بعد الهجوم الذي قتلت فيه قوات الأمن المصرية 10 أشخاص، من بينهم سياح مكسيكيون منذ أكثر من أسبوع، تجددت الدعوات المطالبة بمراجعة الزيادة الأخيرة في مبيعات الأسلحة الأمريكية والأوروبية لمصر.
وذكرت جماعات حقوقية أن الحادث الذي وقع في الـ 13 من سبتمبر الجاري في منطقة الواحات بالصحراء الغربية يعكس مشكلة أعمق تتمثل في كيفية استخدام الجيش والشرطة في مصر للقوة المميتة.
ففي شبه جزيرة سيناء حيث تخوض الحكومة معركة طاحنة مع المسلحين المتشددين، قال مواطنون إن الجيش يظهر نمطا من القتل العشوائي، وهو ما تنفيه الحكومة جملة وتفصيلا.
واشتمل الهجوم الجوي الذي قتل فيه السائحون المكسيكيون على مروحية من طراز أباتشي أمريكية الصُنع. وقال الناجون من الحادث إنهم تعرضوا للقصف أربع مرات تقريبا خلال الهجوم.
وجاء حادث الواحات في أعقاب قيام كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وحكومات غربية أخرى بتعزيز مبيعات الأسلحة إلى النظام الحاكم في مصر، بعد عامين من الإطاحة بأول رئيس منتخب ديمقراطيا وهو محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في الـ 3 من يوليو 2013 وتنفيذ قوات الأمن سلسلة من عمليات القتل الجماعي التي خلفت أكثر من ألف قتيل.
وقال محمد المسيري، الباحث في الشئون المصرية بمنظمة العفو الدولية: إن ” الهجوم يعطي رسالة مفادها أن قوات الأمن المصرية ليست على درجة عالية من التدريب. فهي تستخدم الأسلحة التي تحصل عليها من الدول الغربية. ولذا فإننا نجدد دعواتنا للدول التي تعطي الأسلحة لمصر أن تراجع مبيعاتها من الأسلحة للقاهرة.”
وجمدت الولايات المتحدة الأمريكية مساعداتها العسكرية لمصر في أعقاب قيام الجيش بعزل الرئيس محمد مرسي، لكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عاد مجددا ورفع هذا الحظر في مارس الماضي.
وزودت واشنطن القاهرة، بموجب قرار أوباما، بطائرات مقاتلة من طراز “إف16” والتي تم نقلها من تكساس حيث صُنعت إلى القاهرة، مع توقعات بتسليم الأخيرة أربع طائرات مقاتلة إضافية هذا الخريف.
وقدمت الولايات المتحدة لمصر أيضا خمس دبابات من طراز ” إم1 إيه1 أبرامز”. واحتفلت السفارة الأمريكية في القاهرة بتسليم الطائرات المقاتلة إلى مصر بـ ” تغريدة” على موقع التدوينات المُصغر ” تويتر” تحمل عبارة ” تحيا مصر.”
وفي الـ 31 من يوليو الماضي، حلقت طائرات ” إف16” في تشكيلات بارعة في سماء القاهرة، مخلفة وراءها ستارا من الدخان الأحمر والأبيض والأسود التي تمثل ألون العلم المصري.
المملكة المتحدة أقدمت هي الأخرى هذا العام على استعادة تراخيص الأسلحة التي تم تعليقها في العام 2013، حيث وافقت على بيع أجزاء لمعدات عسكرية بقيمة 76.3 مليون دولار في الثلاثة شهور الأولى من العام الحالي، وفقا لتقرير صادر عن ” حملة مناهضة تجارة الأسلحة.”
ومع ذلك، رفضت المملكة المتحدة تراخيص لتوريد قطع غيار بنادق وأجهزة إبصار في الأسلحة ومكونات محركات طائرات نفاثة، خشية من إمكانية استخدامها كأدوات للقمع الداخلي.
وأوضحت الصحيفة أن المخاوف في واشنطن ولندن بشأن إطاحة الجيش المصري برئيس منتخب، والأدلة حول استمرار انتهاكات حقوق الإنسان طغت عليها مقتضيات الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد الجماعات المتطرفة في منطقة الشرق الأوسط.
ويرى الخبراء أن الدافع الرئيس لقيام أوباما برفع الحظر على بيع الأسلحة هو صعود تنظيم الدولة الإسلامية، وانطلاق الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد هذا التنظيم.
وقال روبرت سبرينجبورج أستاذ متقاعد في شؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية في مونتيري بولاية كاليفورنيا: ” منذ أن أعلنا الدولة الإسلامية هو عدونا الأول، بات من الصعب بالنسبة لإدارة أوباما جعل أولويتها أوضاع حقوق الإنسان والديمقراطية على حساب المخاوف الأمنية”
وعلاوة على ذلك، ربما قررت إدارة أوباما أيضا أن حظر الأسلحة فشل في إقناع القادة المصريين بوقف انتهاكات حقوق الإنسان، مشيرة إلى أنه في الحملة السياسية التي أعقبت سقوط مرسي، تم القبض على أكثر من 40 ألف شخص، وفقا لإحصاءات المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وفي فرنسا، تعرض الرئيس فرانسوا أولاند لانتقادات من قبل جماعات حقوقية فرنسية وأحزاب المعارضة اليسارية بسبب بيع أسلحة وطائرات للسيسي. لكن أولاند جعل مكافحة الإرهاب والجماعات الجهادية محور سياسته الخارجية.
وذكر برونو تيرتريس كبير الزملاء الباحثين في “مؤسسة باريس للبحوث الاستراتيجية” أن بيع الأسلحة لمصر بمثابة “تلاقي المصالح”، وأن طائرات “رافال” التي باعتها فرنسا لمصر كانت تهدف لخدمة العمليات العسكرية في ليبيا.
وأضاف: “الدبلوماسيون يرون أنه طالما لدينا مصالح استراتيجية مشتركة، يمكن تجاهل حقوق الإنسان”.
المصدر: الغارديان – ترجمة: مصر العربية