في إبريل/نيسان من العام الماضي احتفل المستثمرون الإسرائيليون اكتشاف سلطات الاحتلال الاسرائيلي حقل نفط كبيرا بالضفة الغربية، بل وشرع الاحتلال حينها باستخراجه بعيدا عن السلطة الفلسطينية وفي تجاهل لكون هذا البترول واقعا في الأراضي الفلسطينية.
وقالت الحكومة الفلسطينية وقتها أن اسرائيل بدأت باستخراج البترول والغاز من منطقة رنتيس في محيط رام الله ، تلك المنطقة الواقعة قرب خط الهدنة لعام 1948، مشيرا الى انها بدأت البيع من الحقل النفطي الذي اطلق عليه اسم ‘مجد5’ ما بين العامين الماضيين.
الشركة الإسرائيلية “جيفوت أولام” التي نقبت عن النفط في تلك المنطقة لم تخف أرباحها، بل وأعلنت أن تلك الأرباح تجاوزت ٤٠ مليون دولار خلال العامين الماضيين من الموقع “مجد”
وقُدر حجم الاحتياطي النفطي من بئر البترول المكتشف بمليار ونصف المليار برميل بالإضافة إلى 182 مليار قدم مكعب من الغاز. وأكد ماهر غنيم وزير شئون الجدار والاستيطان في السلطة الفلسطينية حينها أن الحقل البترولي معظمه يتواجد تحت الارض الفلسطينية المحتلة عام 1967
إلا أن المستثمرين الإسرائيليين لديهم سبب جديد للاحتفال، مع إعلان دولة الاحتلال عن أنها غالبا ما ستنضم قريبا للدول المنتجة للبترول، وإعلان الشركة المستكشفة عن أن حقل “مجد” يضم احتياطات نفطية تزيد عل ثلاثة مليار ونص البرميل، وهو ما يجاوز سُبع ما تمتلكه دولة مثل قطر من النفط.
التوقعات بالزيادة الهائلة في أرباح دولة الاحتلال من التنقيب في “مجد” تأتي مباشرة بعد إصدار البنك الدولي تقريرا يتهم فيه إسرائيل بتدمير أي فرصة للدولة الفلسطينية المستقبلية في رخاء اقتصادي.
طبقا للبنك الدولي، فالاحتلال الإسرائيلي يمنع الفلسطينيين من استغلال مواردهم الطبيعية الأساسية، إما بسرقتها لدولة الاحتلال، أو بجعلها غير قابلة للاستغلال بواسطة الفلسطينيين عبر التضييق وبطرق مثل تحويل مناطق الموارد الطبيعية إلى مناطق عسكرية تابعة للاحتلال.
يركز تقرير البنك الدولي على المنطقة المعروفة بالمنطقة ج (C) بحسب اتفاقات أوسلو، حيث أنها مخصصة للفلسطينيين إلا أنها ما تزال خاضعة للسيطرة الكاملة من الاحتلال الاسرائيلي، بل وأنشأت فيها سلطات الاحتلال أكثر من ٢٠٠ مستوطنة جديدة.
في المنطقة ج، التي تشغل أكثر من ثلثي مساحة الضفة الغربية، تقع معظم موارد الفلسطينيين الطبيعية، بما فيها الأراضي الصالحة للزراعة والتنمية، مصادر المياه، معادن البحر الميت، وأخيرا وليس آخرا مواقع أثرية وسياحية.
نفتالي بينيت، الذي يشغل موقع وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي كرر أكثر من مرة تصريحات مطالبة بضم المنطقة ج رسميا إلى إسرائيل
تقرير البنك الدولي يؤكد أن السلطة الفلسطينية بإمكانها زيادة دخلها بأكثر من ٣.٤ مليار دولار سنويا لو حصلت على السيطرة الكاملة على المنطقة ج، هذا الرقم لا يتضمن أرباح بئر “مجد” النفطي!
اسرائيل بدأت عمليات التنقيب عن النفط بالاراضي الفلسطينية منذ عام 1992 وحفرت عدة ابار للكشف عن البترول في المنطقة الحدودية مع الفلسطينيين، ومن المعروف أنه عند التنقيب في المناطق الحدودية، فإنه يجب استئذان الدول ذات الحدود المشتركة.
وحسب تقرير صدر عن وزارة شئون الجدار والاستيطان الفلسطينية وقت الكشف عن البئر فإن الحقل “يمتد بنحو 20 كيلو متر فى أراضى الضفة الغربية شرقا و15 كيلو متر جنوبا”.
فى وقت سابق، طلب الرئيس الفلسطينى محمود عباس من الإدارة الأمريكية الضغط على إسرائيل لترفع يدها عن الموارد الطبيعية الفلسطينية، وأبرزها الغاز فى البحر المتوسط، والبترول فى الضفة الغربية.
هذا بالإضافة لاكتشاف حقل (مارين) الذي يقع على بعد حوالي 30كم من شاطئ مدينة غزة والتي تحتوي على حوالي 1 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
وتشير المعلومات أن حجم حقل “غزة مارين” يبلغ نحو 1 تريليون قدم مكعب من الاحتياطي المؤكد للغاز، مما يكفي لتوفير الوقود الملائم لمحطة كهرباء غزة، ويوفر استيراد الوقود من اسرائيل، او حجب الطاقة عن غزة كلما ارتأت اسرائيل ذلك ناهيك عن كلفة استيراد الوقود عبر الشركات الاسرائيلية. ومن المؤكد ايضا، ان مصادر غازية اخرى تتواجد في المياه الفلسطينية إلا أنّ “اسرائيل” تستغلّها بدون مقابل أو اتّفاق.
كان سقف التوقعات لمشروع استخراج الغاز من سواحل قطاع غزة عالياً جداً، بالنسبة للسلطة الفلسطينية التى كانت تخطو خطواتها الأولى نحو استقلال اقتصادى باستغلال مواردها الطبيعية، ففى العام 1999 بدأ العمل فى المشروع من جانب صندوق الاستثمار الفلسطينى بشركات أجنبية أهمها شركة «بريتيش غاز» البريطانية، واستطاع المطورون اكتشاف ما يزيد على 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى
وكان من المتوقع أن يدر هذا المشروع للسلطة ما قيمته 2 مليار دولار، أى 50% من الأرباح، إلى جانب الاكتفاء الذاتى من الغاز لسد حاجة السوق المحلية، لكن المشروع، وبحسب صندوق الاستثمار الفلسطينى، توقف مع بدء انتفاضة الأقصى بسبب سيطرة إسرائيل على المياه الإقليمية الفلسطينية، واشتراط تل أبيب الحصول أولاً على موافقتها للسماح بمد أنابيب الغاز وتوريده للخارج، كما لم تسمح إسرائيل للسلطة بالاستفادة من المشروع لسد احتياجات السوق المحلية من الغاز، بدلاً من استيراده.
سرقة الغاز والنفط من قبل إسرائيل لم يتوقف عند الغاز والنفط الفلسطيني، بل تعداه ليصل إلى حقول الغاز في دول حوض البحر المتوسط، والتي تشمل سوريا ومصر.
فالدراسات تشير أن البترول والغاز موجودان على عمقٍ واحد وفي حوضٍِ واحد، يمتد من تحت بر فلسطين المحتلة وبحرها إلى بر وبحر لبنان وقبرص وسوريا وصولاً إلى تركيا، وبالتالي فإن من يحفر أولاً يكون بإمكانه أن يستخرج حصته وحصص الدول المجاورة من البترول، وهو ما قد يبدأ حربا على حقول الغاز.
في الحقيقة بدأت الحرب بالفعل، حيث تتنازع الآن إسرائيل مع سوريا وتركيا ولبنان وقبرص ومصر وفلسطين المحتلة- متمثلة فى قطاع غزة- على الأحقية المشتركة فى حقول الغاز المكتشفة حديثا بشرق البحر المتوسط، ويتمسك كل طرف بموقفه الذى يعززه بأن حدوده البحرية خط أحمر تندرج تحت طائلة السيادة الوطنية.
إلا أن إسرائيل كثفت أعمالها فى التنقيب عن الغاز الطبيعى والنفط فى أعماق المتوسط، وحسب قول نائب وزير التعاون الإقليمى الإسرائيلى أيوب قرا، فإن الدولة العبرية تسعى أن تصبح دولة مصدرة للغاز لكل دول العالم، وأوضح أن هذا لا يعنى التخلى عن اتفاقية الغاز مع مصر، ولم ترد مصر في حين تستمر في تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة مقارنة بالسعر العالمي.