بعد الانتهاء من توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية الست، أصبح هناك تساؤلا مهمًا وهو هل نتوقع إيران جديدة ذات علاقات خارجية موسعة مع واشنطن؟
قد نرى أن السيناريو الأكثر تفاؤلًا من جانب مؤيدي الاتفاق النووي مع إيران هو أن الاتفاق سيجلب تحسين للعلاقات بين طهران وواشنطن وسيؤدي هذا السيناريو إلى نجاح غير مسبوق لإيران على الجانب السياسي من جهة وعلى الجانب الاقتصادي من جهة أخرى، لأنه ببساطة سيزيل كافة العقوبات الاقتصادية ضد إيران، مما يؤدي إلى تغيير السياسة الخارجية العامة للنظام، وسيجبر نظام الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بطريقة أو بأخرى لإجراء إصلاحات من شأنها أن تؤدي إلى تحسين حقوق الإنسان، فضلاً عن تحرير السياسات المحلية المقيدة اجتماعيًا في البلاد.
طبقًا لوجهات النظر المتعددة للسياسيين والباحثين وأنا من ضمن هؤلاء، فإن طهران ستصبح أكثر تكاملاً على مستوى العلاقات الدبلوماسية الطبيعية مع الدول القومية الغربية، مما سيزيد من قدرتها التوسعية الإقليمية بقوة وسوف تصبح أكثر ترويضًا.
للأسف، وعلى مدار 36 عامًا من الحكم المتشدد في إيران، يمتاز النظام وسلوكه بالظلم والجور في كثير من النواحي بل يفتقر إلى أي مصداقية، فلو نظرنا لتاريخ إيران الحديث، ستظهر المعلومات أن الكل يعمل لخدمة مصالحه الذاتية.
لا استبعد حدوث تغيير كبير في السياسة الإيرانية على الوجه الظاهري فقط أمام الغرب وخاصة أمريكا والذي سيتمثل في محاولة قيام النظام الإيراني بعدة أعمال في شكل نهوض بالمجتمع الإيراني بعد رفع العقوبات الاقتصادية لإظهار حسن نواياهم، ولكن في الباطن ستستمر إيران في دعم الجماعات الجهادية مثل حزب الله والقاعدة وغيرها الكثير.
حاليًا، العديد من الدبلوماسيين الأمريكيين والمشرعين في الكونغرس، ورجال الأعمال أعلنوا تفاؤلهم وتنبؤاتهم بشأن إيران والتي أظهرت نتائجها في الأغلب أنه سيكون هناك انفتاح غير مسبوق في العلاقات الإيرانية مع دول الغرب وخاصة واشنطن، بل قيام عدد من رجال الأعمال الأمريكيين بإعادة استثمار أموالهم في إيران مثلما بدأت فرنسا.
ولكن ذلك الانفتاح يقف أمامه شيئان لكي يتم، أولهما الحرس الثوري الإيراني، والمخابرات الإيرانية والتي أظهرت أكثر من مرة عدائها ضد الجانب الأمريكي حتى بعد الاتفاق النووي، وثانيهما هو المرشد الأعلى أية الله علي خامنئي وهو يمثل المعضلة الكبرى، فذلك الشخص لا تخفى عنه خافية ويعلم بكل شيء وخاصة سياسات إيران الخارجية، في الوقت الذي أظهر فيه كرهه الشديد للسياسة الأمريكية، معتبرًا إياها (أمريكا) من أبرز أعداء إيران.
في الحقيقة، النظام الإيراني وروحاني أيضًا لا يمكنه تحرير أي لائحة من اللوائح المحلية ما لم يتم المباركة عليها من قِبل المؤسسات الدينية التي قد سارعت من قبل إلى قمع أي تحرك لتخفيف القوانين الاجتماعية والسياسية الداخلية القمعية الإيرانية وهو ما يعني أنها ستمانع بنسبة كبيرة إمكانية الانفتاح الإيراني مع الغرب.
وتشتمل تلك المؤسسات الدينية على مجلس صيانة الدستور، مجلس الخبراء، ومجلس تشخيص مصلحة النظام والذي يعتبر الرقيب الأيديولوجي للنظام، إلى جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية للحكومة الإيرانية.
إيران الآن أمام أمرين: إما الانصياع وراء خامنئي وتعليماته المتشددة بعد الانفتاح مع الغرب وخاصة أمريكا أو محاولة الارتقاء بالعلاقات بين واشنطن وطهران وإمكانية “رؤية إيران جديدة تلوح في الأفق”.