يحدث أحيانًا أن تمل كل شيء فتقرر مشاهدة فيلم سواء كنت مواظبًا على المتابعة، أو كنت من المقلين، يحدث أيضًا أن تمل متابعة الأفلام الأجنبية “الأمريكية” تحديدًا، فبعد كل هذه السنين بات ما يعرض مكررًا، على الرغم من كون السينما تجارة ناجحة والآلاف من الأفلام تصدر سنويًا، إلا أن ما يصلنا منها في القنوات الفضائية يُعد “ضئيلاً” كمًا ونوعًا؛ والنتيجة مجموعة من الأفلام التجارية التي تتنافس المحطات على تكرارها، يحدث هذا لي أحيانا وعندها أقرر أن أعطي الأفلام العربية فرصة.
لا يخفى على أحد أن السينما العربية متأخرة وأن نوعية الأفلام التي تعرض فيها لا ترقى لمستوى أغلب المشاهدين فهي: إما فارغة من القصة والفكرة والإبداع مليئة بالأغاني و الرقصات المبتذلة، أو أن تكون نسخة سخيفة مقلدة عن فيلم أجنبي شهير وفي الحالتين أفضل أن أشاهد على التلفاز وهو مطفئ بدل أن أضيع وقتي بهذه النوعيات، لكن ولحسن الحظ، لا يزال هناك أفلامًا عربية تستحق المشاهدة، لا قياسًا بالأفلام العربية فقط، بل قياسًا بأي فيلم عالمي جيد، أذكر لكم خمسة من أجمل الأفلام العربية التي أُنتجت في القرن الواحد والعشرين، والتي أسعفني الحظ بمشاهدتها.
“وهي حال البلد دي عاجبة مين”!
5- فيلم “ساعة ونص”
للمخرج وائل إحسان والكاتب أحمد عبدالله، صدر في 2012، فيلم درامي اجتماعي يحكي قصة مجموعة من المسافرين في قطار العياط، في الرحلة التي كان من المفترض أن تستغرق ساعة ونصف، يتميز الفيلم بغزارة الأحداث في كل مشهد وسلاسة الانتقال ما بين قصص الشخصيات التي تمثل كل واحدة منها مشكلة اجتماعية مختلفة تتعرض لها شريحة في المجتمع المصري.
ينتهي الفيلم نهاية مأساوية مكملة لقصص ابطال الفيلم التي تبلغ مشاكلهم الذروة لتبقى وتيرة الفيلم تتصاعد وتحتد إلى أن تأتي النهاية كلحظة الانفجار بعد كل ذلك التوتر، حصل الفيلم على آراء نقدية جيدة، ونجح في شباك التذاكر ككل أفلام السبكي.
“من النهاردة مفيش حكومة .. أنا الحكومة”
4- فيلم “الجزيرة”
فيلم ملحمي مقتبس عن قصة حقيقية للمخرج شريف عرفة والكاتب محمد دياب، صدر في 2007، الفيلم مقتبس عن قصة حقيقية لتاجر مخدرات كبير في الصعيد المصري الذي كان قد أعلن انفصال “الجزيرة” عن الحكومة ونصب نفسه “إمبراطورًا” عليها.
يتناول الفيلم مواضيع عدة من الصراع على السلطة، إلى التعاون الخفي بين قوى الفساد وبعض السلطات الحكومية، لمواضيع اجتماعية كقضايا الثأر والخيانة، نجح الفيلم كفيلم ملحمي تتبع مسيرة “منصور” في السيطرة على الجزيرة وإخضاع كل من فيها لقوانينه والتجارة بالحشيش، إلى أن يصل هذه الجزيرة ضابط شرطة جديد يقلب الموازين، في صراع بين الخير والشر تتخلله الكثير من المواقف التي قد تبعثر الأوراق فيصعب تمييز طرفي الصراع عن بعضهما في إطار من الأكشن والرومانسية أحيانًا تتوالى أحداث الفيلم برشاقة.
رشح “الجزيرة” للمشاركة في المنافسات المبدئية لجائزة الأوسكار لأحسن فيلم أجنبي 2007، وحصد نجاح جماهيريًا واسعًا.
“أنتوا عاملين نفسكم مبسوطين”
3- فيلم “عسل أسود”
للمخرج خالد مرعي والمؤلف خالد دياب، صدر 2010، فيلم اجتماعي كوميدي يتناول قصة شاب مصري يعيش في أمريكا يقرر العودة إليها بعد أن سئم الغربة، يتعرض للعديد من المفارقات المضحكة إلا أن الأمور تنقلب ضده عندما يفقد جواز سفره الأمريكي، فتتغير معاملة الجميع له، يصطدم بواقع أن الصورة التي كان قد وضعها في مخيلته عن بلده لا تتعدى حلمًا ورديًا.
يخوض “مصري” رحلة طويلة من أجل استعادته لجوازه الأمريكي والحصول على موافقة سفر، يتعرف في هذه الرحلة على وطنه بمحاسنه و مساوئه ويبدأ بالتكيف ويرى بعد كل هذا أنه لن يستطيع أن يتركه ويرحل بهذه السهولة، تباينت آراء النقاد حول الفيلم وأُثير الكثير من الجدل حوله إلا أن الإيرادات حطمت شباك التذاكر.
“أنا لما أموت، هموت من المرض اللي عندكم أنتم”
2- فيلم “أسماء”
فيلم للمخرج والكاتب عمرو سلامة، صدر 2011، فيلم درامي يتناول قصة سيدة تحاول أن تتعايش مع المجتمع في ظل تعايشها مع مرض الإيدز، تسير حياة أسماء طبيعية دون أن يعلم أحد أنها مريضة، إلى أن تحتاج لإجراء عملية “المرارة ” ويعلم الأطباء بمرضها فيرفضون إجراء العلمية.
يبدأ صراع أسماء ما بين كشف الحقيقة للجميع وإجراء العملية أو السكوت والموت المحتم، مشاهد الفيلم مقطعة لمشاهد في حاضر أسماء وفي ماضيها فنتابع قصتين معًا، لتأتي آخر عشر دقائق من الفيلم فيتضح كل شيء في القصتين، الفيلم ذو بعد إنساني عميق يتعدى حالة أسماء أو المصابين بالمرض، ليشمل كل منا؛ خوفنا الدائم من اصطدامنا مع المجتمع، وإلى أي مدى يمكن أن نذهب على حساب أنفسنا من إجل إرضاء الآخرين.
في الوقت نفسه يضع فكرة حاجة المجتمع للحكم على الآخر، آخذًا دور الحاكم والجلاد ضد كل من يراه مختلفًا أو أضعف من أن يدافع عن نفسه، يمكن أن نتلمس جوانب الإبداع في أكثر من موضع في الفيلم بعيدًا عن الأفكار، فالسيناريو قوي جدًا وواقعي وكذلك الإخراج الذي يحسب له خلق بيئتين مختلفتين تمثلان حاضر وماضي الشخصية الأساسية، فنرى تغيرًا في حدة الألوان والإضاءة، كذلك أن الموسيقى التصويرية التي نفذها “هاني عادل” للفيلم متميزة جاءت كمساند للأحداث وملخصًا لكل المشاعر التي عرضها.
الفيلم مقتبس عن قصة حقيقية إلا أن مصير أسماء في الفيلم كان أفضل من مصير السيدة الحقيقية، شارك الفيلم في الكثير من المهرجانات ونال استحسان النقاد وحصل على 19 جائزة دولية ومحلية .
“السؤال، عمرك شفت سفالة أكتر من كده؟”
1- فيلم “معالي الوزير”
كان لا بد أن تكون المرتبة الأولى من نصيب فيلم الراحل أحمد زكي، تأليف وحيد حامد وإخراج سمير سيف، أصدر سنة 2002، معالي الوزير فيلم درامي ساخر يحكي قصة وزير يعاني من حالة نفسية تسبب له الأرق والكوابيس، يذهب الوزير في أجازة يقرر فيها أن يحكي كل أحداث حياته لمساعده الشخصي كي يذهب بدلاً عنه إلى طبيب نفسي.
نتعرف على قصة حياة الوزير وكيف وصل إلى منصبه من خلال الكوابيس التي يراها والأحداث التي يرويها للمساعد، بعد أن ينهي سرد الأحداث يدرك أنه ربما وضع منصبه وسمعته على المحك وأنه ربما قد تسرع بهذه الخطوة.
إضافة للسيناريو العبقري والإخراج، الموسيقى التصويرية للفيلم فخمة تعكس فخامة منصب الوزير، وفي نفس الوقت تتخللها إيقاعات ساخرة تناسب حقيقة هذا الوزير والظروف التي يمر بها، يشاع أن الفيلم مقتبس عن قصة حقيقية الأمر الذي نفاه مؤلف الفيلم، حقق الفيلم نجاحًا جماهيريًا كبيرًا ونال استحسان النقاد، كما حاز على جائزة أفضل فيلم في مهرجان القاهرة السينمائي 2002.