الكرة أهداف
متعة الكرة ورونقها وسر روعتها وجماهيريتها يكمن في الأهداف، فهي ليست مجرد ملح تطيب به وجبات كرة القدم، بل هي المكون الرئيسي الذي لا لون ولا طعم لها بدونه، فالتعادل السلبي هو أسوأ النتائج في عرف عشاق المستديرة، وكم من مباراة انتهت بلا أهداف فخرج جمهورها يقلب كفيه على ما أنفق لحضورها! وكم من فريق سيطر على مجريات اللعب وأبدع وأمتع لاعبوه في تناقل الكرة وصنع الهجمات، ولكن رعونة مهاجميه أمام المرمى بددت جهد بقية زملائهم وجعلته هباءً منثورًا! إذن فالكرة أهدافٌ، ومن يفشل في التسجيل يفشل في الفوز، ولا نجاح ولا إنجازات بدون انتصارات، لذا فالمهاجم الهداف عملةٌ نادرةٌ تجلب السعادة لمالكيها، ودجاجةٌ سحريةٌ تبيض أهدافًا من ذهب، تصدح لأجلها حناجر آلاف المشجعين فرحًا، وتقفز لرؤيتها قلوب ملايين المشاهدين حماسًا وولعًا، وحديثنا اليوم في سادس حلقات (سلسلة الأفضل)، سيكون عن المهاجمين أصدقاء الشباك.
من المعلوم أن خطط اللعب القديمة كانت تعتمد على عدد أكبر من المهاجمين قياسًا بنظيرتها الحديثة، التي أصبحت أغلبها تعتمد على مهاجم صريح واحد أو اثنين كحد أقصى، مقابل عدد كان يصل إلى ثلاثة أو أربعة قديمًا، وهذا مرده إلى تطور لعبة كرة القدم عمومًا، بحيث أصبحت لياقة اللاعبين واستيعابهم التكتيكي يسمح لهم بتأدية دور المهاجم الهداف إضافةً إلى دورهم الأساسي، فلا غرابة اليوم أن نجد صانع ألعاب أو لاعب طرف أو حتى لاعب محور يتقمص دور رأس الحربة الهداف فيراوغ ويسدد ويسجل! ولذا فلم يعد من المنطقي تفريغ ثلاثة أو أربعة لاعبين لمهمة تسجيل الأهداف، بل أصبحنا نرى بعض الخطط التي لا يتواجد فيها أي مهاجم صريح، كخطط غوارديولا مع برشلونة والبايرن، أو أسلوب منتخب إسبانيا الذي انتهجه في بعض مباريات بطولة كأس العالم 2010 التي أحرز لقبها، ولكن تبقى هذه الخطط استثنائية، وتبقى الحاجة ملحةً لتواجد ولو رأس حربة وحيد، تقتصر مهمته على هز الشباك فضلًا عن إشغال مدافعي الخصم.
هدافون صنعوا التاريخ
يُعرف المهاجمون بأنهم أشهر عناصر فريق كرة القدم على الإطلاق، وجل الجماهير لا تذكر عند الفوز إلا أصحاب الأهداف، فتنسب إليهم الفضل الأكبر في الانتصارات والإنجازات التي تصنع التاريخ الكروي، وتنصبهم ملوكًا متوجين على عرش الساحرة المستديرة، ومن أولئك الملوك هداف من بلاد السامبا، لم يسمع عنه الكثيرون لأنه لعب خلال عشرينيات القرن الماضي قبل إطلاق كؤوس العالم، يدعى آرتور فريدنريتش ولقبه (ملك الفوتبول)، ومنهم أيضًا الإيطالي جوزيبي ميانزا هداف إنتر ميلان فترة الثلاثينيات والذي يحمل ملعبهم اسمه حتى اليوم، والأرجنتيني غوايرمو ستابيل هداف أول بطولة كأس عالم عام 1930، والبرازيلي ليونداس هداف مونديال عام 1938، إضافةً إلى النمساوي – التشيكي – جوزيف بيكان صاحب أعلى معدل تهديفي في تاريخ الكرة.
أما خلال حقبة الأربعينيات وأوائل الخمسينيات فبرز اسم الإسباني تيلمو زارا هداف الليغا التاريخي، والبرازيلي آدمير هداف مونديال عام 1950، والمجري ساندرو كوشيش هداف مونديال 1954، والإيطالي جيانبيرو بونابيرتي هداف يوفنتوس التاريخي، وشريكه الأرجنتيني – الإيطالي – عمر سيفوري، إضافةً إلى نجم عربي كبير يجهله الكثيرون، هو المغربي العربي بن مبارك، الذي قاد فريقه أتليتكو مدريد للفوز ببطولتي ليغا متتاليتين عامي 1950 و1951.
وفي الخمسينيات أيضًا برز ثنائي ريال مدريد المرعب الذي قاده لاكتساح أوروبا أواخر فترة الخمسينيات وبداية الستينيات، وهو مكون من الأسطورة الأرجنتينية – الإسبانية – ألفريدو دي ستيفانو، والمدفعجي المجري فريدريك بوشكاش، كما صعد نجم الفرنسي جوست فونتين الذي سجل 13 هدفًا في مونديال عام 1958، وهي ذات النسخة التي شهدت ظهور أسطورة الأساطير وجوهرة الكرة السوداء البرازيلي بيليه، الذي قاد منتخب بلاده لحمل كأس العالم حينها وهو ابن 18 عامًا، واستمر في نثر إبداعاته طيلة فترة الستينيات التي اختتمها بحمل الكأس العالمية مرة جديدة عام 1970، وواكبه من النجوم في نفس الحقبة البرتغالي الرائع أوزيبيو هداف مونديال 1966، وأسطورة مانشستر يونايتد الإسكتلندي دينيس لو، إضافةً إلى الإنجليزي جيف هيرست الذي قاد منتخب بلاده لحمل لقب نفس النسخة، بتسجيله الهاتريك الوحيد في تاريخ المباريات النهائية للمونديال أمام منتخب ألمانيا.
وفي السبعينيات ظهر اسم الأرجنتيني ماريو كمبس هداف مونديال عام 1978، والإنجليزي الشهير كيغن كيغان، وماكينة الأهداف الألمانية جيرد موللر، وخليفته كارل هانس رومينيغيه، الذي استمر حتى مطلع الثمانينيات، حيث لمع نجم الإيطالي باولو روسي هداف مونديال 1982، والويلزي أيان راش هداف ليفربول التاريخي، والإنجليزي غاري لينيكر هداف مونديال عام 1986، وهو ذات المونديال الذي كان شاهدًا على توهج الأسطورة الأرجنتينية الخالدة دييغو أرماندو مارادونا، الذي يُعد أفضل من داعب المستديرة عبر تاريخها الطويل.
وفي أواخر الثمانينيات برزت أسماء رائعةٌ كالهولندي ماركو فان باستن، الفرنسي إيريك كانتونا، الإسباني إيميليو بوتراغينيو، المكسيكي هوغو سانشيز، والإيطالي سلفاتوري سكيلاتشي هداف مونديال عام 1990، كما شهدت الفترة ذاتها بروز عدة نجوم أفارقة يتقدمهم الليبيري جورج وياه، والكاميروني روجيه ميلا، إضافةً لنجمنا العربي الجزائري الرائع رابح مادجر، صاحب هدف الكعب الشهير الذي قاد به ناديه بورتو لحمل كأس الأبطال الأوروبي.
أما في التسعينيات فصعد نجم ثنائي برشلونة الممتاز المكون من البرازيلي روماريو والبلغاري خريستو ستويشكوف، وكذلك الأرجنتيني غابرييل باتيستوتا الملقب بباتي جول، والكرواتي دافور سوكر هداف مونديال عام 1998، إضافةً إلى أسماء أخرى كالإنجليزي ألان شيرر، الألماني يورجن كلينسمان، الهولندي دينيس بيركامب، والتشيلي الطائر إيفان زامورانو.
وشهد مطلع الألفية الجديدة ولادة نجم لقب بالظاهرة هو البرازيلي الفذ رونالدو، وبرزت معه مجموعةٌ من الثنائيات الهجومية الرائعة، كالفرنسيين تيري هنري ودافيد تريزيغيه، الإسبانيين راؤول غونزاليس وفيرناندو مورينتس، الهولنديين رود فان نيستلروي وباتريك كلويفرت، والإيطاليين أليساندرو ديل بييرو وكريستيان فييري، إضافةً إلى أسماء أخرى كالأوكراني أندريه شيفشينكو، الأرجنتيني هرنان كريسبو، الإنجليزي مايكل أوين، الفرنسي نيكولا أنيلكا، والتركي هاكان سوكور.
وفي السنوات الأخيرة، برز نجومٌ كالإسباني دافيد فيا، العاجي ديديه دروغبا، الأورغوياني دييغو فورلان، الألماني ميروسلاف كلوزة، الإيطالي لوكا توني، الهولندي روبن فان بيرسي، والأرجنتيني كارلوس تيفيز، لم يمنعهم تقدم سنهم من الحفاظ على توهجهم وصداقتهم للشباك حتى ماض قريب.
لائحة العشرة الأفضل اليوم
ليونيل ميسي (الأرجنتين – برشلونة): أسطورة الأرجنتين الحية وأشهر من أن يُعرف، قاد البارسا لثلاثية تاريخية الموسم الماضي بتسجيله عشرة أهداف في الشامبيونز ليغ، و43 هدفًا في الليغا الإسبانية، التي انفرد بلقب هدافها التاريخي على مر العصور.
كريستيانو رونالدو (البرتغال – ريـال مدريد): هداف الهدافين، توج بلقب هداف الليغا برصيد 48 هدفًا، وهداف الشامبيونز ليغ – مع ميسي ونيمار – برصيد عشرة أهداف، وأضاف إلى رصيده عشرة أهداف هذا الموسم، ليصبح الهداف التاريخي للميرينغي عبر العصور.
سيرخيو أغويرو (الأرجنتين – مانشستر سيتي): برصيد 26 هدفًا مع فريقه السماوي، تربع الـ(كون) على عرش هدافي البريمير ليغ الموسم الماضي، وتابع تألقه الموسم الحالي بإحرازه ستة أهداف لغاية الأسبوع الثامن، مثبتًا أنه هدافٌ من العيار الثقيل.
نيمار داسيلفا (البرازيل – برشلونة): برصيد 22 هدفًا في الليغا، وعشرةً في الشامبيونز ليغ، أنهى الساحر البرازيلي موسمه الرائع متوجًا بثلاثية تاريخية مع البارسا، بعد أن قدم من الروائع ما وضعه في خانة مشاريع أساطير المستقبل، على خطى أسلافه من سحرة السامبا.
لويس سواريز (الأورغواي – برشلونة): رغم غيابه عن مطلع الموسم الماضي بسبب عقوبة الفيفا، استطاع (العضاض) اقتحام ساحة التألق بقوة، بتسجيله 16 هدفًا في الليغا، وسبعةً في الشامبيونزليغ، ليصبح الضلع الثالث في مثلث البلوغرانا الهجومي المرعب.
زلاتان إبراهيموفيتش (السويد – ب س ج): لم تمنع الأعوام الـ34 السلطان السويدي من ممارسة هوايته في صيد الشباك، فسجل 31 هدفًا – منها 19 في الدوري – مع ناديه الباريسي في الموسم الماضي، قاده بها إلى إحراز ثلاثية محلية نادرة.
روبرت ليفاندوفسكي (بولندا – بايرن ميونيخ): من أفضل مهاجمي الصندوق في الوقت الحالي، حقق لقب البوندسليغا مع البايرن الموسم الماضي محرزًا 17 هدفًا، وتابع تألقه اللافت هذا الموسم بتسجيله عشرة أهداف خلال ست مباريات فقط.
كريم بن زيمة (فرنسا – ريـال مدريد): عندما يكون القط الفرنسي – جزائري الأصل – في يومه فلا أحد يوقفه، أحرز 15 هدفًا في ليغا الموسم الماضي، إضافةً إلى 11 صناعة هدف (أسيست)، كما حافظ على مكانه في هجوم الميرينغي مع رافا بينيتيز هذا الموسم.
دييغو كوستا (إسبانيا – تشيلسي): أحد أسرار تألق البلوز وفوزهم بلقبي الدوري والرابطة الموسم الماضي، الذي أحرز خلاله 20 هدفًا جعلته هداف فريقه وثالث هدافي البريمير ليغ، ولكنه حُرم من لعب جل مباريات هذا الموسم، تارةً بسبب الإصابات، وتارةً نتيجة للعقوبات.
واين روني (إنجلترا – مانشستر يونايتد): رغم تراجع معدلاته التهديفية (12 هدفًا في الدوري) نتيجة توظيفه كصانع ألعاب في أغلب مباريات الموسم الماضي، يبقى الـفتى الذهبي واحدًا من أبرز مهاجمي عصره، وأحد أهم الأساطين الذين أنجبتهم الكرة الإنجليزية.
آخرون على لائحة التألق
إضافةً إلى من تم ذكرهم في لائحة العشرة الأفضل، حفلت المواسم الأخيرة الماضية بالعديد من الأسماء المتألقة على صعيد الهدافين، نذكر منها: الأورغوياني أديسون كافاني، الأرجنتيني غونزالو هيغواين، البوسني إدين دجيكو، البرازيلي هالك، والكولومبيان راداميل فالكاو وجاكسون مارتينيز، إضافةً إلى عدد من الوجوه الواعدة كالإسباني ألفارو موراتا، الإنجليزي هاري كين، البلجيكي روميلو لوكاكو، الفرنسي أنتوني مارتيال، والأرجنتينيين ماورو إيكاردي وباولو ديبالا.
أما على صعيد هدافينا العرب، فماتزال الملاعب الأوروبية شاهدةً على تألق عدد منهم، كالمغربي المخضرم مروان الشماخ لاعب كريستال بالاس، والجزائري الممتاز إسلام سليماني نجم سبورتينغ لشبونة، ومواطنه الواعد رياض محرز الذي سجل بدايةً رائعةً مع ناديه ليستر سيتي هذا الموسم.