من منا لم يقض طفولته وهو يحلم بالمصباح السحري وبالأمنيات التي يرغب بتحقيقها؟ كلنا حلمنا بالأمنيات الثلاث، إلا أن الاطفال في غزة منحوا واحدة.
مبادرة “بطاقة حلم” هي مبادرة خيرية بدأها الشاب الفلسطيني “سعيد قديح” في غزة، بطاقة بيضاء يكتب فيها الطفل أي حلم يخطر بباله فيكون له.
“صادفتُ أطفالًا عائدين من رحلة لبيوتهم، وعلى سبيل المزاح سألت: شو بتحلموا؟”.
هكذا بدأت الفكرة، جواب بسيط من الأطفال جعل سعيد يقتنع أن أحلام الأطفال في غزة بسيطة ويمكن أن تتحقق بسهولة، فلم لا يعمل على تحقيقها! ثلاثون بطاقة بثلاثين حلمًا، هذه كانت الخطوة الأولى وقد تمت بنجاح، تم توزيع بطاقات الحلم على الأطفال الذين يعيشون في ظروف مادية واجتماعية صعبة، أو من أبناء الشهداء، أو من المرضى.
عندما يعيش الأطفال في ظروف مادية صعبة، من الطبيعي أن تكون أحلامهم بسيطة ومتعلقة بأشياء مادية صغيرة متوفرة لدى أقرانهم.
آية طفلة جميلة في الثامنة، توفي والدها قبل فترة قصيرة وعندما سُئلت عن حلمها أجابت أنها تريد الحصول على بعض الألعاب.
حقيبة
فاطمة ذات الثمانية أعوام ابنة لشهيد، تعاني من آلام مستمرة في الظهر ولا تقوى على حمل الحقيبة المدرسية الثقيلة، كانت تحلم بحقيبة بعجلات تستطيع تحريكها بسهولة وكان لها هذا.
زي مدرسي
رنيم وأخواها طلاب مدرسة ابتدائية وأولاد شهيد، كانوا يحلمون بزي مدرسي جديد وصلتهم بطاقة الحلم قبل بدء المدارس بيوم، تمكنوا من تحقيق حلمهم في الوقت المناسب.
الظروف الصحية بالإضافة للظروف الاقتصادية؛ جعلت أحلام بعض الأطفال تتلخص بأداة أو جهاز طبي، ليساعدهم على تخطي حالتهم الصحية والتعايش معها؛ فطلبوها بدلاً من الألعاب.
كرسي متحرك
سندس ذات التسعة أعوام تعاني من ضمور وإعاقة في الحركة، كانت تحتاج لكرسي متحرك لكي تسهل عملية حركتها داخل وخارج المنزل.
نظارات طبية
مجدي ذو السبعة أعوام، ابتدأ رحلته في المدرسة الابتدائية وهو يحلم بنظارات طبية فقط لتساعده على القراءة.
عندما يعيش طفل في مخيم في غزة ويوعد بتحقيق أي حلم يتمناه، ويتمنى عصفورًا؛ فهذا يدل على أنه طفل مميز ذو إحساس مرهف، ترك كل الأشياء المادية التي يمكن أن يحتاجها وتتوفر له مقابل شغفه بالجمال.
عصافير ملونة وحوض أسماك
رامي ذو التسعة أعوام من سكان المخيم، يعيش في ظروف صعبة وكان يتمنى أن يربي عصافير ملونة، بينما كان قصي ذو التسعة أعوام أيضًا يتمنى أن يمتلك حوض أسماك يعتني به ويرتبه.
حلم كحلم عبد الرزاق كان المثال الأوضح لمعاناة الأطفال في ظل الظروف المعاشية الصعبة والفقر.
كان عبد الرزاق يحلم بالذهاب إلى السوق وشراء بعض الحاجيات للمنزل، حيث إن والده لم يذهب إلى السوق منذ سنتين، جل ما تمناه أن يعود للمنزل بالحاجيات لأهله كي يسعدهم بها.
محمد ذو الثالثة عشر كان المفاجأة الكبرى، كان يحلم بأن يستمع الناس لشعره، قد يظن البعض أن الفن و الإبداع لا ينسجمان مع الظروف القاسية ولا يمكن أن ينتجا عنها، إلا أن محمد هو المثال الأبسط على بطلان هذه النظرية، وسط جلسة شعرية على شاطئ البحر، رافق قصائده عزف للعود واتيح له تحقيق هذا الحلم.
من الخطأ الاعتقاد بأن هذه المبادرة ما هي إلا عمل تطوعي آخر قد يكون هدفه دعائيًا أو تكون آثاره صغيرة ووقتية سرعان ما ستتلاشى ولن يكون لها فائدة تذكر؛ صاحب الفكرة يختلف مع هذا الرأي:
“حينما حققنا حلم طفل فقير، فنحن صنعنا في ذهنه فكرة أن لا شيء مستحيل، وبإمكان الطفل أن يحلم بشيء أكبر من الذي حققناه له، وهذا يحفزّه دائمًا ويضع فيه الحماس والأمل أكثر، أتمنى من الشباب أن يكونوا لسان حال الفقراء، فهم في النهاية جزء لا يتجزأ من الإنسانية الكبيرة”.
بعد نجاح التجربة في غزة وسير الأمور بسلاسة والتجاوب مع المبادرة، يعمل الشباب الآن على نقلها إلى الضفة الغربية ويأملون بالتوسع أكثر مستقبلاً.
“آمل من الشباب أن يخرجوا دائمًا بأفكار من شأنها أن تغيّر وتترك أثرًا طيبًا وملموسًا على الصعيد الإنساني، لا أفكار مكررة لا تسمن ولا تغني من جوع، راض عن التجربة وفخور بما فعلته، أشكر كل من ساهم معنا، وساعدنا هنا أيضًا بغزة في الوصول لأطفالٍ يعيشون في ظروف إنسانية صعبة وتحديدًا تامر العجرمي مدير الجمعية الوطنية لتأهيل المعاقين بغزة، كان رائعًا في تقديمه المساعدة كدليل لأطفالٍ محتاجين”.
* الاقتباسات داخل المقال لصاحب المبادرة “سعيد قديح”