لماذا تريد مصر حجب سكايب ووسائل الاتصال الشبكية؟

skye_viber_whats

تدوال نشطاء مصريون خبرًا عن قرار ستصدره السلطات المصرية قريبًا يقوم بمقتضاه الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بحظر المكالمات الصوتية لعدة تطبيقات أهمها Skype وWhatsApp وViber وفيسبوك ماسنجر على شبكات الإنترنت 3G والإنترنت المنزلي الثابت.

إذ توقفت فجأة وبدون سابق إنذار خدمات برنامج Skype عند بعض المستخدمين في مصر، وهو الأمر الذي دفعهم إلى تقديم شكوى للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والذي رفض بدوره تسجيل شكواهم، حيث أكد لهم أن هذا القرار صدر بحجب المكالمات الصوتية على البرامج الشبكية كافة وسيتم تنفيذه تباعًا خلال الفتره القادمة على كافة الشبكات.

الأمر لم يتم تعميمه حتى هذه اللحظة، حيث أكد بعض المستخدمين في مصر أنهم اتصلوا بخدمة العملاء بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بعد انقطاع الخدمات الصوتية على هذه البرامج، حيث أكد موظفو خدمة العملاء أن هذا الانقطاع بأمر من رئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، ولم يتم تعميمه على جميع الهواتف الذكية في مصر حتى الآن.

وفي غياب التصريحات الحكومية لم يتم تحديد مدى مصداقية تعميم هذا الأمر، إذ لم تقم الجهات المعنية بإصدار أي بيانات رسمية عن حقيقة الأمر، لكن الواقع بالفعل يقول إن هذه الخدمات قد حُجبت عن أكثر من مستخدم في مصر لأسباب مجهولة حتى هذه اللحظة.

هذه البرامج المتحدث عنها تعد من أشهر التطبيقات المجانية التي تسمح لمستخدميها بإجراء مكالمات الفيديو والمكالمات الصوتية مجانًا، كما تسمح لهم بالتواصل عن طريق المحادثات الكتابية بالمجان، ولكن فقط يلزم وجود خدمة إنترنت لإجراء هذه المكالمات المجانية، حيث تستخدم هذه البرامج خاصية VOIP ولا يمكن حجبها إلا من خلال وزارة الاتصالات المصرية التي تتحكم في خدمات الإنترنت في مصر.

بعض المدافعين عن القرار أرجعوا أسبابه إلى أن هذه البرامج تمثل خطرًا على الأمن القومي المصري حيث تسمح – على حد قولهم – بتمرير مكالمات دولية تُستخدم في أغراض الإرهاب والتجسس، بينما قابل الأكثرية من المستخدمين هذه الادعاءات بالسخرية وأكدوا أن السبب الحقيقي وراء هذه الخطوة هو سبب اقتصادي بحت اتخذ لصالح شركات الاتصالات التي فقدت القدرة على التكسب من المكالمات الدولية بعد أن سهلت هذه التطبيقات المكالمات المجانية، لا سيما شركة المصرية للاتصالات التابعة للحكومة المصرية.

تفاعل مواقع التواصل الاجتماعي مع الخبر

وعقب انتشار هذه الأخبار بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي تصدر هاشتاج “#انقذوا_الانترنت” المواقع الاجتماعية لانتقاد هذا القرار، وقد أشار البعض في تدويناته إلى أن مثل هذا القرار يعود بالضرر الأول على المغتربين خارج مصر وأهاليهم بالداخل الذين يستخدمون هذه التطبيقات المجانية للاطمئنان على ذويهم بالصوت والصورة مجانًا.

فيما أرجع آخر القرار لرغبة السلطات المصرية في حجب وسائل تلقي المعلومات عن الشعب لتغييبه على حد وصفه.

أما مغرد آخر فقد رأى أن هناك حجج كثيرة لإلغاء وسائل الاتصالات الحديثة بينما تترك الدولة المصرية المواقع الإباحية في متناول الجميع.

كما أرجع الناشط أنس حسن هذا الأمر إلى رغبة لدى الرئيس السيسي في غلق مواقع التواصل الاجتماعي، وقد استشهد بخروج موالين كُثر للسلطة يتحدثون عن أخطارها وضرورة غلقها في الحال، وقد أضاف أن مهاجمة وزارة الاتصالات في مثل هذا القرار ليس صحيحًا لأنها تعليمات من الرئاسة، وقد رأى أن مصر بهذه الخطوات تحذو حذو كوريا الشمالية.

هذا وقدر حذر بعض المغردين بطريقة ساخرة الحكومة المصرية من عواقب مثل هذا الأمر، إذ تنبأ بعضهم باندلاع ثورة في حال إغلاق كل هذه التطبيقات.

هذا وقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعية منشورات توضح بعض الطرق والوسائل لفك حجب البرامج الاجتماعية الخاصة بالاتصال عبر الإنترنت.

النظام في مصر يُعادي وسائل الاتصال الحديثة

هذه الخطوات لا يمكن بأي حال من الأحوال فصلها عن أحاديث النظام التي تُعادي وسائل التواصل الاجتماعي دائمًا باعتبارها تقود مؤامرة على الدولة، إذ يعتقد القائمون على الحكم في مصر والموالون لهم أن ثمة مؤامرات تحاك بالنظام عن طريق مواقع اجتماعية كـ “فيس بوك”، “تويتر” وغيرها.

وقد صرح مسؤولون بالنظام في أكثر من موطن بهذه الهواجس باعتبارها حقائق لا تقبل النقاش، بداية من الرئيس الحالي الجنرال عبدالفتاح السيسي الذي لم يكف عن استخدام مصطلح حروب الجيل الرابع والخامس التي تغزو مصر ويجب التصدي لها، وصولًا إلى وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم الذي تحدث في مؤتمر له عن مهارة استخدام أعضاء جماعة الإخوان المسلمين لوسائل التواصل الاجتماعي.

ويفُسر هذا الاعتقاد دعوات عدة تخرج من سياسيين وإعلاميين موالين للنظام المصري يرددون نفس الجمل الكلامية التي تحذر مما أسموه “انطلاق حروب الجيل الرابع”، فيخرج البعض منهم عقب كل حادثة في مصر ويُعزيها إلى هذا السبب تارة، وتارة أخرى يرجعها إلى شفرات سرية تطلقها دمية إعلانات، مما يؤكد أن الحديث عن قرار حظر برامج الاتصال الحديثة ليس بعيدًا عن هذا التوجه الذي يخوض فيه النظام وأتباعه.

استحالة عملية الحجب التام

بالرغم من  وجود مئات الدراسات والتجارب العملية التي أثبتت استحالة فرض حظر على استخدامات الإنترنت، ولكن السلطات المصرية قررت إجراء محاولة أخرى لمنع المكالمات الصوتية عبر الشبكة الدولية.

حيث يستخدم الملايين من الأفراد والشركات هذه البرامج المتوفرة لإجراء الاتصالات الصوتية والمرئية وتبادل الرسائل النصية والملفات بين المستخدمين بطريقة مجانية ومن الصعب العودة إلى الخدمات مدفوعة الأجر، وسيعمل بعضهم على إيجاد طرق تحايل لتجاوز هذا الحظر، فيما يبقى التساؤل عن قدرة الحكومة المصرية على إجراء تعميم هذا الحجب تكنولوجيًا، وإذا ما كانت أهدافه اقتصادية صرفة أم أن للأمر أبعادًا سياسية أخرى.