في حديث لصحيفة القدس العربي أعلن الرئيس محمود عباس بأنه سيلقي قنبلة في خطابه بالأمم المتحدة خلال الأيام المقبلة، فما هي القنبلة؟ وما هي السيناريوهات المحتملة؟
بات الجميع يدرك بأن إسرائيل لا تريد من اتفاق أوسلو سوى البنود الأمنية التي تجعل من السلطة الفلسطينية شرطي يحرس أمن الاحتلال ويحفظ سلامة مستوطنيه مقابل مساعدات وامتيازات ومنح دولية، هذا الواقع أحرج بشكل واضح مهندسي اتفاق أوسلو، وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس.
في المقابل لم تكن تهديدات أو الخطابات النارية للرئيس عباس هي الأولى، فقد هدد بالاستقالة وتسليم مفاتيح السلطة ووقف التنسيق الأمني في أكثر من مناسبة دون تنفيذ تهديداته؛ ما دفع القادة الإسرائيليون للتهكم على تلك التصريحات، واستخدام سيطرة حماس على الضفة الغربية كفزاعة للضغط على الرئيس، وبين هذا وذاك يبقى تساؤل الرأي العام ما هي قنبلة الرئيس؟
سيتحدث الرئيس في خطابه حول تنكر إسرائيل لالتزاماتها السياسية حسب الاتفاقيات الموقعة، ولن تخرج القنبلة عن إعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال والتخلي عن بعض بنود الاتفاقات السياسية والاقتصادية، وهذا يطرح تساؤلًا حول ما سيتضمنه الخطاب حول حدود الدولة الفلسطينية، هل ستكون دولة على حدود الرابع من يونيو 1967م، أم على حدود كامل التراب الفلسطيني وهذا مستحيل نظرًا لاعتراف الأمم المتحدة بإسرائيل، أم وفقًا لقرار التقسيم 181، وقد يكون هذا الخيار مشروع ومبرر بعد أن انقلبت إسرائيل على حل الدولتين.
هذا الإعلان يعني أن كافة فصائل المقاومة هي حركات تحرر وطني وليست جماعات إرهابية، وبذلك سيكون مؤشر مصداقية خطاب الرئيس هو الترجمة على الأرض عبر خطوات تتمثل في وقف التنسيق الأمني وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإعادة سلاحهم وأموالهم التي صادرتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية في السنوات الأخيرة.
ووفق هذا الإعلان وطبقًا للقانون الدولي تكون قوات الاحتلال مسؤولة عن تأمين وحياة كل الفلسطينيين وهى مسؤولة عن توفير حياة كريمة لهم وإلا تكون مرتكبة جريمة إبادة جماعية، وهذا يعني ضمنيًا تسلم الاحتلال مفاتيح السلطة الفلسطينية وبذلك انهيار اتفاق أوسلو.
وهذا الإعلان يطرح مسألة تصنيف حركتي حماس والجهاد الإسلامي كحركات إرهابية على طاولة البحث، كما أن اليوم التالي للإعلان سيجعل من المعتقلين الفلسطينيين أسرى حرب تنطبق عليهم القوانين والمعاهدات الدولية.
السيناريوهات المحتملة
من المؤكد أن إسرائيل تنظر بخطورة بالغة للخطوة التي قد يتخذها الرئيس عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة وقد تعمل الدبلوماسية الصهيونية ضمن منطق العصا والجزرة قبل وخلال وبعد الخطاب وفقًا لثلاث سيناريوهات:
1- تحرك دبلوماسي كبير تقوده إسرائيل والولايات المتحدة للضغط على الرئيس عباس للعدول عن قراراته.
2- سيناريو الانتظار من خلال ترقب إسرائيل للمشهد وما ستؤول إليه الأمور.
3- احتلال إسرائيل لكامل الضفة الغربية بعد حالة الفراغ المحتملة نتيجة القرار، وإعادة ترتيب المشهد من خلال تنصيب شخصية أمنية يثق بها الغرب وإسرائيل وتحاكي النموذج الأفغاني عندما قام الحلفاء بتنصيب الرئيس كرازاي لقيادة المشهد الأفغاني وفق المصالح الغربية.
الخلاصة
الرئيس محمود عباس أدرك أن أوسلو فشلت بسبب عنجهية وغطرسة الاحتلال، وحان موعد إعادة تقييم للمرحلة السابقة قبل وداعه المشهد السياسي، وبذلك سيطلق خطابًا صادقًا هذه المرة، إلا أن الشارع الفلسطيني لم يعد يكترث بالخطابات الرنانة بقدر حاجته لخطوات فعلية على الأرض تعيد له أرضه وكرامته، فحالة الاحتقان تجاوزت مسألة القبضة الأمنية أو التهديد بالراتب، فبعد انتهاك المقدسات لم يعد للشعب الفلسطيني ما يخسره وسينفجر في وجه الاحتلال، وسيحاسب من صنع اتفاق أوسلو ولن يقبل بأن يبقى داخل المشهد أي مهندس أو حتى عامل كان له دور في هذا الاتفاق المشؤوم الذي ما زلنا ندفع ثمنه حتى اليوم.