كثير من المدخنين ينتهي بهم المطاف ليطوروا نوعًا من مشاكل الرئة، ولكن قلة محظوظة منهم يبدون وكأنهم يجدون مهربًا دائمًا للابتعاد عن هذا المصير.
لا بد وأن يكون الجميع قد سمع بقصة أو اثنتين من قصص الأشخاص المدخنين الذين عاشوا لفترة طويلة للغاية دون أن يصابوا بأي نوع من أمراض الرئة، فمثلًا “لورنا جوبي”، وهي امرأة معمرة من مدينة جلوسيسترشاير في المملكة المتحدة، تدعي بأنها قامت بتدخين ما لا يقل عن نصف مليون سيجارة خلال حياتها، وفقًا لصحيفة التلغراف Telegraph، حيث احتفلت جوبي بعيد ميلادها الـ100 مع كوب من الويسكي والسجائر.
ولكن كيف تمكن هؤلاء الأشخاص من فعل ذلك؟ تبعًا لدراسة جديدة، فإن الجواب يكمن في جيناتهم.
قام باحثون من جامعة نوتنجهام وجامعة ليستر بالبحث في الكيفية التي يتمكن من خلالها الأشخاص الذين اعتادوا على التدخين منذ فترة طويلة من الحفاظ على صحة جيدة في شيخوختهم، وبعد النظر في بيانات أكثر من 50.000 شخص، لاحظ الباحثون وجود اختلافات جينية بين المدخنين الذين يمتلكون رئتين صحيحتين وبين غير المدخنين الذين يعانون من مشاكل في الرئة.
ركزت الدارسة التي تم نشرها في 28 سبتمبر في مجلة Lancet Respiratory Medicine، بشكل خاص على مرض الانسداد الرئوي المزمن COPD، والذي هو عبارة عن مجموعة من أمراض الرئة بما في ذلك التهاب الشعب الهوائية المزمن وانتفاخ الرئة، وقد اكتشف الباحثون جزءًا من الحمض النووي يقلل من مخاطر الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن، حيث تبين بأن المدخنين الذين يمتلكون جزيء الـDNA المحدد هذا، كانوا يمتلكون طفرات مواتية تساعد في عدم تطويرهم لهذا المرض، في حين كان الأشخاص الآخرين من غير المدخنين والذين كانوا يمتلكون لهذا الحمض نووي أكثر عرضة للإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن، وبالإضافة إلى ذلك، فقد وجد الباحثون بعض الاختلافات الوراثية في الطريقة التي يتأثر فيها المدخنون من إدمانهم للتبغ.
جاءت نتائج الدراسة مماثلة لأبحاث سابقة جرت ضمن ذات الموضوع، فهي توحي بأن المدخنين الذين يعيشون حياة أطول من المتوسط قد يمتلكون جينات تساعدهم على البقاء، ولكن هذا البحث لا يعني بأنه من المسموح أن يقوم الأشخاص باعتناق المخاطرة والمباشرة بالتدخين، فعدم التدخين لا يزال الخيار الأفضل للحفاظ على الرئتين بحالتهما السليمة، ولكن ما يقدمه هذا البحث هو إمكانية “وجود هدف محتمل للتدخل العلاجي”، والذي يمكن أن يؤدي يومًا ما إلى تحقيق كشوفات علمية في إيجاد العلاج وطرق أكثر استهدافًا للمساعدة على الإقلاع عن التدخين.