت قرارًا بنشر مقاتلاتها أم لم تتخذ قرار النشر، حيث يضمن هذا الانتشار لها توافر قناة اتصال دائمة وقوية مع سوريا بحيث تتمكن من زيادة قوات النظام في دمشق أو حتى إلحاق عدد من قواتها إلى داخل دمشق للتصدي لأي هجوم يستهدفها لاحقًا.
وعلى الرغم من إنشاء أثر كبير على أرض الواقع إلا أن هناك مخاطر كبيرة تلاحق الروس حتى الآن، فلم تعد الولايات المتحدة وتركيا وحدهما من تعرب عن قلقهما إزاء هذه التدخلات الروسية الأخيرة بل تجاوز الأمر ليشمل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو والذي من المقرر أن يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع القادم في محاولة للوصول إلى تفاهم بشأن حدود الأنشطة الروسية في سوريا في محاولة لمنع استفادة حزب الله من التواجد الروسي في سوريا.
روسيا تملك الآن وسيلة ممتازة لزرع نفسها في المنطقة، لكن السؤال إلى أي مدى سوف تذهب؟