أعلنت السلطات السعودية وفاة 719 حاج وإصابة 836 جراء تدافع في مشعر منى أثناء رمي جمرة العقبة في أول أيام عيد الأضحى حيث توافد الحجاج بكثافة لأداء هذا النسك.
وقال الدفاع المدني السعودي -عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر- إن الحادث وقع جراء “تدافع وازدحام حجاج بشارع 204 في منى”، مضيفا أن الفرق التابعة له “تباشر تفكيك الكتل البشرية وتفويج الحجيج إلى طرق بديلة”.
ارتفاع عدد الإصابات في #منى إلى ٨٠٥ إصابة والوفيات إلى ٧١٧ حالة وفاة.
— الدفاع المدني السعودي (@SaudiDCD) September 24, 2015
وأوضحت أن “أربعمئة مشارك يباشر الحادث بالإضافة إلى أكثر من 220 آلية إنقاذ وإسعاف في منى”.
وأفاد مراسلون لوكالات أنباء بأن الشارع 204 الذي وقع فيه الحادث هو أحد الشوارع المؤدية إلى جسر الجمرات، وأنه يقع بين مجموعة من مخيمات الحجاج، مضيفا أن عدد الوفيات والإصابات مرشح للارتفاع.
وأشار إلى أن منطقة منى تشهد زحاما شديدا حيث فضل معظم الحجاج رمي الجمرة الكبرى أولا، بينما توجه قليل منهم إلى مكة لأداء طواف الإفاضة والسعي.
الحادث ليس الأول من نوعه، إلا أنه الأكبر منذ قرابة ربع قرن. فقد كان حادث تدافع كبير قد وقع في منطقة الجمرات عام 2006 مما أدى إلى وفاة نحو 360 حاجا، وقامت السلطات السعودية إثر ذلك بإطلاق مشروع جسر الجمرات لتسهيل حركة الحجاج.
ويتكون الجسر من أربعة طوابق، ويبلغ طوله 950 مترا وعرضه ثمانين مترا. ووفقا لمواصفات المشروع فإن أساساته قادرة على تحمل 12 طابقا وخمسة ملايين حاج في المستقبل إذا دعت الحاجة لذلك.
ويواصل نحو مليوني حاج التوافد إلى مشعر منى في يوم النحر (العاشر من ذي الحجة) لرمي جمرة العقبة (الجمرة الكبرى) بسبع حصيات، ويتوجهون بعد ذلك إلى مكة المكرمة لأداء طواف الإفاضة فيتحللون من إحرامهم, ثم يعودون إلى منى لقضاء أيام التشريق ورمي الجمرات الثلاث بها.
وكان ضيوف الرحمن قد باتوا ليلتهم في مزدلفة بعد أن أدوا ركن الحج الأعظم الأربعاء حين وقفوا في جبل عرفات.
ولم تعلن الجهات الرسمية حتى الآن أسباب التدافع، ولكن يتوقع أن يعلن عن ذلك خلال أيام بعد أن أمر ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بتشكيل لجنة تحقيق عليا تتولى التحقيق في هذا الحادث ومسبباته، إلا أن المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية أشار إلى أن ما وصفها بالأسباب الظاهرية للحادث ربما تكون الكثافة والتداخل في الحركة في أحد التقاطعات، فضلا عن ارتفاع درجات الحرارة والإعياء نتيجة الجهد الذي بذله الحجاج بعد النفرة من عرفات إلى مزدلفة.
وقال المتحدث اللواء منصور التركي إنهم ينتظرون نتائج التحقيق التي ستجريها اللجنة المكلفة بذلك من قبل ولي العهد.
وفي معرض رده على سؤال في مؤتمر صحفي، قال التركي إنه لا مجال للربط بين الحادث وبين مرور أي مواكب رسمية.
بدوره، أكد وزير الصحة السعودي أن التدافع وقع بسبب عدم الالتزام بقواعد السير والمسارات الخاصة بذلك، وبالوقت المخصص لرمي الجمرات.
وتباينت ردود فعل النخب السعودية والخليجية على حادثة التدافع في منى، ففي الوقت الذي سلّم فيه الكثير من المشاهير بأن الحادثة “قضاء وقدر”، ولا يوجد تقصير من قبل الحكومة السعودية، ذهب قسم آخر للمطالبة بفتح تحقيق شامل، مع عدم تغافلهم عن الدور الذي قامت به المملكة تجاه الحجاج، وهو الكلام الذي ينطبق مع تعليق الملك سلمان بن عبد العزيز على الحادثة.
أقولها صادقا ومن قلب المشاعر المقدسة:من أراد أن يرى الجهاد الحقيقي عليه أن يرى مايفعله رجال الأمن السعودي لاحرمهم الله الأجر#تدافع_مشعر_مني
— خالد جاسم (@khalidjassem74) September 24, 2015
لنكن منصفين
كما نطالب بعدم الإندفاع في إنتقاد التنظيم
قبل ظهور نتائج التحقيقات
من العدل أيضاً عدم الإندفاع في لوم الحجاج#تدافع_مشعر_منى
— خالد العلكمي (@AlkamiK) September 24, 2015
١- حول كارثة #تدافع_الحجاج_بمنى هناك شق تنظيمي تتحمله السلطات، مقتل هذا العدد يؤكد أنها لم تكن تملك ما تفعله، أو أنها كانت عاجزة عن التصرف.
— Adel Marzooq (@adelmarzooq) September 25, 2015
٢-هذا لا يعني تسييس الكارثة او إنكار ما قدمته السعودية وأنفقته لتسهيل الحج، فالمنطقة جبلية وعرة والمساحات محدودة والإشتراطات الفقهية معقدة.
— Adel Marzooq (@adelmarzooq) September 25, 2015
٣-قد تكون #السعودية بحاجة لإستشارات خارجية في تنظيم تدفق الجموع، وهو ما لا يجب أن تعتبره الرياض إهانة، بل هو حرص منها على سلامة الحجاج.
— Adel Marzooq (@adelmarzooq) September 25, 2015
إلى ذلك، حمّل رئيس منظمة الحج في إيران سعيد عبيدي “سوء إدارة” السعودية مسؤولية تدافع الحجاج خارج مكة. ونقلت وسائل إعلام تركية اقتراحا من رئيس الشؤون الدينية في البلاد بعقد مؤتمر دولي للنقاش حول أمور الحج، إلا أنه سرعان ما تم حذف التصريح بعدما أُسيء فهمه من قبل المغردين السعوديين.
مجرد حذف التغريدة إعتراف بحماقة التصريح
لكن كان الأجدر تقديم إعتذار صريح،
إما عن التصريح أو الترجمة! @TRTalarabiya pic.twitter.com/3ikxSOWYHR
— خالد العلكمي (@AlkamiK) September 24, 2015
لكن القسم الثالث من بين المعلقين، والذي ضم أيضا عددا من الدعاة، ذهب للقول بأن “إيران تقف خلف الكارثة التي حدثت، بالرغم من سقوط 89 من حجاجها من بين الحجاج الـ719”.
دعوة إيران تدويل الحرمين الشريفين كدعوتها لحماية مرقد كربلاء ومرقد زينب انتهى باحتلال أمريكي إيراني في #العراق واحتلال روسي إيراني في #سوريا
— أ.د. حاكم المطيري (@DrHAKEM) September 24, 2015
إلى ذلك، بعث عدد من الحكومات والمؤسسات العربية والدولية والشخصيات برقيات تعزية إلى المملكة العربية السعودية، وحكومات وذوي ضحايا حادث التدافع.
وحادثة الأمس التي تعدّ الأكبر منذ عام 1990، هي الثانية هذا العام بعد حادثة سقوط رافعة البناء، الجمعة 11 سبتمبر/ أيلول الجاري في داخل الحرم المكي، التي أدّت إلى وفاة 111 حاجاً.
وكان الحرم المكي قد شهد العديد من الحوادث المؤسفة في التاريخ الحديث، بعضها كان بفعل فاعل أو بسبب إهمال من بعض الحجاج. ففي عام 1987 مثلاً، اندلعت اشتباكات عنيفة بين حجاج إيرانيين وقوات الأمن السعودي، قُتل خلالها نحو 400 شخص أكثريتهم من الحجاج الإيرانيين. وفي عام 1997، نشب حريق كبير في أحد مخيمات منى نتيجة استخدام سخّان يعمل بالغاز، وقد توفي إثره 343 حاجاً بعدما التهمت النيران أكثر من 70 ألف خيمة، في حين أصيب أكثر من ألف و400 حاج آخرين. بعدها، منعت السعودية استخدام هذا النوع من السخانات، ونصبت خيماً مقاومة للحريق في منى.
كذلك، تسبّب تأخر فتح أبواب قطار المشاعر في عام 2012، في تدافع كبير بين الحجاح، نتج عنه وفاة 43 منهم، معظمهم من المصريين.
أما الحادثة الأكثر مأساوية في الحرم المكي، فوقعت في عام 1990 وهي تُعرف باسم “نفق المعيصم”. وفي حين كانت بيانات أولى قد أشارت إلى أن ألفاً و426 حاجاً راحوا ضحيتها، أشارت مصادر شبه رسمية إلى أن أكثر من أربعة آلاف حاج قضوا فيها. معظم هؤلاء كانوا من الإندونيسيين والأتراك، وذلك نتيجة التدافع في نفق المعيصم. وحتى اليوم، لا يُعرف السبب الحقيقي وراء الحادثة، لكن الرواية الرسمية أعادتها إلى التدافع الكبير. أما مصادر أخرى، فأشارت إلى تعطل مراوح الشفط في النفق الذي يزيد طوله عن ألفَي متر، فيما رجّحت روايات غير رسمية تنفيذ عمل إرهابي.
وانطلاقا من اليوم الجمعة سيمضي ضيوف الرحمن أول أيام التشريق الثلاثة حيث يرمون جمرات العقبة الصغرى والوسطى والكبرى، ويمكن للمتعجلين منهم مغادرة منى في ثاني أيام التشريق بعد رمي الجمرات الثلاث.
وكانت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية قد أعلنت صباح الخميس أن عدد الحجاج الذين أدوا فريضة الحج هذا العام بلغوا مليونا و952 ألفا و817 حاجا منهم مليون و384 ألفا و941 حاجا من خارج المملكة، و567 ألفا و876 حاجا من داخل المملكة.
وقالت الإحصائية إن الغالبية العظمى من الحجاج من المقيمين غير السعوديين، كما أن هذا العدد يشمل حجاج مدينة مكة المكرمة.
المصدر: وكالات