المستوطنون اليهود هم صاعق التفجير لانتفاضة الضفة الغربية، إنهم يستفزون الشباب الفلسطيني على مدار اللحظة، ويستنفرون فيهم حميتهم الوطنية، ليصاب بالشذوذ السياسي كل فلسطيني لا يغضب، ويصاب بالبلاهة السياسية كل فلسطيني يدعو بحسن نية إلى التهدئة، ويصاب بوطنيته المشروخة كل سياسي فلسطيني يدعي الحرص على الوطن، فيدعو إلى عدم الانجرار إلى المخطط الصهيوني، الذي يهدف إلى فك العزلة الدولية عن إسرائيل.
إن وجود المستوطنين اليهود على أرض الضفة الغربية هو الأصل في المعاناة، وهم أداة التفجير، وكل دعوة للتهدئة دون معالجة أصل المعاناة هي دعوة باطلة، والمعالجة هنا لا تأتي من خلال المناشدة الدولية بوقف الاستيطان، ولا تأتي من خلال اشتراط وقف الاستيطان لاستئناف المفاوضات، المعالجة تأتي من خلال قلقة أمن المستوطنين، والتنغيص على مستقبلهم المتأنق فوق أرض الضفة الغربية، ولا يتم ذلك إلا من خلال المواجهات اليومية بكافة أشكالها، وهذا ما جاء في البيان الصادر عن القوى الوطنية والإسلامية في مدينة رام الله.
إن وجود المستوطنين على أرض الضفة الغربية حقيقة قائمة تجعل كل نداء يصدر عن القيادة الفلسطينية بعدم التصعيد بمثابة صرخة في البراري السياسية، لا صدى لها في قلوب وعقول الشباب الفلسطيني، لأن كرامتهم الوطنية، وحقوقهم السياسية مهانة تحت حراب المستوطنين اليهود الذين زاد عددهم في السنوات العشر الأخيرة من 180 ألف مستوطن إلى أكثر من 700 ألف مستوطن، وفق آخر الإحصائيات الرسمية، وهؤلاء الصهاينة وهم رأس الحربة في المواجهة الميدانية، إذ لا يمكن إغماض العين عن وجودهم، بعد أن مكنتهم اتفاقية أوسلو من السيطرة على 62% من أراضي الضفة الغربية.
ثورة الغضب الفلسطينية التي تعبئ شوارع وحارات الضفة الغربية ستتواصل وتتصاعد رغم أنف الجميع، وتجئ تحت عنوان الحرية للإنسان الذي كبلته الاتفاقيات المهانة، والحرية للأرض التي أسهمت الاتفاقيات نفسها في تسربها من يد صاحبها الفلسطيني إلى يد مغتصبها اليهودي، لذلك فإن ثورة الغضب الفلسطينية الراهنة ستكون أقسى وأشد من انتفاضة الحجارة ومن انتفاضة الأقصى، وستعالج أخطاء الانتفاضتين السابقتين، ولن تسمح لأصحاب التجارب المهيضة باعتلاء صهوتها، كما حدث سابقًا، وخير دليل على ذلك هو التعارض بين البيان الصادر عن الرئاسة الفلسطينية التي طالبت بالتهدئة، والبيان الصادر عن القوى الوطنية والإسلامية الذي طالب بالتصعيد، والانطلاق بالمظاهرات من أمام مخيم قلنديا يوم الثلاثاء.
لقد استجابت الجماهير الفلسطينية بقضها وقضيضها لنداء القيادة الوطنية والإسلامية، وخرجت في مسيرات ومواجهات جابت كل مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، في رسالة ميدانية لها مدلولها السياسي، ولها تداعياتها القيادية.
ملاحظة: يهدد قادة الصهاينة باقتحام مدن الضفة الغربية، والقيام بعملية السور الواقي رقم 2، وهذا تهديد أجوف وفارغ المضمنون.
لماذا؟
لأن عملية السور الواقي رقم 1 لم تنته بعد، إنها قائمة منذ سنة 2002 حتى يومنا هذا، وقد ظلت قائمة حين كان أبو عمار محاصرًا في المقاطعة حتى سنة 2004، وظلت قائمة مع وجود 600 حاجز صهيوني بين مدن الضفة الغربية حتى وقت قريب، وهي قائمة من خلال محاصرة الجيش الإسرائيلي للمستشفى العربي نابلس قبل يومين، واقتحامه بقوة السلاح، واعتقال جريحًا فلسطينيًا تحت سمع وبصر ومراقبة وصمت الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
فلماذا يحاول بعض قادتنا التاريخيين إخافتنا من عملية السور الواقي رقم 2؟!