من مقال منشور في مجلة الفورين بوليسي الأمريكية، ترجمة وتحرير نون بوست
ما الذي يحدث للعلاقات الأمريكية السعودية؟ بالرغم من الشكاوى الصاخبة من المسؤولين السعوديين الكبار من أن التحالف السعودي الأمريكي في خطر، إلا أن الرد الأمريكي جاء فيما يشبه التثاؤب بصوت عال.
الشكاوى السعودية وصلت للحد الذي جعل الأمير بندر بن سلطان “مايسترو المخابرات السعودية” يبدي الأسى الشديد من “التحول الكبير” في العلاقات بين الرياض وواشنطن في حديث له مع السفير الفرنسي في السعودية، الذي أخبر ملاحظاته تلك لبعض أصدقائه الأوروبيين.
وسواء أراد بندر تسريب تلك الشكاوى إلى الإعلام أم لا، فإن السعوديين لم يحاولوا سحب تصريحاته تلك أو نفيها، بل على العكس، رئيس المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل قال ملاحظات شبيهة في مؤتمر السياسيين العرب والأمريكيين في واشنطن قبل أسبوع.
وعلى افتراض أن العلاقات السعودية الأمريكية ستستمر في التدهور، فما الذي من الممكن أن يحدث؟ هذه سبعة سيناريوهات كابوسية يجب أن تؤرق المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون:
أولا: أن تستخدم السعودية البترول كسلاح
السعودية تستطيع أن توقف إنتاجها الذي تجاوز ١٠ مليون برميل يوميا، بطلب من واشنطن، التي طلبت من الرياض زيادة إنتاجها كي تعوض الفقد في البترول الناتج عن توقف الإيرانيين عن التصدير بسبب العقوبات الاقتصادية عليها.
إذا ما قررت السعودية تقليل إنتاجها، فإن أسعار المحروقات سترتفع بشكل غير معقول في الولايات المتحدة ما سيهدد الاقتصاد الذي يحاول التعافي، وستمتلك السعودية بذلك أثرا مباشرا على الرأي العام الأمريكي
ثانيا: أن تتواصل السعودية مع باكستان لتزويدها بصواريخ ذات رؤوس نووية
لفترة طويلة اهتمت الرياض ببرنامج إسلام آباد النووي. هناك مزاعم تقول أن المملكة مولت سعي باكستان للحصول على السلاح النووي. نواز شريف في ١٩٩٩، استقبل الأمير سلطان وزير الدفاع السعودي حينها في زيارة لمنشأة كاهوتا النووية، بعدها بأشهر أطاح الجيش بنواز شريف، الآن عاد شريف ليصبح رئيسا للوزراء بعدما قضى أعواما في منفاه في السعودية.
بإمكان السعودية أيضا كبديل لباكستان أن تعلن نيتها بناء مفاعلات لتخصيب اليورانيوم للحد من طموحات إيران، في إبريل ٢٠٠٩ قال الملك عبدالله لدبلوماسي أمريكي يُدعي دينيس روس: “إذا حصلوا -أي الإيرانيين- على سلاح نووي، فسنحصل على سلاح نووي”
ثالثا: إخراج الولايات المتحدة من البحرين
عندما هزت مظاهرات المعارضة الشيعية البحرين، قادت السعودية تدخلا خليجيا لدعم العائلة المالكة البحرينية، السعودية لديهم اليد الطولى في البحرين، بإمكانهم أن يطلبوا من المنامة طرد الأسطول الخامس الأمريكي ليخرج من البحرين، وهو ما يعني إنتهاء سيطرة البحرية الأمريكية على الخليج العربي.
الأمر لن يكون صعبا على البحرينيين بالمناسبة، فالعائلة المالكة قد ضاقت ذرعا بالنقد الأمريكي لقمعهم للمظاهرات الشيعية المطالبة بالمزيد من الحقوق. لكنه سيكون صعبا للغاية بالنسبة للأمريكيين الذين لن يستطيعوا إيجاد بديل للبحرين بمثل التسهيلات التي تقدمها لهم المنامة.
رابعا: دعم الثوار السوريين بسلاح نوعي وأكثر خطورة
السعوديين بالفعل يوسعون نفوذهم لدى الثوار السوريين، إلا أنهم حتى الآن “يقدرون” التحذيرات الأمريكية بعدم دعم الثوار من السلفيين الجهاديين بأسلحة معينة، خاصة تلك الأسلحة مضادة الطائرات المحمولة على الكتف، والتي لن تستطيع إسقاط طائرات الأسد فحسب، لكن أيضا طائرات مدنية. السعودية يمكنها أن تسلح الثوار بتلك الأنظمة الهجومية، مع التمويه على مصادر السلاح بحيث تتجنب أي لوم مباشر على المشاكل التي قد يسببها ذلك
خامسا: لماذا لا يدعم السعوديون انتفاضة جديدة في فلسطين المحتلة؟
الرياض كانت تمثل دوما ظاهرة صوتية في الاستياء من عدم تقدم محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية. فلسطين كانت السبب المعلن الأول لعدم قبول السعودية مقعد مجلس الأمن. الملك عبدالله رفض دعوة لزيارة واشنطن في ٢٠٠١ بحجة عدم ضغطها بالشكل الكافي على إسرائيل، بل وبالإضافة إلى ذلك، اذا استطاعت الرياض أن تلعب بورقة “العروبة” فإن ذلك سيرفع من أسهمها ليس فقط محليا وإنما على مستوى الوطن العربي والمنطقة.
سادسا: زيادة دعم نظام الانقلاب العسكري في مصر
السعودية الآن تمثل الراعي الأول لنظام الانقلاب العسكري في مصر. فبإعلان السعودية مباشرة عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي من السلطة دعمها لمصر بخمسة مليارات دولار، تكون قد سمحت لحكام مصر العسكريين بتجاهل التحذيرات الأمريكية ومن ثم قتل المتظاهرين بشكل وحشي.
بتعميق دعمها للنظام المصري، ستكبح السعودية جماح المطالبات الأمريكية بنظام ديمقراطي في مصر، الدعم الخليجي من الممكن أن يقنع الحكام الجدد بأن يزوروا نتائج التصويت في الاستفتاء على الدستور وانتخابات البرلمان والرئاسة المقرر عقدها قريبا
سابعا: أن تضغط السعودية من أجل الحصول على “مقعد إسلامي” في مجلس الأمن
المملكة أعلت صوتها كثيرا في رفضها الحصول على مقعد مجلس الأمن، من جانبهم طالب زعماء منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم ٥٧ دولة عضو أن تمثل المنظمة بمقعد دائم في مجلس الأمن
الولايات المتحدة من الممكن أن تستخدم الفيتو في إبطال أي قرار أو جهد تقوم به السعودية أو ذلك “المقعد الإسلامي” في مجلس الأمن، إلا أن المملكة حينها سيمكنها تفسير ذلك بكراهية الولايات المتحدة للإسلام، وهو ما سيدعم الصورة التي يمتلكها الشرق الأوسط عن الولايات المتحدة، وسيرفع من أسهم السعودية التي تدافع عن الدين في المقابل.