من داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة أطلق الرئيس محمود عباس خطابًا مدته ثلاثون دقيقة، وحجم الخطاب 2383 كلمة، وفي تحليل لمضمون الخطاب نستطيع أن نقول أن 80% من الخطاب كان يصف الرئيس محمود عباس معاناة الشعب الفلسطيني وسلوك الاحتلال ومستوطنيه، ومستجديًا المجتمع الدولي والرأي العام الغربي بضرورة مناصرة الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضه.
بينما شكل 20% من الخطاب الجوهر وكان ذلك ضمن محورين هما:
1- قول الرئيس عباس: فإنني أطالب الأمم المتحدة السيد الأمين العام والسيد رئيس الجمعية العامة، بتوفير نظام حماية دولية لشعبنا الفلسطيني وفقًا للقانون الإنساني الدولي.
وهنا الحماية الدولية ليست معناها التدخل العسكري لكن إلزام الدولة المشكو منها أن تلتزم بالمواثيق الدولية وتعهداتها، وتجدر الإشارة أن التدخل العسكري للأمم المتحدة وفق الفصل السابع يكون هو آخر المطاف بعد فشل كل المحاولات والضغط، ولكننا يجب أن لا ننسى ازدواجية المعايير التي تتعامل بها المنظومة الدولية والتي تتحكم بها القوى الكبرى.
2- قول الرئيس: فإننا نعلن أنه لا يمكننا الاستمرار في الالتزام بهذه الاتفاقيات، وعلى إسرائيل أن تتحمل مسؤولياتها كافة كسلطة احتلال، لأن الوضع القائم لا يمكن استمراره، وقرارات المجلس المركزي الفلسطيني في شهر مارس الماضي محددة وملزمة.
لم يكن الرئيس جازمًا أو حازمًا في هذه المسألة وترك الباب مواربًا ليرد نتانياهو مساء اليوم وبعدها يتضح شكل وطبيعة المشهد.
ورغم ذلك من الممكن تفسير ما سبق بأنه خطوة نحو تجميد اتفاق أوسلو وملحقاته وما تبعه من اتفاقيات أمنية واقتصادية وسياسية، ولكن هذا يتطلب إجراءات على الأرض، بمعنى أنه من المفترض وقف التعامل وفق اتفاق باريس الاقتصادي وكذلك وقف كل أشكال التنسيق الأمني وغير ذلك من الاتفاقيات التي تعني تحمل إسرائيل لمسئولياتها على كامل تراب الدولة الفلسطينية.
أيضًا مسألة إعلان الرئيس أن على إسرائيل تحمل مسئولياتها كسلطة احتلال هذا يعني مشروعية المقاومة بكل أشكالها وفق القانون الدولي ولا يوجد ما يلزم أجهزة أمن السلطة من منع أي شخص يريد أن يقاوم الاحتلال على أراضي الدولة الفلسطينية وهذا يجعل من قضية الإفراج عن المعتقلين السياسيين المحتجزين على خلفية مقاومة الاحتلال أمرًا يستوجب التنفيذ فورًا.
الخلاصة: إن تجارب الرأي العام الفلسطيني مع خطابات وقرارات الرئيس متعددة وللأسف في معظمها تسمع جعجعة ولا ترى طحينًا، ولعل خطابه الشهير خلال حرب غزة الأخيرة والذي استهل خطابه بالآية الكريمة: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير، وللأسف حينها لم يطبق ما جاء في خطابه.
لذا، فإن عين الرأي العام الفلسطيني على خطوات عملية لتطبيق ما جاء بالخطاب وقرارات المجلس المركزي، وحينها سنقول للرئيس: كلنا خلفك.. وما دون ذلك ستبقى دائرة الاهتمام بحفل خطوبة الفنان محمد عساف.